نتابع وإياكم اليوم تطورات الحالة السورية إنطلاقا من التطورات الراهنة وصورتها المقبلة، ما بين لقاء جنيف القادم، ولقاءات أستانا الحالية، والعوائق التي تضعها بعض الدول الإقليمية والغربية في وجه نجاح هذا اللقاء، بناء على التصريحات الحادة تجاه سورية والدور الروسي في سورية من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، في ظل غياب المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان ديمستورا، ورفض وفد المفاوضات العليا "وفد الرياض" المشاركة في هذا اللقاء مقدما شروط جديدة ومتوجها بالإتهام إلى روسيا بعدم التعامل بشكل جيد مع التطورات الحالية، وغياب مشاركة بعض فصائل الشمال التي تحظى برعاية تركية مباشرة، ماقد يعكس بالفعل دور سعودي تركي غير ايجابي تجاه المحادثات، هذا عدا عن الوضع الإقليمي والدولي المتخبط ، والذي بعثر مواقف هذه الدول التي لها علاقة مباشرة بالأزمة السورية، وعلى رأسها تركيا إقليمياً والولايات المتحدة الأمريكية دولياً.
المفارقة هنا هو أن التوافق بين السوريين، هو الأمر الذي لا يسعى اليه أي من الأطراف الراعية ، عدا روسيا طبعاً، ولم يستطع ان يحققه اصلا أي طرف بغض النظر عن النية المبيتة ، وفي الوقت ذاته تؤمن الأطراف المتداخلة كل وفق أجندته الإستمرار في عدم التوصل الى نقاط إلتقاء ، ليس فقط بين أطراف المعارضة وإنما بين أطراف المعارضة والحكومة السورية أيضاً.
إنطلاقاً من الواقع الحالي لابد من محاولة الإجابة عن الكثير من التساؤلات أهمها:
ماهو الهدف الحقيقي من عقد هذا اللقاء، وهل هو بالفعل خارج سياق أستانا "1 " وأستانا "2" والظروف المتعلقة به؟
هل تركيا جادة بالفعل مع روسيا لانجاح لقاءات أستانا؟
السبب الحقيقي لغياب ديمستورا عن هذا اللقاء هل هو نوع من التهرب من مسؤولية الأمم المتحدة لضبط الوضع في سورية؟
الأسباب التي جعلت وفد المفاوضات العليا يعلن رفضه الحضور للمشاركة والتصعيد تجاه روسيا وكذلك الأمر بعض المجموعات المسلحة على الجبه الشمالية التي ترعاها تركيا بشكل مباشر؟
السيناريوهات المنتظرة في المرحلة المقبلة ،والخيارات المتوفرة فعلا للوصول إلى توافق اقليمي دولي لحل جدي للقضية السورية ، أو على الأقل تحقيق الخطوة الاولى نحو مسار الحل السياسي؟
ماهي الخيارات الروسية في حال فشل أستانا؟
ماهي تداعيات عدم جدية تركيا في سياق أستانا على العلاقات الروسية التركية وخاصة بعد الاتفاقات التي وقعت مؤخراً خلال زيارة أردوغان الى موسكو ولقائه الرئيس بوتين؟
فشل أستانة إلى أي حد سيقرب موسكو من طهران ، ماقد يستدعي إعادة تفعيل قاعدة همدان العسكرية ،وتداعيات هذا الأمر على الوضع الجيواستراتيجي في المنطقة؟
ماهية التدخل الأمريكي المحدود في سورية وبناء البنية التحتية للقوات الأمريكية في الشمال السوري، هل هو للتواجد الدائم أم انه لمساومة روسيا في مجال تواجدها هناك؟
عضو المركز الدولي للدراسات الأمنية والجيوسياسية سومر صالح يقول بهذ الصدد:
وأردف السيد صالح قائلاً: هذا الاختبار سبقه ثلاث متغيرات حصيلة التفاعل والرسائل بينها(الديناميات) ستؤثر على السلوك التركي:
أولاً: اتفاق منبج العسكري برعاية روسية (2/3/2017)
ثانياً: اجتماعات انطاليا بين رؤساء هيئة الاركان الروسية التركية الاميركية(7/3/2017)، الذي اعلن واظهر فرزا واضحا بين المشروعين الاميركي والتركي.
ثالثاً: لقاء بوتين أردوغان في موسكو 10.03.2017
ويختم الخبير سومر صالح قائلاً: بشكل عام يمكن اعتبار استانة 3 مرحلة فاصلة ونهائية لاختبار جدية تركيا و ووفد الفصائل في التعامل مع الارهاب, وعدم بلورة اتفاق واضح على الفصل الجغرافي الواضح عبر خرائط متفق عليها وبرعاية الضامنيين, سيدخل سياق استانة في نفق مظلم ان لم نقل في عداد الموتى سياسيا
المستشرق والدبلوماسي الروسي السابق فياتشيسلاف ماتوزوف يقول:
هناك خيار واحد فقط برأي أمام من يعيق أستانة ، هو الإلتزام بقرار مجلس ألأمن الذي يطالب من كل الأطراف السورية الدخول في المفاوضات السياسية ، إلا تلك المنظمات المسجلة لدى الأمم المتحدة كمنظمات إرهابية ، وعلى رأسها "داعش" وجبهة "النصرة" والقوى المتعاملة معها ، وإذ كان هناك اليوم رفض من قبل بعض المنظمات المسلحة في المعارضة السورية الحضور الى أستانة ويرفضون الحوار السوري السوري ، فهو دليل أنهم أمام خيارين إما أن يتمسكوا بالهندنة ، أو ينضموا إلى المنظمات الإرهابية مع داعش وجبهة النصرة وكل المنظمات الأخرى.
وحول التداعيات التي قد تترتب على العلاقات الروسية التركية في حال فشل أستانة يقول ماتوزوف:
برأي لا توجد لدى تركيا نية بأن تسيء إلى العلاقات مع روسيا ، بالعكس إن تصرفات المعارضة السورية هي دليل على أن تركيا لاتسطيبع أن تؤثر على المنظمات المسلحة ، التي هي بالأصل برعاية تركيا وحلفها على الأراضي التركية ، ولكن يتضح أن المنظملت المسلحة تسيطر عليها أفكار الطرف الثالث الذي لايرد الحل السياسي في سورية ، هناك قوى لاتريد أن تطبق المبادىء التي تم الإتفاق عليها بين روسيا وإيران وتركيا ونتج عنها لقاءا أستانة.
طبعاً ، هذا الصراع يمكن أن يتطور بأشكال مختلفة ، سياسي دبلوماسي وإعلامي وأشكال أخرى ، ويمكن أن يصل الى الحرب الساخنة ، وهذا يوضح أن هناك قوى لاتريد تطبيع علاقات الدول العربية مع إيران ، وتفعل كل شيء لإحتدام النزاع بين إيران ودول المنطقة ، وروسيا تتمسك بمبدأ ثابت بمعالجة المشاكل في دول المنطقة بما فيها إيران ودول الخليج بما يخدم الإستقرار والأمن الإقليمي في المنطقة ، ولكن هناك كما قلنا قوى تريد إستنزاف كل الأطراف في المنطقة وفي سورية أيضاً.
أما بخصوص العلاقة بين روسيا والولايات المتحدة وتواجدها العسكري في سورية يقول السيد ماتوزوف:
طبعا دور الولايات المتحدة في سورية غير واضح حتى اليوم ، والإدارة الأمريكية الجديد لم تعيين المسؤولين عن منطقة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية حتى الآن ، وهناك تسارعات في النزاعات داخل الإدارة الأمريكية مع أجهزة الأمن والمخابرات والأجهزة الدبلوماسية القديمة ، وصراعات مع الصحافة ، والصراعات الأمريكية بطبيعة تنعكس على التطورات ، وعلى مواقف الأمريكية في الشرق الأوسط ، أنا لا أستطيع أن أقول أن التواجد الأمريكي من أجل مكافحة الأرهاب على أنه سلبي ، لكن كيف نسمي التواجد الأمريكي على الأراضي السورية…! دون موافقة الحكومة الشرعية في سورية ؟ الولايات المتحدة تعمل في سورية على إنفراد هو عامل سلبي ، لأنهم يؤيدون جزء من المعارضة السورية ، أو جزء من المناطق الكردية في سورية ، وهذا يؤدي الى تقسيم الدولة السورية ، وهذ يتعارض مع مبادىء الدول الإقليمية ، ومع مبادىء روسيا أيضاُ، وقد يؤدجي الى تقسيم سورية وإقامة دويلة صغيرة في الشمال السوري ، وهذا لايناسب لا تركيا ولا إيران والا الدولة السورية ولا العراق ولا حتى روسيا ، ولا الدول العربية ،روسيا لديها موقف ثابت تجاه هذا الأمر وروسيا هي تؤيد الحقوق المشروعة للشعب الكردي سواء في أو تركيا أو العراق وسورية ولكن في إطار الدولة وحرية إستخدام اللغة والثقافة وغيرها من المسائل التي ترتبط بحكم ذاتي ، لكن روسيا ضد تقسيم الدول وضد تأسيس دولة جديدة في المنطقة.
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم