وأردف البابا، "أن الشباب مثل الأشجار، ينمون ويتعاونون مع الآخر ويتمكنون من تغيير الهواء الملوث بالكراهية إلى الأكسجين النقي للأخوة"، مضيفًا: "إننا مدعوون مسيحيون ومسلمون للمساهمة في ذلك الأمر".
وقال البابا فرنسيس اليوم الجمعة في بداية زيارة لمصر تستمر يومين إنه يجب على كل القادة الدينيين الاتحاد في نبذ التطرف الديني ومواجهة "بربريّة من يحرّض على الكراھية والعنف".
وحسب "رويترز" وصل البابا فرنسيس إلى القاهرة في وقت سابق اليوم يحدوه الأمل في تحسين العلاقات مع كبار رجال الدين الإسلامي في وقت يواجه فيه المسيحيون في البلاد ضغوطا غير مسبوقة من متشددي تنظيم "داعش" الذين لاحقوهم بالتهديدات.
وقال في كلمة ألقاها في مؤتمر الأزهر العالمي للسلام "لنكرّر معًا، من ھذه الأرض، أرض اللقاء بين السماء والأرض، وأرض العھود بين البشر وبين المؤمنين، لنكرر — لا — قويّة وواضحة لأي شكلٍ من أشكالِ العنف، والثأرِ والكراھية يرتكب باسم الدين أو باسم لله."
وأضاف "لنؤكد سويّا استحالة الخلط بين العنفِ والإيمان.. بين الإيمان والكراھية."
وبث التلفزيون المصري وقائع استقبال رسمي للبابا في قصر الرئاسة بشمال شرق القاهرة بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أجرى محادثات معه. وكان رئيس الوزراء شريف إسماعيل قد استقبل فرنسيس لدى وصوله إلى مطار القاهرة في الساعة الثانية بعد الظهر بالتوقيت المحلي.
#بابا_الفاتيكان البابا فرنسيس في ختام كلمته خلال لقائه بالرئيس عبد الفتاح السيسي: مبارك شعب مصر، شكرا وتحيا مصر#مؤتمر_الأزهر_العالمي_للسلام pic.twitter.com/iUnUxL4q9T
— الأزهر الشريف (@AlAzhar) April 28, 2017
وفي رسالة إلى الشعب المصري هذا الأسبوع عبر البابا عن أمله في أن تساعد الزيارة في إحلال السلام وتشجيع الحوار والمصالحة مع العالم الإسلامي.
لكنها تأتي في وقت مؤلم لأقباط مصر، أكبر طائفة مسيحية في الشرق الأوسط، بعد حوالي ثلاثة أسابيع من تفجيرين انتحاريين استهدفا كنيستين وأوقعا 45 قتيلا.
وجاء الهجومان بعد تفجير استهدف الكنيسة البطرسية الملحقة بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في القاهرة في ديسمبر كانون الأول وأسفر عن مقتل 28 شخصا وبعد موجة قتل أجبرت مئات المسيحيين على الفرار من محافظة شمال سيناء حيث تنشط جماعة موالية لـ"داعش".
وعلى الطريق من المطار إلى وسط العاصمة رفعت لافتات كتب عليها "بابا السلام في مصر السلام". ووضعت على اللافتات صور للبابا وقد ابتسم رافعا يده بالقرب من الصليب والهلال.
ورغم التهديدات الأمنية التي تحدق بزيارة البابا، أصر على أن يستخدم في تنقلاته سيارة عادية خلال 27 ساعة سيقضيها في القاهرة محافظا على عادته في تجنب السيارات الفارهة المدرعة من أجل أن يبقى قريبا من الناس.
وأشار البابا إلى جبل سيناء حيث استقبل النبي موسى الوصايا العشر ومنها على وجه الخصوص الأمر الشهير "لا تقتل".
وقال البابا مرارا إن الحوار المسيحي الإسلامي هو السبيل الوحيد للتغلب على المتشددين الإسلاميين الذين اضطهدوا المسيحيين وطردوهم من مجتمعاتهم التي ظلوا بها لنحو ألفي عام في العراق وسوريا ويستهدفونهم حاليا في مصر.
وتحمل رسالته صدى خاصا داخل الأزهر حيث يحل ضيفا على الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب.
وقال الطيب في كلمته إن المتشددين أساؤوا تفسير النصوص الدينية عن جهل. وأضاف "فليس الإسلام دين إرهاب بسبب أن طائفة من المؤمنين به سارعوا لاختطاف بعض نصوصه وأولوها تأويلا فاسدا، ثم راحوا يسفكون بها الدماء ويقتلون الأبرياء ويروعون الآمنين ويجدون من يمدهم بالمال والسلاح والتدريب".
فضيلة الإمام الأكبر أ. د.أحمد الطيب شيخ الأزهر:أصبح السلام الفردوس المفقود وحان الوقت أن تأخذ الأديان دورها في نشر السلام#الطيب_إمام_السلام pic.twitter.com/EFbeUgWRkY
— الأزهر الشريف (@AlAzhar) April 28, 2017
لكن الطيب يواجه انتقادات شديدة بسبب بطء وتيرة إصلاح الأزهر الذي يتهمه البعض في البرلمان والإعلام في مصر بالتقاعس عن التصدي لجهات دينية يرون أنها تشجع على التطرف. وهم يقولون إن علماء الأزهر يقاومون جهود السيسي لتحديث خطابهم الديني.
وأكد البابا فرنسيس أهمية التعليم الجيد. وقال "من الضروريّ ، كي نواجه فعلًا بربريّة من يحرّض على الكراھية والعنف، أن نرافقَ ونقودَ إلى النضوجِ أجيالًا تجيبُ على منطقِ الشرّ المحرّض بنموٍّ صبور للخير: شبابًا، مثل الأشجار الراسخة، يكونون متجذّرين في أرضِ التاريخ."
تأتي زيارة البابا فرنسيس في إطار جهوده لتحسين العلاقات مع مؤسسة الأزهر التي يعود تاريخها لأكثر من ألف عام بعد أن قطع الأزهر الاتصالات مع الفاتيكان عام 2011 بسبب ما اعتبره إساءات متكررة للإسلام من جانب البابا بنديكت الذي كان يتولى البابوية قبل البابا فرنسيس.
واستؤنفت العلاقات العام الماضي بعد أن زار شيخ الأزهر الفاتيكان.
وتهدف زيارته للقاهرة أيضا إلى تعزيز العلاقات التي أصابها الفتور في بعض الأحيان مع الكنائس القبطية حيث سيلتقي مع البابا تواضروس الثاني بطريرك الأقباط الأرثوذكس الذي نجا من تفجير كنيسة بالإسكندرية هذا الشهر.
وسيزور أيضا كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في القاهرة للصلاة من أجل قتلى تفجير احتفالات عيد الميلاد العام الماضي ووضع الزهور تأبينا لهم. ويمثل المسيحيون نحو عشرة بالمئة من سكان مصر البالغ عددهم 92 مليون نسمة.