دمشق-سبوتنيك.
وقال سليمان، في مقابلة مع "سبوتنيك"، إن "الاقتصاد السوري خلال سنوات الأزمة تعرض لهزات كبيرة، كان من شأنها أن تودي بالبلاد إلى الانهيار، إلا أن الاكتفاء الذاتي قبل الحرب منع حدوث ذلك؛ فسوريا لم تستدن دولارا واحدا باستثناء الخطوط الائتمانية التي فتحت مع إيران".
في الخامس عشر من آذار/مارس الجاري، تكمل الأزمة السورية عامها السادس مع الكثير من المتغيرات الداخلية على الصعيد الميداني بعد عودة مناطق واسعة من البلاد إلى سيطرة الدولة السورية، أهمها عدد من حقول النفط والغاز واستعادة الحياة في مدينة حلب التي تعد شريان الصناعة السورية والداعم الرئيسي للاقتصاد السوري.
هذا التطور الإيجابي الذي تشهده سوريا، يأتي فيما يواصل الجيش السوري، منذ نحو ست سنوات، قتالاً مريراً ضد العديد من المجموعات المسلحة المتطرفة ذات الولاءات المختلفة، أبرزها تنظيم "داعش" و"جبهة فتح الشام" (النصرة سابقاً)، وهما تنظيمان إرهابيان محظوران في روسيا وعدد من الدول.
وأدى القتال وفقا لآخر إحصائيات صادرة عن الأمم المتحدة إلى سقوط أكثر من 300 ألف ضحية، وتشريد وتهجير ملايين السوريين داخلياً، وإلى الدول المجاورة وأوروبا، فضلاً عن خسائر فادحة أصابت البنية التحتية وقطاعات الإنتاج في البلاد.
وأشار سليمان إلى أن الحكومة السورية رصدت، ضمن موازنة العام 2017 التي تعد أكبر موازنة سورية، اعتمادات لإعادة إعمار المناطق التي تضررت بفعل اعتداءات المجموعات المسلحة، علاوة على البدء بتنفيذ عدد كبير من المشاريع وترميم المعامل وتقديم الحوافز للصناعيين والتجار والتسهيلات ووضع سياسة نقدية مرنة إلى حد ما.
وأضاف "الحكومة السورية طرحت عدة مواضيع بشأن إعادة الإعمار، وتم طرح موضوع التشاركية، وبدأ المستثمرون الأجانب يأتون إلى سوريا لتنفيذ عدد كبير من هذه المشاريع، إضافة إلى الدول الصديقة وفي مقدمتها روسيا وايران والصين، أي أن عجلة إعادة الإعمار بدأت".
وقال "سندخل العام السابع لهذه الحرب الإقليمية والدولية التي تشن على سوريا من قوى الاستعمار القديم والجديد، ومن خلفها تنظيم القاعدة والإخوان المسلمون وداعش والنصرة(جبهة فتح الشام حالياً) وغيرها"، لافتاً إلى أن هذه الحرب استهدفت النموذج الرائع الذي حققته سوريا من حيث الأمن والأمان والتطور الاقتصادي.
واستطرد سليمان موضحاً أن سوريا صنفت بين عامي 2001 و2010 كواحدة من الدول ذات الاقتصاديات الناشئة وكواحدة من الدول الخمس الأكثر أمانا في العالم، إذ وصل النمو الاقتصادي خلال الخطة الخمسية التاسعة بين عامي 2001 و2006 إلى 5.7 بالمئة وفي الخطة الخمسية العاشرة 2006 الى 2011 وصل النمو الاقتصادي إلى 4.8 بالمئة أي كان المعدل الوسطي خلال العقد الأول بحدود 5.2 بالمئة، وكانت سوريا من الدول القليلة جدا التي حققت مثل هذه المعدلات من النمو".
كما أشار إلى أن متوسط الأسعار في سوريا كانت من أقل الأسعار، ونسبة التضخم كانت بحدود 8 بالمئة وتحقق، قبل الحرب، الاكتفاء الذاتي من القمح والمنتجات الزراعية والثروة الحيوانية واستقر سعر صرف العملة الوطنية؛ فكان سعر صرف الليرة السورية بين 47 و48 مقابل الدولار الأميركي.
كما كانت سوريا تعاني من تهريب الكثير من السلع من السوق السورية إلى أسواق دول الجوار، بسبب سعرها الرخيص، كما زادت نسبة التعليم وعدد المدارس ومنظومة الدعم الاجتماعي والإنتاجي.
وأشار الخبير السوري إلى أن الانعكاسات السلبية والخطيرة التي أوجدتها الأزمة على الاقتصاد السوري، لافتاً إلى أنه في العام 2012 بدأت رؤوس الأموال السورية بالهروب إلى دول الجوار بسبب الممارسات الإجرامية من قبل الجماعات المسلحة، وبدأ أصحاب رؤوس الأموال باستثمارها في هذه البلاد وبخاصة لبنان والأردن وتركيا من خلال بناء مصانع، ما اضطر الحكومة السورية إلى وقف العمل بالخطط الخمسية واللجوء إلى "عملية الترميم".
وتابع قائلاً "في الواقع انحدر معدل النمو الاقتصادي عام 2012 إلى حدود سالب 13 بالمئة، مع تراجع الصادرات وزيادة النفقات وتآمر الدول ارتفع سعر صرف الدولار مقابل الليرة إلى ما يزيد عن عشرة أضعاف أي أن معدل التضخم ارتفع بشكل كبير".
وأضاف "واجهتنا مشكلة في 2012 قلما يذكرها الاقتصاديون، وهي أن المتآمرين قاموا بتقطيع أوصال سوريا وجمعوا كل قواهم الإجرامية في حمص وعلى الطريق الواصل بين دمشق وكل من ريف دمشق ودرعا وحمص وحماه، وبدأوا ككرة النار وأحدثوا خللا فيما يعرف بالعالم الاقتصادي بقلة بالعرض وكثرة الطلب مما نتج عنه فجوة تسويقية كبيرة وبالتالي زادت الأسعار وكانوا أحيانا يميلون إلى أخذ بعض المواد مثل الخبز والخضروات والفواكه والأدوية ويتلفونها من أجل إثارة الشعب السوري إلا أن الشعب كان واعيا لهذا الموضوع".
وأشار الخبير السوري إلى صعوبة تقدير حجم الخسائر التي منيت بها بلاده بفعل الحرب عليها في مختلف القطاعات، مرجعاً ذلك إلى عدم إمكانية تقييم حجم الأضرار في مناطق مازالت خاضعة للإرهابيين كما في الرقة وإدلب شمالي البلاد.
واستطرد قائلاً "ومع ذلك فقد أجريت عام 2016، دراسة عن حجم الدمار الذي لحق بقطاعات الإنتاج والبنية التحتية، فتوصلت إلى أن الخسائر تقدر بنحو 300 مليار دولار، غير أن هذا الرقم لا يشمل الخسائر الاجتماعية وقتل العلماء والمفكرين وتقطيع الشجر والثروة الحيوانية والزراعية وغيرها.
وأشار الخبير السوري إلى أن الاقتصاد السوري بدأ بالانتعاش عام 2013 مع عودة بعض المستثمرين، فزادت المشاريع الاستثمارية قليلا، ليتحسن الاقتصاد بشكل أكبر عام 2014 وتتجه الأمور نحو الأفضل، معرباً عن تفاؤله بتحسن الاقتصاد السوري في العام الحالي. وقال "أعتقد أن معدل النمو سيبلغ صفر، إن لم يكن إيجابياً وعجلة الإعمار بدأت وستعود سوريا إلى ما كانت عليه عام 2010".