المسئول جهة واحدة
يقول أسامة الهتيمي، الكاتب و الباحث السياسي، إن التفجيرات التي استهدفت اليوم الأحد كنيستين في كل من طنطا والأسكندرية، بعد أقل من أربعة أشهر على حادث تفجير الكنيسة البطرسية في العباسية بالقاهرة، تكشف عن حالة تراخ أمني شديدة وعدم استفادة من حادث البطرسية.
وتابع الهتيمي، لـ"سيوتنيك"، إذ كان يفترض أن تكون الأجهزة الأمنية قد وعت جيدا أهمية التأمين الأمني للكنائس، خاصة خلال احتفالات المسيحيين المصريين ببعض الأعياد أو المناسبات الدينية فضلا عن التحذيرات التي كانت قد أطلقتها بعض العناصر عن اعتزامها تنفيذ تفجيرات وهو ما يؤكد بشكل جلي تركز جل اهتمام الأجهزة الأمنية على الأمن السياسي فحسب.
وأضاف، تلفت هذه الأحداث أيضا إلى أي مدى توغل تنظيم داعش الإرهابي في المحافظات المصرية، وأنه أصبح يمتلك قدرة كبيرة على التخطيط لعملياته وتنفيذها بسهولة وهو ما يعني أنه من المرجح أن تتواصل مثل هذه العمليات في الفترة المقبلة، وأنه يمكن أن تستهدف مؤسسات ومنشآت أخرى بخلاف الكنائس.
وأكد الهتيمي، أن تشابه طريقة تنفيذ مثل هذه العمليات يؤكد أن المسئول عنها جهة واحدة، وهي بكل تأكيد جهة لا تلتزم بمعايير دينية أو وطنية، ومن ثم فهي أيضا لا تعبر عن أطراف سياسية مناوئة للنظام إذ أن هذه الأطراف حسمت موقفها منذ البداية وأكدت أن صراعها مع النظام السياسي القائم صراع سلمي لا يتخذ العنف منهجا.
غير أن من التداعيات الخطيرة التي يمكن أن تترتب على هذه الحوادث هو استمرار المعالجة الأمنية الخاطئة للإرهاب وبطبيعة الحال فإن هذه الحوادث تؤكد أمرين مهمين أولها أن الحديث المتكرر من قبل بعض المسئولين الأمنيين حول القضاء على الإرهاب، أصبح حديث للاستهلاك المحلي، ومن ثم فهو يحتاج إلى مراجعة وترشيد، وثانيهما أهمية أن تتجاوز البلاد هذه المرحلة العصيبة من تاريخها وأن تتحدث الأطراف العاقلة في البلاد بصوت عالي يفرض على المتنازعين السماع لهم حتى يصبح الوطن جاهزا وقادرا على مواجهة خطر الإرهاب.
ويرى عادل جرحس، الكاتب والباحث القبطي، أنه لا يجب علينا أن ننظر تحت أقدامنا فالتفجيرات المتوالية للكنائس لا يستهدف من ورائها الأقباط، ولكنها أهداف مرحلية ضمن استراتيجية مخطط لها جيداً لإضعاف قوة مصر الأمنية والعسكرية من قوى تستهدف أسقاط النظام والدولة، و مما لاشك فيه أن وراء تلك الحرب جماعة الإخوان المسلمين، والتي تسعى لانهاك قوة مصرالأمنية والعسكرية من خلال جر الدولة الى حرب استنزاف طويلة المدى، يتم من خلاله ارهاق القوى الأمنية والعسكرية في مصر، ومن ثم يسهل مواجهتها مواجهة عسكرية مباشرة والقضاء عليها وامتلاك مفاصل الدولة واختطاف الحكم مرة أخرى.
وتابع، وهى في ذلك تتحرك على محورين الأول هو محور العمليات في سيناء، من خلال حرب عصابات لتشكيلات صغيرة مدربة، وعمليات متتالية لا يهم نجاحها أو فشلها، ولكن الهدف من ورائها أن تحشد الدولة المزيد من قوتها العسكرية في سيناء، تلك القوات التي تحتاج إلى انفاق مبالغ كبيرة لتسليحها وهو ما يعد عبء على الاقتصاد الذى يتعافى أما المحور الثاني فهو استهداف الكنائس لما يحثه هذا من غضب شعبي للأقباط، وهم فئة كبيرة في المجتمع لتجد الدولة نفسها مرغمة على زيادة تأمين وتعقيم الكنائس وتدفع بالمزيد من الافراد و الأسلحة ومعدات التأمين الى الكنائس خصماً من القوه الأمنية الكلية للبلاد، وهو بالتأكيد ما يمكن أن يؤدى الى ثغرات أمنية يمكن للإرهاب استغلالها في بعض العمليات، ويعتبر شرذمة أمنية تضعف من قوة الشرطة في المواجهات الأمنية المختلفة وسيناريو 25 يناير في اسقاط الشرطة ليس ببعيد عن الاذهان فالهجوم على الكنائس هو محور فرعى من عدة محاور يسعى الإرهاب للتعامل معها من خلال حرب استنزاف لن تحسم قريباً الغرض منها القضاء على القوى الأمنية والعسكرية للدولة واختطاف الحكم
القتلى مصريين
أكد الدكتور إكرام لمعي، المستشار الإعلامي للكنيسة الإنجيلية، أن ما حدث مأساوي وغير مسبوق، وأن تلك الأحداث موجهة لكامل الشعب المصري.
وقال لمعي، لـ"سبوتنيك"، اليوم الأحد، أن ماحدث مأساوي وغير مسبوق، فلم يحدث من قبل أن قام الإرهابيون بإستهداف أكثر من كنيسة في وقت واحد وفي مكانين مختلفين، ومن الواضح ان هناك تقصير من الناحية الأمنية، وقد تمت إقالة مدير أمن الغربية، ولكن للأسف تلك الإجراءات تأتي في أعقاب الحدث، وكان المفترض ان تأتي قبله.
وتابع لمعي، أن الأحداث السابقة وأستهداف الكنائس تكررت كثيراً في أيام الأعياد والمناسبات، وكان هذا كافياً لتغيير الإستراتيجية الأمنية، وللأسف الشديد تقوم الدنيا بعد وقوع الكارثة وسرعان ما تعود الأمور لسابق عهدها ، نحن مستآؤون جداً من الوضع الأمني، ولكن موقف الرئيس كان مشرفاً ولكن هذا الأمر ليس بيده.
وحول الإحتياطات الأمنية التي إتخذتها الكنائس بعد تفجير كاتدرائية العباسية، أشار لمعي، إلى أن الكنائس أخذت بكل الإحتياطات الأمنية التي طلبت منها بناء على خطة أمنية وضعتها الداخلية، من ابراج مراقبة وبوابات إلكترونية وعمليات إحترازية أخرى، وكل الكنائس لها طواقم أمنية خاصة بها وأفراد من الشرطة على البوابات، وكل التفجيرات جاءت من ناحية البوابات، وهو ما يعني مسئولية كاملة للأمن نتيجة تراخي أو تقصير معلوماتي أو خططي.
وطالب لمعي، الأقباط بالهدوء مؤكداً أن القتلي مصريين قبل أن يكونوا اقباط، ودعا الكنائس إلى حراسة نفسها بنفسها في المقام الأول بجوار التواجد الأمني.