وسمعنا للمرة الأولى عن وزيرة تكره العطلات وتعشق العمل، حتى أنها قررت إلغاء إجازة السبت الأسبوعية في تحد صارخ لما عرف عن الشعب المصري من عشقه للإجازات.
المثير للإعجاب في هذه الحالة أيضاً عدم تذمر العاملين بوزارة الاستثمار والتعاون الدولي أو تجمهرهم اعتراضاً على حرمانهم من العطلة أو حتى طلبهم تعويض.. وهذا إنما يكشف عن روعة معدن هذا الشعب الأصيل الذي ما أن يثق ويقتنع بفكرة أو منهج ما إلا ويسخر كل طاقاته لتحقيق النجاح وإثبات الجدارة.
وشهدت الأيام القليلة الماضية تحركات مكوكية شملت لقاءات مفتوحة بين د. سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، والمستثمرين استمعت خلالها لآرائهم ومقترحاتهم لتحسين مناخ الاستثمار في مصر.. وقبل كل هذا تعرفت على العقبات والمشكلات التي تحول دون تنفيذ مشروعات إنتاجية كبرى تساهم في تنشيط حالة الاقتصاد وأعطت توجيهاتها لجميع مسئولي الوزارة بإيجاد حلول فورية، لا عاجلة، لتذليل كافة هذه العراقيل وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار من شأنها "فتح شهية" رجال الأعمال.
وفي الواقع فإن تحركات وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي لم تقتصر على استقبال المستثمرين بديوان الوزارة وإنما راحت تتبع استراتيجية الوصول، التي تعتمد بالأساس على الذهاب للهدف لا انتظاره، وهذا ما عبرت عنه زيارة "نصر" إلى إمارة دبي حيث التقت عددًا من صفوة المستثمرين لعل أبرزهم رجل الأعمال الإماراتي الشهير جمال الغرير، الذي يملك استثمارات عملاقة بـ 20 دولة في أربع قارات.
وأسفرت المباحثات عن إعلان "الغرير" إنشاء مصنع ضخم لإنتاج السكر بطاقة إنتاجية 450 ألف طن سنويا في مصر.. تلك الضربة الاقتصادية المبهرة التي من المنتظر أن تقضي نهائيًا على أزمة إنتاج واستيراد السكر بمليارات الدولارات مما ينهي للأبد كابوسًا مزعجًا عانى منه المواطنون خلال الشهور السابقة بسبب نقص الكميات المعروضة من السكر، حيث تنتج مصر 2.2 مليون طن في حين يستهلك المصريون 3.2 مليونًا، مما أدى لارتفاع سعره بصورة أرهقت كل بيت في مصر.
مكسب آخر لا يقل أهمية لهذه التحركات المكوكية للوزيرة النشطة، أننا أصبحنا أمام واقع اقتصادي جديد ينبني على الاتفاق مع المستثمرين على مشروعات مشاركة محددة، وهذا في الواقع هو كلمة السر في إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي تنتهجها الحكومة بخطى واثقة ويتحمل آثارها المواطن المصري لثقته في أن القادم سيكون أفضل.
وللمرة الأولى يتحول الحديث عن تنشيط الاستثمار من مجرد أحلام وتوقعات إلى واقع ملموس على الأرض.. ليكون شعار المرحلة الحالية: مضى عصر الأمنيات وجاء وقت الاستثمار عبر مشروعات محددة.
تقرير: سمير رمضان