ولفت الخبير الاستراتيجي إلى أن أحد أسباب لقاء رؤساء الأركان، قد يكون منع الوقوع في المحظور، "مع أنني في قراءتي الذاتية أستبعد الوقوع في المحظور، لأنه لاتوجد أي قوة تستطيع أن تتحمل تداعيات ذلك". وأضاف حسن "ليس من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية والغرب الأطلسي على الإطلاق الحديث عن مواجهة مباشرة، وكذلك الأمر بالنسبة لروسيا، بغض النظر عن أن تحذيرات للخبراء الإستراتيجيين في حلف الأطلسي تقول عن أنه في حال تمت هذه المواجهة فأنه يمكن للجيوش الروسية في غضون ساعات أن تدخل الى أكثر من مكان في مسرح عمليات إنتشار حلف الناتو، وأنا هنا لست في وارد مقاربة هذا الموقف لأنني أستبعده شخصياً".
ولكن حيث الدلالات — بحسب حسن- عندما تعلن إدارة ترامب أنها تريد الإنكفاء، ومن ثم نرى على أرض الواقع عكس ذلك، فهنا توجد إشارة تعجب. وأيضاً، عندما يصرح التركي بأنه إذا دخل الباب لن يسمح بدخول الجيش السوري، ولن يسلمها للدولة السورية بل لأصحابها، وتأتي تصريحات لاحقة بأنهم سيدخلون منبج في الوقت ذاته بعد أن تقدم الجيش العربي وحلفائه بعد تطهير تادف، نسمع بعدها تصريح آخر، بأنه لا مانع لدى تركيا من دخول الجيش السوري الى منبج وهذه أرض سورية.
وبيّن حسن أن هذا كله يدل على وجود متغيرات، والمتغير الأساسي هو العجز عن الاستمرار في هذا المشروع التفتيتي الذي يستثمر في الإرهاب، "وحقيقة الإستدارة التركية نحو روسيا في قراءتي الذاتية هو عبارة عن خطوة تكتيكية رسمتها الإستخبارات الأمريكية، وليست تركيا مؤهلة على الإطلاق، لا بحجمها السياسي، ولا الإقتصادي ولا العسكري، بأن تضطلع بمثل هذا الدور، الذي تم تسويقه في الإعلام على أنها يمكن أن تكون الضامنة لكل هذه المجاميع الإرهابية المسلحة، وكل مافي الأمر أن الأمريكي أراد أن يتابع الروسي كيف يتحرك، وكيف سيكون أداء الروسي الميداني، في الحقيقة الجميع يراقب الجميع والكل يمسك العصا من الوسط دون إستثناء".
وعن المخرج الرئيس والجوهري الذي يمكن البناء عليه، قال الدكتور حسن: يكمن المخرج في صلابة الموقف الروسي، فإذا رأت واشنطن ومن معها في الحلف الأطلسي أي تراخي في الموقف الروسي، قد يلجؤون إلى التصعيد أكثر، ومن هنا بقدر ماتكون روسيا حاضرة، وبقدر ما تدعم روسيا الإنجازات الميدانية المنسجمة مع القانون الدولي للجيش العربي السوري والحلفاء، بقدر ما يوفرون دماء في المنطقة، وبقدر ما يمنعون وقوع مواجهة مباشرة بين روسيا ومن معها من جهة، وبين الأطلسي من جهة أخرى. واعتبر حسن أن روسيا هي الآن "بيضة القبان"، وبقدر مايكون فعلاً الدفاع عن ميثاق المنظمة الدولية والقانون الدولي، بقدر ما يتم تحييد إمكانية التدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة ذات السيادة والعكس صحيح.
من جهته قال عضو مجلس الشعب التركي عن "حزب الشعب الجمهوري" سرقان طوبل في حديثه لـ"ما وراء الحدث": أود التأكيد على أننا نريد أن نعيش في سلام وأخوة مع جيراننا، ونحن نؤيد وحدة أراضي جيراننا دائماً.
وأشار طوبل إلى أن سياسة حكومة بلاده غير واضحة في الوقت الحالي، "أنا نائب من حزب الشعب الجمهوري المعارض، من محافظة هاتاي الأقرب إلى سوريا، وهي أيضاً قريبة جداً من الشعب السوري، وأنا شخصياً أقدر الشعب السوري وأحبه، والألم الذي تعيشه سوريا يؤثر على مشاعري بعمق شديد."
وبخصوص السياسة التركية نوّه طوبل بما شهدناه في الفترة الأخيرة من لقاء الرئيس أردوغان مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الولايات المتحدة ، تلاها زيارة رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وفي وقت لاحق قائد الجيش الأمريكي، "حينها أعطيت إشارة المد والجزر لسياسة تركيا الجديدة تجاه سورية للأسف، وعقب هذه الزيارات جاءت زيارة الرئيس أردوغان الى البحرين وقطر والمملكة العربية السعودية، ضمن جولة على دول الخليج".
وأكد طوبل أن تركيا اتبعت سياسة المد والجزر في سوريا، لكن عليها الآن التحرك في نفس الخط مع إيران وروسيا، وفي الحقيقة تركيا لم تعد في حاجة إلى إدارة مايجري في سورية ولم تعد قادرة أصلاً على إدارة الأوضاع، وبالأصل تركيا لا تريد تشكيل حكم كردي أو دولة كردية على حدودها مع سوريا، ولكن بعد التطورات الأخيرة عملياً تركيا شعرت بالارتياح، والذي حصل هو وصول الجيش السوري وسيطرة الحكومة على مناطق الأكراد، وبالتالي سحبت سوريا من يد تركيا ذريعة التدخل بحجة الأكراد.
وأسف طوبل أيضاً لأنه لا توجد سياسة خارجية متماسكة تحقق نقطة التقاء الرئيس أردوغان مع الرئيس بوتين أو رئيس الدولة الألمانية، "فأردوغان غير متوازن في سياسة التعاطي مع هذه الأطراف، فتراه اليوم يقترب من الولايات المتحدة ويتحالف معها، بعد يوم تراه يتوجه إلى التقرب من الرئيس بوتين والتعاون مع روسيا، أو تراه يتبع سياسة مغايرة ومختلفة تماماً عن ذلك، ونحن بصراحة لا نؤيد هذه السياسة وننتقد هذه التصرفات.
وأضاف: يجب أن نجد نقاط الإلتقاء ونلتقي مع الرئيس فلاديمير بوتين ومع الرئيس بشار الأسد، "الآن هناك حاجة ماسة إلى العمل معاً من أجل القضاء على الإرهاب، وفي الحقيقة لا توجد أي وسيلة أخرى للقضاء على الارهاب في منطقتنا إلا بالإتفاق وتوحيد الجهود، وإذا كنتم ترغبون في إنهاء داعش اليوم فيجب أن تجلس حكومتنا على طاولة الحوار مع كل من روسيا وسورية، يجب أن نكافح معاً ضد الإرهاب وعلينا أن نوحد الجهود.
وختم بالقول: نريد أن نعيش في سلام مع جيراننا، روسيا وإيران والعراق وسورية، إن هذه الشعوب إخوتنا أود أن يعلم الشعب السوري أن مصطفى كمال أتاتورك، كما تمكن من المواجهة والصمود عندما بدأت حرب التحرير ضد القوى الأجنبية في فترة انهيار الدولة العثمانية، فإن سورية ستتمكن وسيكتب التاريخ نفسه بنجاح على الرغم من كل هذا التدخل من قبل القوى الخارجية والمنظمات الإرهابية، ونقول نصف قلبنا هو في سورية التي ستهزم الإمبريالية في هذه المنطقة مرة أخرى.