تتحدث أم محمود لمراسل "سبوتنيك"، قائلة: الحرب سرقت مني الفرحة وأصبحت أعيش على الذكريات، استشهد وحيدي في معركة تدمر رغم أنه وحيد ولكنه آبى أن يبقى خارج نطاق الدفاع عن سوريا، فكان يقول لي…لا تحزني يا أمي فالبلد أغلى من الروح وعلينا أن ندافع عليها.
سرقوا الفرح…
تكمل أم محمود، لا شيء يضيفه العيد سوى ألم فوق ألم، فلا خاسر أكبر من الأم السورية، ومهما كان الطرف الذي تقف معه، فهي من دفعت الثمن أكثر.
"سرقوا منا الفرحة، وبتنا نعيش في حزن دائم، وغطى لون الدم على ورود العيد"، كلمات قليلة قالتها أم العبدالله لمراسل "سبوتنيك"، عبرت بها عن واقع تعيشه أغلب الأمهات السوريات في عيدهن.
عيون أم العبد الله ذرفت الدموع وتخشى لحظات الاحتضار والموت قبل معانقة ابنها الذي يحارب العصابات الإرهابية المسلحة في محافظة دير الزور، تذكرت عندما كان يفاجئها في هذا اليوم بقالب المرطبات وعليه اسمها، ويده الأخرى تحمل الورود التي تحبها، وأردفت قائلة: الآن لا هذا ولا ذاك، بعد أن كان يزين عيدي بذراعيه اللتين تحيطان بي.
أمنيات لنكران الواقع…
كما تعيش أمهات على أمل اللقاء بأبنائهن، هناك أخريات يعشن على النكران، ولا يصدقن فقدان الأبناء، فيتمنين أن يعود شخص "ميت" إلى حياته، بل وينتظرن المعايدة، والكثيرات منهن لم يأخذن مساحة كافية للتأقلم بعد على الوضع المؤلم الجديد.
وأكدت أم محمد، أن أجمل هدية لها في عيد الأم هي أن تضع الورود على قبر أولادها ولا تظن أن هناك عيدا الآن للأم، في سوريا الشهيدة، وتساءلت بأسى "لمَ الاحتفال ولمَ العيد ويومياً يموت الآلاف، شو بقي عنا لنعيش؟ كل شيء بنيناه تهدم، راح البيت.
لم تستسلم للحزن…
لم تقف معاناة الأم السورية عند فقدان الابن، فهناك من فقدت أمها ولم يعد لعيدها طعما أو معنى، سوزان جوراني من محافظة حمص، تحاول ألا تستسلم للحزن من خلال زيارة قبر والدتها، ففي هذه المناسبة تضع الزهور وورقة كتب عليها عبارة "يخليلي ياكي يا ست الحبايب".
تقول سوزان ذات 9 أعوام استشهدت أمي أمامي، دون أن يستطيع أحد إنقاذها، وما زال يعذّبني مشهد جسدها الغارق في الدماء، واستكملت "لم أستطع أن القيام بأي شيء فالقذيفة التي سقطت بالمنزل أخذت أغلى ما أملك وهي أمي.
وبالرغم من أن سوريا كانت الدولة الوحيدة التي أصدرت مرسوما عام 1988، باعتبار 21 آذار من كل عام عطلة رسمية إيمانا بمكانة الأم، إلا أن السوريات لم يحتفظن بتلك المكانة للعام السادس على التوالي منذ الحرب الدائرة هناك.
ووقفت أحلامهن على باب العيد دون أن يحمل هدايا غير لوعة الفراق، وخوف من المستقبل القادم، فضلا عن متاعب وصعوبات التهجير.
تقرير: نور ملحم