وخاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تتمحور في سورية وحول سورية منذ عدة سنوات ، مذ أن بدأ تنفيذ مشروع ما يسمى "الربيع العربي" ، حيث بات المشرق العربي ساحة الإقتتال والتمزيق وتدمير جيوش ومقدرات الدول العربية ، من العراق كخطوة أولى في عام 2003 ، حتى وصلنا إلى هذه اللحظات العصيبة التي تعصف بكل المنطقة ، في كل دولة على حدة أو مترامية الأطراف في دول أخرى ، وتتقاطع بين دول أخرى بحكم الجغرافيا والخرائط الجيوسياسية والمصالح الإقتصادية وما عداها ، لتعود وتلتقي عند ذاك الذي تاه في غمرة هذه التشابكات على المستويين الإقليمي والدولي ، بحثاً عن الحصة الكبرى في كعكة "الربيع العربي" المحروقة ، والتي فاحت رأئحة الدم والقتل منها إلى ما شاء الله قدر وفعل ، وتطايرت شظاياها حتى وصلت إلى الغرب الذي جاء منه هذا الشر ، الذي راح يستخدمه ويستثمره كل طرف وفق ما يحلو له أو بالأحرى وفق أجنداته ومصالحه الخاصة ، بعد أن تفتت خارطة الطريق إلى ما سمي بالشرق الأوسط الجديد.
لا فرق لدى هذه القوى كم من البلدان سوف تدمر وكم من الأبراياء ستسفك دماؤهم ، ليس في الشرق الأوسط فقط بل في كل العالم المضرج بالدماء التي تسيل كنتيجة حتمية ومحسوبة أصلاً في تنفيذ مخطط القرن، أو تطبيق الخطة المئوية الجديدة التي مازالت طي الكتمان قهراً وليس رغبة ، في ظل هذا السواد الذي تعمه الانقلابات وفوضى السلوكيات في التعاطي مع كل ما يجري لم يعد يعرف أحد ، من مع من؟ ولا من ضد من؟ ومن سيغدر بمن؟ ومن يلتقي أو يتعارض مع من؟ على مبدأ أحد مسلسلات المقالب الاجتماعية السورية "مطيمشة ومنيمشة ".
نعم لقد تحولت الفوضى الخلاقة التي أتوا بها إلى الشرق العربي ، إلى فوضى عالمية أقرب إلى ما هي خارجة عن السيطرة ، وما يحدث حاليا في دول الغرب كفيل بشرح الكثير من المشاهد ، وآخر مثال على ذلك الهجوم على مجلس الوزراء البريطاني مع غموض الحادثة ، وغياب تفاصيل حقائق ما جرى ويجري ، وقبلها في فرنسا ، فمن نتهم هنا؟ هل نتهم السياسات الغربية ذات المصالح المتناقضة أصلا فيما بينها وفي الشرق الأوسط وحتى العالم ككل؟
ام نتهم الأبناء المدللين لهذه الدول من الإرهابيين والمجموعات المسلحة التي بدأت تعض اليد التي امتدت لها؟
ام نتهم زعماء وقيادات بعض الدول الإقليمية ممن رعوا الإرهاب ودعموه بكل ما لديهم من قوة وإمكانات حتى وصل البل الى ذقونهم؟
وهل ياتي تصريح أردوغان مؤخراً إثر التوتر الذي حصل بينه وبين بعض دول الاتحاد الأوروبي في هذا السياق المنحرف ؟
حيث قال أردوغان وعلناً قبل حادثة فرنسا ولندن بوقت قصير جداً ، إن المواطنين الأوروبيين لن يكونوا آمنين في شوارع أوروبا ، وهنا يطفو الى السطح تساؤل مهم وخطير ويختصر بكلمتين: ما الخطب؟
والإجابة عليه صعبة للغاية في ظل البحث بين الواقع والحقيقة ، وبين التهور الذي تعودنا عليه من تركيا ، ومن أردوغان شخصياً، فهل هذا التهور مقطع أكشن من مقاطع أردوغان الهوليودية ؟ أم أنه يعود الى ما كتبه الكاتب التركي البروفيسور أحمد نيسين…!!! الذي توجه إلى أردوغان بالسؤال عن هوية رئيس وزراء إحدى الدول الأوروبية ، حيث قال له أردوغان إن لم تنفذوا ما أطلبه منكم فإنني سوف أرسل إليكم أكثر عناصر تنظيم داعش خبرة بدلاً من أن أرسل لكم اللاجئين ، حينها سأله رئيس وزراء تلك الدولة ، أتسمع أذناك ما تقوله يا سيد أردوغان ؟
هذه المحاورة وفق ماجاء في حديث الكاتب البروفيسور التركي "أحمد نيسين"
والتي صلت إليه من أحد أهم الإعلاميين في دول الإتحاد الأووربي ، وهنا يتبادر الى الذهن سؤال جداً مهم ، بناء على هذا الحديث بين أردوغان ورئيس وزراء تلك الدولة ، ألا وهو: هل يمكن لأروربا أن تتهم أردوغان وحزبه وحكومته بالإرهاب؟
بالفعل وفق التقاير الإعلامية والأخبار الموثقة نرى أن الهجمات الأخيرة التي قامت بها المجموات الإرهابية المسلحة على مختلف الجغرافيا السورية ، من كل مكان ومن كل حدب وصوب ، من فوق الأرض ومن تحت الأرض ، شاركت وتشارك فيها الفصائل المسلحة التي وافقت على وقف إطلاق النار ، وذهبت الى طاولة الحوار في أستانة التي اغتيلت اجتماعاتها مرات ومرات ، وكانت تعود الى الحياة مرة أخرى بقدرة قادر ، ارتكزت عليها العمليات النوعية للجيش السوري وحلفائه الروسي والإيراني ومن معهم من قوى المقاومة. إذا كيف إستطاعت سورية وروسيا أن تخدع الجميع في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة ؟
أنتهت فصول المسرحية الكبرى للشرق الأوسط الكبير ، وتكسرت مجازيف أبطالها على أسوار دمشق ، بالرغم من هول القتل والتدمير الذي يحاولون فعله ، مهمتهم إنتهت فتركوهم ينتحروا ليتخلصوا منهم أفضل من أن يسلموهم إلى صاحب الأمر بمقايضة خاسرة بكل جوانبها.
فهل سترضى هذه القوى وهذه الدول ومن معها من أذرع الإرهاب الحامل للموت بهذه الهزيمة ؟ أم سيرضون بالموت بما أن شعاراتهم الأولى كانت "الموت ولا المذلة " ، أو يلجأون إلى الله مؤمنين تائبين وهم من ناداه "يالله مالنا غيرك يالله " ؟
فشل الجميع الأصيل والوكيل أمام الحنكة الروسية السورية وحلفائهما ، ما فرض واقعا جديدا سيبرد الرؤوس الساخنة في الغرب ، اما الولايات المتحدة فهي أجبن من أن تلجأ إلى تصعيد أكبر من ذلك لأن براغماتيتها ومصالحها أهم من أي شيء آخر، ويبقى من تبقى في الإقليم من دول تعلم تماماً أنها لا تعدو سوى فرق حساب ، والمهم بالنسبة إليهم منها هو دفع ما تبقى من الفاتورة لمسلسل بائس فاشل في الإخراج والسيناريو والتمثيل.
(المقال يعبر عن رأي صاحبه)