بالفعل منعت سلطات مطار القاهرة جبريل الرجوب ومعه اثنين من قيادات "فتح" من دخول مصر مؤخراً، بناء على تعليمات المخابرات العامة المصرية، وجرى ترحيله من مطار القاهرة على الطائرة نفسها إلى بلاده عن طريق الأردن، وأكدت السلطات أن الرجوب كان لديه علم وإخطار بأنه غير مرغوب في دخوله مصر، بعد قيامه بالإساءة لها مؤخراً في أكثر من لقاء، والحديث عنها بشكل سيئ، خاصة بشأن دورها تجاه القضية الفلسطينية وعلاقتها بالرئيس الفلسطيني محمود عباس.
الباحث العسكري العقيد عمرو ناصف، قال في تصريح لـ"سبوتنيك": "في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2016، عقد المؤتمر العام لحركة فتح، وتم استبعاد محمد دحلان وكل أنصاره ومعاونيه من الحركة، وجميعنا يعلم الصراع تحت الطاولة بين أبو مازن ودحلان، المفصول من الحركة، والذي يحاول جذب عدد كبير من أعضائها وخاصة الشباب، من المعترضين على نظام أبو مازن، وعلى جانب آخر يحاول الرئيس الفلسطيني، أن يلملم شتات الحركة من حوله".
وتابع: "استبعاد دحلان أتى على خلفية تصريح أبو مازن، أنه يعلم من قتل عرفات ولكنه رفض إعلان اسمه، ورد دحلان وقتها بأن (أبو مازن غير موكل بتوجيه اتهامات، خاصة مع وجود لجنة تحقيق، وإذا كان هناك من قتل عرفات فأكثر المستفيدين هو من يجلس مكانه الآن)، في تصريح أشد قوة، تسبب في أزمة كبرى بينهما".
وأكد ناصف أن "مصر لديها قسم خاص في جهاز المخابرات العامة، لرعاية شؤون الفلسطينيين، فهم أهلنا وليسوا لاجئين، ومهمة القسم تسهيل أمورهم الحياتية داخل مصر، ومباشرة معاونتهم في أمورهم المعيشية، وبالتالي أي مؤتمر يعقد في مصر حتى لو بشكل شخصي أو تجمع لبعض أفراد فلسطينيين، يجب الحصول على إذن المخابرات، وهي الجهة المنوط بها إنهاء تراخيص كل الجهات الحكومية الأخرى، فالإشارة إلى أن المؤتمر الأخير في مصر تم عقده تحت رعاية المخابرات المصرية، ليس بتلك الصدمة الموجودة في العنوان، فأي شيء يحدث مع الفلسطينيين في مصر تحت عيون المخابرات للتسهيل والأمن فقط".
وأضاف العقيد عمرو ناصف أنه "بعد عقد المؤتمر في مصر، والمشادات زادت بين دحلان وأبو مازن، والقاهرة وقفت في موقع المراقب، فهي لا تريد الدخول طرفا في ذلك النزاع، فهما نفس الفصيل الواحد، وليس مثلما كان بين فتح وحماس، بين حكومة منتخبة وأخرى تحاول القفز عليها، وأكيد لن نتدخل".
وأضاف ناصف "في أواخر فبراير/شباط الماضي، نظم دحلان في مصر مؤتمراً بعنوان (شباب فلسطين يرسم خارطة المستقبل)، ونحن في مصر قلنا أهلا به وسهلاً، فهو عضو قيادي سابق بحركة فتح، وأتى بالشباب الفلسطيني لمصر، ونظم لهم مؤتمراً، وحصل على إذن رسمي".
وتابع: "في مؤتمر دحلان خرجت بعض التصريحات التي أغضبت البعض، من نوعية (يجب أن تتطهر حركة فتح، وأنها شابتها أغراض شخصية)، بسبب التلميح على أبو مازن وقيادات الحركة، والطبيعي بعدما حدث، أن يلاحق أبو مازن من حضروا المؤتمر، وهم أزيد من 140 شخصا، وصل عدد المعتقلين منهم إلى أكثر من 20، من غزة والضفة والقدس".
وقال العقيد عمرو ناصف إنه "حينما تم دعوة جبريل الرجوب من الجامعة العربية، لحضور مؤتمر حول الإرهاب، فإن منعه لم يكن على خلفية كونه ذا صفة دبلوماسية، ولكن كعضو قيادي في حركة فتح، فمصر كدولة حاضنة للجامعة العربية لا تمنع أي شخص ذو صفة رسمية، ولكنه أتى بصفة شخصية، وليس صفة رسمية".
وحول سبب المنع، قال الباحث العسكري "المنع جاء تفاديا لأن يتم المتاجرة باسم مصر في صراعات داخلية، فقررت القاهرة أن يخرج الصراع نهائياً من الأراضي المصرية، وخاصة بعد تصريحات أبو مازن، بأن دحلان يعمل على الأرض تحت رعاية مصرية سعودية أردنية إماراتية مشتركة، وتلك مهاترات ليس لنا دخل بها، فهذا صراع داخلي في حركة، أو في سلطة بين أفرادها، أحدهما تنساب السلطة من بين يديه، والآخر يحاول استقطابها بجماعاته، وهذا شأن ليس لنا به دخل، وأفضل شيء فعلته السلطات المصرية أنها حيدت نفسها بعيداً عن ذلك الصراع".
وقال العقيد عمرو ناصف في نهاية حديثه "أؤكد لكم أنه لن يتم إقامة مؤتمرات من ذلك النوع في مصر مرة أخرى، سواء من أفراد أو جماعات، رسمية أو غيرها، على الأقل في الشهور المقبلة، حتى تنتهي الخلافات في حركة فتح، فمصر هي الراعي الأول للقضية الفلسطينية، وذلك المنع ليس له أي مدلول سياسي من أي نوع، سوى أن مصر قررت تحييد نفسها تماماً من ذلك الصراع".