نقدم لكم اليوم قراءة في السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، وقراءة في الأوضاع الحالية جراء التحولات والتقلبات المحيطة بأحداث الشرق الأوسط، والتكتلات الناشئة بقيادة الولايات المتحدة، وتصويب الحربة نحو بعض دول المنطقة وخاصة نحو إيران.
هذا ما حدث في مؤتمر ميونخ للأمن، الذي ظهرت فيه مواقف تعبر عن تكتلات غربية وإقليمية متجددة واضحة تجاه المنطقة، تمثلت في المواقف الإسرائيلية والسعودية تجاه إيران بالتحديد، تدعمها التصريحات الأمريكية الأخيرة، والتهديدات والتحذيرات المباشرة الموجهة إلى القيادة الإيرانية، والتي تنتقد سياستها الخارجية الحالية، وتدخلاتها في شؤون دول المنطقة ودعم الإرهاب كما يزعمون.
فما هي استراتيجية الغرب تجاه منطقة الشرق الأوسط في الوقت الحالي؟
هل الأوضاع تتجه نحو التأزم، أم أنها مجرد تهويلات لتحسين ظروف التسوية لمفات الشرق الأوسط الساخنة، وعلى وجه الخصوص الملف السوري بين روسيا والولايات المتحدة؟
ما هي ملامح المرحلة القادمة في ظل هذا التوتر الساخن على كل الجبهات في المواجهات السياسية والميدانية بين هذه الأطراف؟
ما هو الرد الإيراني المنتظر بالرغم من أن إيران دعت إلى الحوار المباشر على مستوى الإقليم وعلى المستوى الدولي؟
بهذا الصدد علق الخبير بالشأن الأمريكي ستيفان صهيوني، قائلاً المواجهات والحروب المباشرة لن تحصل في أيامنا هذه ولا حتى في العامين القادمين، لنقل ذلك، والقوي هو من يتفادى الحرب، وليس من يدخلها، والحلف المقاوم الممتد من لبنان إلى سوريا عبر العراق إلى إيران مستعد للحرب ولكن لا يريدها، والولايات المتحدة لا تريد الحرب، انطلاقاً من أن الرئيس ترامب صرح بأنه يريد أن يجلس مع الرئيس بوتين لمناقشة الأوضاع على الساحة العالمية، وهو يريد أن يرتب بيته الداخلي، ويبني اقتصاد البلاد، وبطبيعة الحال الولايات المتحدة لا يمكن أن تدخل حربا لأنها غير قادرة، واقتصادها منهك، وهناك الكثير من المشاكل التي تعانيها الولايات المتحدة من الداخل، ونحن نعلم أن الشعب الأمريكي غير موحد خلف قيادته الجديدة ونرى المظاهرات القائمة الآن في ولايات عديدة، هذا عدا عن أن الجيش الأمريكي منهك، ونرى الخسائر التي تكبدتها الولايات المتحدة بدءًا من حربها على أفغانستان، وصولاً إلى الحرب على العراق، وخسارتهم في سوريا بعد انتصار الجيش السوري وحلفائه في حلب، هذا عدا عن الضعف الذي يعانيه حلفاء الولايات المتحدة ودول الغرب في منطقة الشرق الأوسط، فتركيا تعاني من اهتزازات ومشاكل داخلية كثيرة لا تسمح لها الدخول في حرب واسعة، وكذلك السعودية غرقت في المستنقع اليمني ولم تستطع حتى اللحظة أن تخرج منه، فهذه الدول لا تستطيع أن تقوم بحرب لا ضد إيران ولا ضد أي دولة أخرى، لذلك هم بدأوا في حرب التضليل الإعلامي من أجل تشتيت الرأي العام العالمي، ورأي شعوبهم، التي بدأت تسألهم لما أدخلتمونا في هذه الحروب؟ وأين أموالنا؟ وإلى ما هنالك.
ومن هنا نرى أن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تقوم بحرب حتى لو مولتها دول الخليج، وهذا التصعيد هو لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، في ملف القرم مع روسيا ، وفي أستانة، بخصوص الملف السوري، والملف اليمني، وملفات النفط والغاز، أو الملفات الاقتصادية الأخرى بين روسيا والولايات المتحدة، ما يجري "بروبوغندا" لا أكثر، وجميع الأطراف سواء الأمريكيين أو الروس أو السوريين أذكى من أن يدخلوا في مواجهة، ولو كانت الحرب ستحصل لحصلت في 2013 و2014، حين كانت الظروف الدولية مؤاتية.
أما السيد هادي أفقهي، فيقول بهذا الصدد:
في الحقيقية مثل هذه المؤتمرات، وما يسمى بمؤتمر ميونخ الأمني من المفترض أن تقترح فيه وتعالج قضايا استتباب الأمن والاستقرار، وليس التهديد والتصعيد الكلامي وإلى ما ذلك، مع الأسف استمعنا إلى كلام فيه نبرة التهديد ونشتم فيه رائحة حرب، وخاصة بما يخص تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، هذه التصريحات جاءت بعد تصريحات السيد علي لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني، الذي عبر التلفزيون توجه للعالم، وقال نحن مستعدون لأن ندخل مفاوضات مع الأخوة السعوديين، ولكن نسمع الجواب من الجبير يقول إن إيران تدعم الإرهاب، إذاً أين الإثباتات؟ وأين الأرقام؟ وأين الوثائق التي تتحدث عن دعم إيران للإرهاب؟
نحن كل يوم نسمع فتاوى إقصائية من هذا الشيخ أو ذاك، وهناك تفجيرات انتحارية قام بها سعوديون، وهناك قانون "جاستا" الأمريكي الذي يتهم تورط أمراء من السعودية بأحداث أيلول وتفجير أبراج التجارة العالمية في نيويورك، هذا من جهة ومن ناحية أخرى تصريح وزير الخارجية التركي الذي وقفنا إلى جانب بلاده عندما وقع الانقلاب يصب في نفس الخانة، فكيف يمكن لنا أن نحقق الأمن والإستقرار في مثل هذه الظروف؟
الحقيقة استراتيجية إيران هي استراتيجية حوارية، عقلانية وتفاهمية.
واذا لا سمح الله حدث شيء جدي على الأرض، إيران لن تسكت، وإيران معروف عنها أنها ترد الصاع صاعين، وحقيقة في كل محاولة وكل دعوة، إيران تسعى لتحقيق الأمن والمصالحة في سوريا واليمن، إيران تفضل التشجيع على الحوار، وعلى المشاركة بجدية وبصدق وشفافية، وفيما يتعلق بالحوار فقد انطلق السيد روحاني عندما جاءت الرسالة من الكويت بالنيابة عن شيوخ المنطقة ورد عليها بإيجابات طيبة، وكذلك قدموا أفكارا طيبة، واقتراحاته حلحلت من مصاعب المنطقة على مستوى العلاقات البينية بين إيران ودول الخليج، وقال إننا مستعدون لطرح ونقاش كل مسائل المنطقة وعلى مستوى العلاقات بيننا.
ولكن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة لا تريد ذلك وتمنعهم، هل ضربت السعودية يوما صاروخاً باتجاه تحرير القدس الشريف؟ وماذا عن الحرب في اليمن؟ وهناك صفقات سلاح بمليارات الدولارات.
عندما يتحدث عادل الجبير عن إرهاب إيران، نحن ندافع عن الشعب اليمني في إحقاق حقوقه، فيقولون تدخلت إيران، إيران تقول نحن ندافع عن مطالب الشعب البحريني ولم نتدخل ولا نتدخل في شؤون الدول الجارة، إيران لا تتخوف من هذه المواقف ولكن لا تريد التصعيد، إيران تذهب الى أستانة الى جنيف والى فيينا، هي أخلاقياً وعمليا لا تريد صنع قنبلة نووية، وشهد العالم كله على ذلك، وشهدت وكالة الطاقة الذرية على ذلك، فيأتي ترامب ليقول إن إيران تريد الحصول على قنبلة نووية، هذه فقط فزاعة، معنى ذلك أنهم مازالوا يعادون إيران بالرغم من كل الأدبيات والمواقف الإيجابية والمشاركات الفعلية لإيران من أجل استتباب الأمن والاستقرار للمنطقة وشعوب المنطقة.
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم