هكذا تحدث القاضي الشرعي الأول في دمشق القاضي محمود معرواي، في إشارة منه إلى انتشار ظاهرة الزواج العرفي في البلاد، بلا شهود أو من دون حضور ولي الفتاة، كاشفاً عن ورود العديد من الحالات إلى المحكمة الشرعية لفتيات يرغبن في تثبيت أو تسجيل زواجهن، وتم العقد خارج المحكمة من دون شهود أو وليها.
ولفت المعراوي إلى أنه تواصل مع والد الفتاة، وتبيّن له أن والدها يقيم في أحد أحياء العاصمة وسط دمشق وليس محاصراً كما ادعت الفتاة، وأضاف: حينما مثل الوالد أمام المحكمة الشرعية أبرز وثيقة تبيّن أن لدى الشاب الذي ترغب ابنته في الزواج منه أربع سوابق جنائية، فتم رفض هذا الزواج باعتبار أنه لا كفاءة بينهما ووليّها غير راض عن هذا الزواج.
وأكد خلال محاضرة ألقاها في فرع نقابة محامي دمشق العديد من القصص التي وردت إلى المحكمة الشرعية، منها أن إحدى النساء التي بلغت 45 من العمر طلبت تثبيت زواجها العرفي باعتبار أن الزوج يرفض تثبيت هذا الزواج.
وكشف المعراوي أن المرأة أعجبت بالرجل فأرسلت له أنها ترغب به كزوج لها، فوافق على طلبها وقال لها: ردّدي معي صيغة الزواج فقالت له: ألا يحتاج إلى شهود؟ فأجابها: على المذهب المالكي يجوز مثل هذا الزواج!
وأكد القاضي معرواي، بحسب ما نقلت عنه صحيفة "الوطن" السورية، أن المرأة كانت تلتقي بهذا الرجل في بيتها علماً أن لديها ولدين، إلا أنها تستغل غياب ولديها عن البيت ثم تحدث بينهما المساكنة، وقال: إن هذا الزواج السّري ومن دون الشهود هو فاسد باعتبار أن المالكية اشترطوا الإشهار قبل الدخول واعتبروا عدم إشهار الزواج يبطله.
وأوضح المعراوي أن من بين القصص التي وردت إلى المحكمة قصة قاصر لا يتجاوز عمرها 12 سنة، أرادت أن تثبت زواجها وأنجبت طفلاً وحينما سألها: في أي سن بلغت؟ أجابت: في التاسعة من عمرها وبعدها تزوجت.
وبيّن معرواي انتشار الزواج العرفي في المجتمع السوري، مشيراً إلى أن قسما منه يتم من دون شهود أو بطريقة سرية أو من دون حضور ولي الأمر، وأوضح أن الزواج العرفي الذي يتم خارج المحكمة الشرعية وهو ليس معروفاً إلا عند المسلمين، باعتبار أن الزواج عند الطوائف الأخرى يخضع لشكليات تدخل في صلب انعقاد العقد ولا تتم إلا به، ضارباً مثلاً أن الزواج في الدين المسيحي لا يتم إلا في الكنيسة.
وبيّن القاضي أن الزواج لا يحتاج إلى شكليات، بل يتم في أي مكان سواء في البيت أم الشارع أم في المسجد ولا يحتاج إلى رجل دين بل يكفي حضور طرفي العقد والشاهدين وولي الأمر مضيفاً: الزواج هو عقد مدني باعتباره يتم وفق إيجاب وقبول.
وقال إن للزواج العرفي تسميات عديدة منها كتاب الشيخ أو العقد البراني وكلها تحت مسمى العرفي الذي يتم خارج المحكمة الشرعية أو أنه لم يسجل في وثيقة رسمية.
وأضاف أن العقد العرفي إما أن يكون صحيحاً تتوافر فيه شروط الانعقاد والصحة، وإما أن يكون باطلاً لا تتوافر فيه شروط الانعقاد، وإما فاسداً بسبب عدم توافر شروط الصحة فيه.
وأكد القاضي أنه لا يجوز تزويج القاصر إلا بعد موافقة وليها الأب أو الجد، وأن تكون أتمت البلوغ الشرعي وجسدها مهيأ للزواج وألا يكون هناك فارق في السن بينها وبين الزوج.
وقال: إن معدل البلوغ عند الفتيات حالياً 11 سنة وعند الشباب 13 سنة، وهو المقصود بالبلوغ الشرعي، في حين إتمام الأهلية هو أن يبلغ الشاب 18 من عمره والفتاة 17 من عمرها.