ففي تطور نوعي، نفذ الجيش ليل أول من أمس عمليات عسكرية واسعة في جرود القاع ورأس بعلبك وعرسال، وقصَف بالمدفعية الثقيلة والراجمات مواقع المسلحين بعد رصد تحركات مشبوهة، فيما سجلت مشاركة واسعة للطيران المروحي، ملحقا خسائر كبيرة في صفوف التنظيمين.
هذه العمليات جاءت بعد توفر معلومات تشير إلى تحركات مشبوهة للمجموعات المسلحة على أكثر من موقع عند الداخل اللبناني من الحدود، ما دفع الجيش للتحرك بحزم في رسالة واضحة من قبل المؤسسة العسكرية اللبنانية من أنها لن تسمح ببقاء الوضع الأمني على ما هو عليه عند الحزام الحدودي مع سوريا.
كما أن هذه العمليات الاستباقية تأتي بحسب مصدر عسكري لـ"سبوتنيك"، بعد الدعم العسكري النوعي الذي تلقاه الجيش مؤخرًا من قبل الولايات المتحدة الأميركية، وتحديدًا الدعم الذي وصل في التاسع عشر من الشهر الحالي بعد هبوط طائرة شحن عسكرية أميركية في مطار رياق العسكري وإنزالها حمولة مساعدات عسكرية ضخمة مقدمة للجيش اللبناني.
لكن عمليات الجيش اللبناني الاستباقية لم تقتصر فقط على رصد تحركات المسلحين وقصف تجمعاتهم في الجرود، فقبل أربعة أيام نفذ عناصر الجيش مداهمة ناجحة داخل بلدة عرسال الحدودية مع سوريا، تمكنوا من خلالها من توقيف عدد من قيادات تنظيم "داعش" الذين كانوا يتحصنون داخل منازل في منطقة وادي الحصن، إضافة الى قتل أحد "أمراء التنظيم" في المنطقة ويدعى الشيخ حسين مليص من بلدة قارة في القلمون السوري، وتشير المعلومات إلى أنه كان قد أفتى بإعدام العسكريين المختطفين لدى المجموعات المسلحة إثر أحداث عرسال التي وقعت في شهر آب أغسطس من العام 2014.
ويتابع المصدر العسكري لـ"سبوتنيك": "إن ما تبقى من المجموعات المسلحة في جرود سلسلة جبال الشرقية قد تجد نفسها مضطرة للقيام بعمل أمني واسع تجاه القرى اللبنانية، لا سيما بعد تضييق الخناق عليها من قبل الجيش اللبناني من ناحية والجيش السوري وحزب الله من ناحية أخرى عند الجانب السوري من الحدود، خاصة بعد نجاح الاتفاق الذي أبرم مؤخرًا فيما خص المدن الأربع (مضايا، والزبداني، وكفريا، والفوعا) وخروج المسلحين من البلدتين المحاذيتين للحدود اللبنانية، وإثر الخلاف المتجدد ما بين فصائل المعارضة المسلحة حول مسألة الشروع بالمفاوضات مع حزب الله والجيش السوري للخروج الآمن من المنطقة أو البقاء فيها والمواجهة عسكريا".
ويضيف المصدر: "لا يبدو أن الحدود الشرقية للبنان مع سوريا ستشهد صيفا هادئا هذا العام، فإما أن ترتضي الفصائل المسلحة المتواجدة في المكان بمبدأ التفاوض والخروج الآمن من كافة الجرود التي تتحصن فيها وذلك على غرار الاتفاقات السابقة التي طالت العديد من قرى وبلدات ريف دمشق، وإما فإن الخيار المسلح والتصعيد العسكري سيكون سيد الموقف".
ويؤكد المصدر العسكري أن المعركة وإن وقعت فالخاسر الأكبر منها هي المجموعات المسلحة في ظل ما تعيشه من حصار مطبق عند جانبي الحدود وفي ظل القرار الدولي القاضي بدعم الجيش اللبناني لتطهير المنطقة الحدودية من أي تواجد عسكري غير شرعي.