جنيفر — ليس اسمها الحقيقي — واحدة من بين 38 قاتلة متسلسلة في ألمانيا تم إدانتهن بارتكاب 145 جريمة قتل إجمالا. شتيفان هاربورت /52 عاما/، الخبير الألماني في جرائم القتل المتسلسلة، قيّم لأول مرة ملفات كافة السفاحات الشهيرات في ألمانيا لإجراء دراسة شاملة استنادا إلى بياناتهن. ووضع محقق الشرطة المنحدر من مدينة دوسلدورف نتائج دراسته في كتاب جديد بعنوان "نساء قاتلات".
تمكن هاربورت خلال إجرائه الدراسة من التحدث بنفسه مع أربع قاتلات متسلسات في السجن. يقول هاربورت إن التحدث إلى هؤلاء النساء كان أصعب مقارنة بالقاتلين المتسلسلين من الرجال، وأضاف: "النساء كن يشعرن بالخجل من جرائمهن".
وخلص هاربورت في بحثه إلى الاستنتاج التالي: بينما يرتكب القتلة المتسلسلون من الرجال جرائمهم بدافع الطمع أو الجنس أو السطوة، تقتل النساء بدوافع أكثر براغماتية، تتعلق في الغالب بالرغبة في التخلص من المشكلات والنزاعات.
فإذا نجحت هذه الاستراتيجية المتطرفة في الحل مرة، فإنهن يلجأن إليها مجددا إذا لزم الأمر بعد أن كسرن بالفعل حاجز القتل لأول مرة. يقول هاربورت: "اكتشفت حالة واحدة فقط في سويسرا، حيث كانت امرأة تقتل بدافع الرغبة البحتة في القتل. في ألمانيا لم أرصد حالة واحدة على هذا النحو منذ الحرب العالمية الثانية".
وبحسب الدراسة، فإن القاتلات المتسلسلات يكن في المعتاد متزوجات وغير ملفتات وليس لديهن سوابق جنائية، ويكن على علاقة بضحاياهن إما شخصية أو مهنية، وبالتالي فإنهن ينفذن جرائمهن إما في منزلهن أو في مكان عملهن، وذلك على عكس القاتلين المتسلسلين من الرجال. يقول هاربورت: "في معظم الحالات تجد القاتلات أنفسهن في مأزق شخصي أو مهني، وتعتقدن أنه ليس بإمكانهن الخروج من هذا المأزق إلا بقتل الضحية".
وترى أستاذة العلوم الجنائية في جامعة جيسن الألمانية، بريتا باننبرغ، معقولية في هذا التحليل: تقول باننبرغ: "عندما تقتل نساء شركاء حياتهن على سبيل المثال، فإنهن نادرا ما يفعلن ذلك بغرض أن يصبحن أرامل جشعات، بل لرغبتهن في التخلص من مشكلة". ويختلف الأمر من وجهة نظر باننبرغ في حالات قتل المرضى على يد نساء، حيث تقول: "الدافع هنا يكون في الغالب السطوة".
واكتشف هاربورت أنه على عكس ضحايا القتلة المتسلسلين من الرجال، فإن ضحايا السفاحات يكن في الغالب إما صغارا للغاية أو كبارا للغاية. ويرجع ذلك إلى أن جرائم القتل المتسلسلة، التي يكون ضحاياها من الأطفال أو المرضى، كثيرا ما ترتكبها نساء.
وبحسب الدراسة، فإن 18% من جرائم القتل المتسلسلة التي تم إصدار أحكام بشأنها في ألمانيا ارتكبتها نساء. وفي جرائم القتل أو الضرب الذي أفضى إلى موت بوجه عام تبلغ نسبة النساء المدانات 12%.
وبسبب الاعتقاد السائد بأن النساء لا يقدرن بوجه عام على القتل المتسلسل، تكون الصدفة في الغالب هي البطل في كشفهن وردعهن. وبحسب الدراسة، فإن السفاحات المدانات يتم الإيقاع بهن عقب ستة أعوام ونصف من ارتكابهن جريمة القتل الأولى في المتوسط، ويرتكبن خلال هذه الفترة ما يتراوح بين أربع وخمس جرائم قتل. ويرجح هاربورت لذلك أن هناك عددا كبيرا من الحالات التي لم تُكتشف بعد. ويقدّر هاربورت عدد هذه الحالات في ألمانيا بنحو مئة قاتلة متسلسلة.
وفي بعض الحالات قتلت نساء أنفسهن بعدما وقعن تحت الاشتباه، بينما تمكنت أخريات من الإفلات من العقوبة بسبب عدم إثبات التهم ضدهن، وهناك أخريات لم تُكتشف جرائمهن تماما حتى الآن. يقول هاربورت: "أمام كل قاتلة متسلسلة تم الكشف عنها، هناك قاتلة أخرى لم تُكتشف بعد. هذا تقدير جاد… أرجح أن يكون في ألمانيا حاليا عشرون قاتلة متسلسلة غير معروفات وطليقات. أنا متأكد من أننا سنكون في استقبال مفاجأة أو اثنتين".
وتلقى هاربورت، الذي نشر نحو 20 كتابا عن جرائم القتل المتسلسلة، انتقادات عندما ذكر عام 1999 أنه يقدّر عدد القاتلين المتسلسلين الطلقاء في ألمانيا بثمانية على الأقل. يقول هاربورت الآن: "فيما بعد اتضح أنه تم التحقيق خلال هذه الفترة مع 40 قاتلا متسلسلا. لقد كان تقديري منخفضا جدا".
وفي أحد السجون بمنطقة نيدرراين تقبع على الأرجح حاليا أسوأ قاتلة متسلسلة في ألمانيا بعدما أدانتها محكمة بتهمة قتل 18 شخصا والشروع في قتل 17 آخرين. هذه السفاحة كانت تعمل في مجال رعاية المسنين، الذين وقعوا ضحية لجرائمها في ثمانينيات القرن الماضي بمدينة كولونيا.
وبحسب الدراسة، تميل القاتلات إلى استخدام وسائل أكثر "لينا" من الرجال في القتل. فبينما يلجأ القاتلون المتسلسلون إلى المسدس أو البلطة أو الهراوة في تنفيذ جرائمهم، تفضل السفاحات استخدام الوسادات أو السم.
ومثل الرجال، فإن متوسط عمر القاتلات المتسلسلات في ألمانيا يتراوح بين 20 و 40 عاما، ويكن ألمانيات وحصلن على تعليم مدرسي أساسي أو متوسط، وينتمين إلى الطبقة الدنيا أو المتوسطة. يقول هاربورت: "القاتلات المتسلسلات هن أي شخص عادي".