من المؤكد أن العديد من نجوم هوليوود سيستغلون صعودهم إلى أهم خشبة مسرح حفل في العالم، ليعبرون عن آرائهم السياسية بعد مرور خمسة أسابيع على تنصيب الرئيس ترامب، وانقسام العالم بشأن الرئيس الجديد وسياساته.
أما الذي يؤكد ذلك التوقع، فهو تكرار مثل تلك المواقف خلال الفترة الماضية التي شهدت العديد من المهرجانات الدولية، وكان أشهر تلك المواقف عندما وجهت نجمة هوليوود المخضرمة ميريل ستريب، الانتقادات لترامب في حفل توزيع جوائز غولدن غلوبز قبل أسابيع، الأمر الذي صورها كبطلة في هوليوود، وأثار عليها الرئيس الأمريكي وبعض من أنصاره، وهو ما فتح الباب للممثلين آخرين للحديث في هذا الأمر.
"بي بي سي" أشارت إلى أن آخر استبيان أجرته مجلة "هوليود ريبورتر"، أكد أن ثلثي مؤيدي ترامب قالوا إنهم سيغيرون قناة التلفزيون بعيدًا عن مشاهدة حفل توزيع الجوائز إذا أبدى الفائزون آراء سياسية.
والسؤال الآن هل إذا تمكنت ميرل ستريب من الفوز والصعود إلى المنصة، ستنتقد ترامب مرة أخرى؟.
المرشحة الأقوى لجائزة أفضل ممثلة هي النجمة إيما ستون عن فيلم "لا لا لاند".. إيما قالت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إن انتخاب ترامب كان "فرصة لنا جميعا للتوحد وفعل جل ما نستطيع للإفصاح بصوت عال (عما نريد) ولأن نكون شجعانا". وبعدها ابتعدت ستون عن الحديث كثيرًا منذ ذلك التصريح، واقتصرت في الغالب على القول إن "موهبة الإبداع الايجابية" يمكن أن تتجاوز الحواجز في أزمنة الانقسام والفرقة.
ناتالي بورتمان أدلت بدلوها أيضًا في هذا الجدل المثار حول ترامب، حيث عبرت بشكل واضح عن معارضتها للرجل. وإذا تمكنت من الفوز فأنها بالطبع ستؤكد على الخطاب الذي ألقته في المسيرة النسوية في يناير/كانون الثاني الماضي، والذي سخرت فيه من ترامب و"شكرته" لأنه أطلق "الثورة". وفي ذلك إشارة إلى حقيقة أنه حفز حركة جديدة مطالبة باحترام أكبر ومزيد من الفرص للنساء.
ماهرشالا علي نجم فيلم ضوء القمر (مونلايت) والمرشح لجائزة أفضل ممثل مساعد قام أيضًا بإلقاء خطاب قوي في حفل توزيع جوائز نقابة ممثلي الشاشة (السينما والتلفزيون) مؤخرًا، وضح خلاله كيف يعرض فيلمه ما يمكن أن يحدث للناس عند تعرضهم للاضطهاد.
وكشف علي بمناسبة الحديث عن إلغاء القرار الذي أصدره ترامب والمعروف بـ"قرار حماية الأمة من الإرهاب" والذي يمنع بموجبه سفر مواطني سبع دول إلى أمريكا، عن أنه تحول إلى الإسلام قبل 17 عاما، وأن والدته كانت قسيسة مسيحية، ولكنهما وضعا جانبا الخلافات في معتقداتهما التي هي "ليست بتلك الأهمية"، حسب تعبيره.
فيولا ديفز والرشحة بقوة لنيل جائزة أفضل ممثلة عن دور مساعد في فيلم "حواجز"، والتي سبق لها أن قالت في حفل جوائز الغولدن غلوبز إن أزمة الهوية التي تواجه أمريكا كانت "أكبر منه" دون التصريح باسم ترامب. من الممكن أيضًا أن تكرر فعلتها اليوم.
أما الموقف الأكثر راديكالية فاتخذه المخرج الإيراني أصغر فرهادي، والذي حصل سابقًا على جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي عن فيلمه "انفصال" في عام 2012، فعلى الرغم من ترشيحه هذا العام للجائزة نفسها عن فيلمه "بائع متجول"، إلا أنه أعلن أنه سيقاطع حفل الجوائز احتجاجا على محاولة ترامب منع دخول مواطنين من إيران وست دول أخرى.
فرهادي قال في بيان أصدره إنه "يوازي بين "المتشددين" في الولايات المتحدة وإيران، فكلاهما يؤطر العالم ضمن عقلية "نحن وهم".
صبغة سياسية ذات طبيعة أخرى قد تصبغ حفل الأوسكار هذا العام، ألا وهي محاولات إدارة المهرجان نفي تهمة العنصرية الموجهة إليها، بترشيح عدد كبير من ذوي البشرة السمراء إضافة إلى السيدات.
ويذكر التاريخ أن حفل الأوسكار شهد العديد الواقف التي عبر خلالها النجوم عن آرائهم السياسية المثيرة للجدل، مثل رفض الممثل مارلون براندو الحصول على جائزة أفضل ممثل بسبب موقف حكومة أميركا من الهنود الحمر. ولم يكتف براندو برفض الجائزة التي كانت عن دوره في الجزء الأول من سلسلة The Godfather، بل طلب من الممثلة ساشين ليتلفيزر أن تحضر محله في الحفل، وفي حال فوزه تصعد إلى المنصة لتنقل للجميع رسالته بأنه لا يرحب بالجائزة بسبب تعنت هوليوود تجاه الهنود الحمر —السكان الأصليون لأمريكا — والتي تنتمي ساشين إليهم.
الممثلة الأمريكية هالي بيري التي فازت في 2002 بجائزة أوسكار أفضل ممثلة عن دورها في فيلم Monster's Ball، كانت أول ممثلة أمريكية من أصل إفريقي تفوز بأوسكار أفضل ممثلة في التاريخ. وقالت بتلك المناسبة في خطاب قبولها للجائزة وهي تبكي متأثرة: "أقول الآن لكل إمرأة ملونة غير مشهورة إن الباب أصبح مفتوحا لكي ترقصوا".
وأكد تحقيق نشر عام 2012 أجرته صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية أن أعضاء الأكاديمية كانوا 94% من البيض و77% من الذكور. وقالت الدراسة إن الأعضاء الذين تم اختيارهم على أساس أعمالهم وبتوصية من الأعضاء الحاليين يبلغ متوسط أعمارهم 62 عاما.
كما وجد استطلاع لـ"رويترز" ومؤسسة "إبسوس" أن 34% من بين نحو ألف شخص ممن أجريت عليهم الدراسة يعتقدون أن هوليود لديها مشكلة عامة مع الأقليات. وقال 62% من السود الذين شاركوا في الاستطلاع إن صناعة السينما لديها مشكلة مع الأقليات، مقارنة مع 48% من كل الأقليات التي تم استطلاع رأيها.
وفي الحفل الـ87، بدأ الممثل نيل باتريك هاريس الذي قدم حفل الأوسكار بتوبيخ الأكاديمية على ترشيحاتها. وقال مازحا "الليلة نكرم أفضل العاملين في هوليود وأكثرهم بياضا". ثم قال "آسف.. أقصد ألمعهم".