ففي ظل الحصار الذي تفرضه الدول على سوريا والذي شل الكثير من صفقات الاستيراد والتصدير التي كان معمولا بها سابقاً وتسمح بتدفق الأدوية والمصول والعقاقير الطبية إلى السوريين بات من الصعوبة بمكان تأمينها ليصبح مشفيي البيروني والأطفال الجامعي اللذين يقدمان الخدمات العلاجية مجاناً يبحثان عن ثغرات في جدار الحصار السميك ما جعل وزارة التعليم العالي في سوريا مستنفرة في سبيل تعويض النقص الذي زاد من مفاعيله عزوف شركة "فارمكس" عن تأمين الاحتياجات عبر ضخ مليار ليرة للمشفى لفتح عقود تأمين الأدوية بشكل مباشر.
وخلال جولة "سبوتنيك" على الأطفال المصابين بالسرطان في سوريا، تحدث محمد علي زعرور، وهو جد الطفل أحمد البالغ من العمر 5 سنوات، المصاب بمرض السرطان وشلل في الأطراف السفلية أن حفيده أحمد يتلقى العلاج في المشفى منذ أن كان بعمر السنة، عندما فارقت أمه الحياة ويراجع المشفى كل ثلاثة أشهر للاطمئنان على صحته وتقييم حالته الصحية.
مدير مشفى الأطفال الجامعي الدكتور مازن الحداد، بين لـ"سبوتنيك" أنه بسبب الحصار الاقتصادي المفروض على بلاده سوريا وبسبب وجود مشفى البيروني في منطقة حرستا تم تحويل جميع أطفال مشفى البيروني إلى مشفى الأطفال بدمشق الذي أدى إلى زيادة العبء على المشفى الوحيد الذي يعالج أطفال السرطان، حيث كان الطفل الذي ينتظر أسبوع للقبول أصبح ينتظر مدة20 يوما وشهر حتى يتم قبوله، إضافة إلى فقدان الأدوية السرطانية وعدم قدرة شركة "فارمكس" على تأمين الأدوية السرطانية لاسيما أنها أجنبية الصنع ولا يمكن إجراء المناقصات بسبب عدم تقدم الدول الأجنبية على هذه المناقصات بسبب الحصار المفروض على البلاد.
وأكد الحداد، فقدان نحو30 صنفاً من أدوية السرطان بسبب الحصار التي فرضته الدول الأجنبية المصنعة على سوريا، حيث تقوم جمعية "بسمة" بتأمين أغلب الأدوية، في حين أرسلت منظمة الصحة العالمية أدوية لا تتجاوز نسبتها 1 و 2 % فقط.
وأضاف الحداد: عدم وجود هذه الأدوية يؤدي إلى تطور سريع للمرض والموت في النهاية، علماً أنه يتم تسجيل 50 طفلا جديد مصاب بالسرطان شهرياً، بينما يبلغ عدد الأطفال الذين يراجعوا العيادات شهرياً لتلقي العلاج لاسيما يومي الأحد والأربعاء 600 طفل مصاب بالسرطان.
أما فيما يخص العمليات أشار الحداد إلى أنه تم إجراء 8 عمليات نقي عظام ذاتي وكانت ناجحة، حيث تصل تكلفة العملية الواحدة إلى 20 مليون ليرة إلا أنها توقفت بسبب عدم وجود الأدوية الأجنبية، في حين أن عمليات نقي العظام الغيري غير موجودة أيضاً بسبب فقدان الأدوية علماً أن مركز نقي العظام جاهز لإجراء هذه العمليات في حال توفرت الأدوية.
وأمل الحداد بتأمين الأدوية النوعية الضرورية سواء كانت أدوية سرطانية أو أدوية التهاب من أجل استمرار العمل ومعالجة الأطفال الذين هم بحاجة إلى زراعة نقي العظام الذاتي أو الغيري أو المعالجة السرطانية.
وأوضحت المديرة التنفيذية لجمعية "بسمة" لدعم الأطفال المصابين بالسرطان وأهاليهم، ريما سالم، لـ"سبوتنيك"، أن نسبة الدواء المفقود في وحدات معالجة أطفال السرطان بدمشق ارتفعت مع بداية الأزمة من 10 % إلى 80 % في الوقت الذي تقوم جمعية "بسمة" بتأمين الأدوية المفقودة مجاناً في مشافي المواساة، والأطفال، والبيروني، وفي وحدة "بسمة" التخصصية في مشفى البيروني ولم يتم التوقف عن إعطاء الأدوية للأطفال المصابين بالسرطان وتم توسيع الخدمات.
وبينت سالم أن الجمعية تؤمن الدواء من خلال شرائه من الموردين المحليين بشكل نظامي وبالليرة السورية شريطة أن يكون الدواء مبرد وذو فعالية ومنشأ أوروبي في ظل أن الجمعية لا تستطيع الاستيراد، وأي دواء يفقد في المشافي الحكومية تقوم الجمعية بتأمينه مباشرة، علماً أن برنامج الدواء في مشافي "الأطفال، والبيروني، والأسد الجامعي، والمواساة" يكلف شهرياً 25 مليون ليرة سورية عدا وحدة "بسمة" التخصصية في مشفى البيروني التي تضم 750 طفلا منذ تأسيسها 2009.
وتابعت سالم حديثها بأن شفاء الطفل المصاب بالسرطان مرتبط بنوع المرض ودرجة التشخيص وبسبب الأحداث أصبح يأتي بعض الأطفال المصابين متأخرين وهذا يؤثر على نسبة الشفاء، في حين بلغت نسبة شفاء الأطفال في وحدة "بسمة" الذين أتوا في المراحل الأولى من المرض 55%، بينما بلغت نسبة المنقطين 30%، حيث تقوم الجمعية وبشكل دائم بإجراء حملات توعية بالعلامات المنذرة بمرض السرطان موجهة للأهل والأطباء والمراكز الطبية وغيرهم.
وأشارت سالم إلى أن عدد الأطفال الذين تم تخديمهم في وحدة "بسمة" منذ عام 2006 وحتى 2016 بلغ أكثر من 5700 طفل، إضافة إلى برنامج كفالة علاج طفل في القطاع الخاص " عمليات أطراف، ورمية، زرع نقي العظام " وتؤمن الجرعات مجاناً.
وطالبت سالم بتمويل الجمعية وتقديم التبرعات لمعالجة الأطفال والتخفيف عنهم كونهم تعرضوا للحرب والمرض وأصبحوا بحاجة إلى العلاج وفي حال التأخر عن العلاج يسبب مشكلة كون المرض يتطور بشكل كبير كما يوجد أزمة في الأماكن فالأطفال من عمر يوم وحتى 13 عاماً لا يوجد إلا مشفى الأطفال ووحدة بسمة لعلاجهم.
وأملت سالم بتقديم التبرعات للجمعية كونها تعتمد على التبرعات التي كانت تؤمن 70% من المصاريف السنوية ومع بداية الأزمة توقفت الجمعية عن إجراء حملات دعم للأطفال، إلا أن الجمعية عادت إلى إعلان حملة جديدة وتم الحصول على 33 مليون ليرة سورية فقط وهذا المبلغ يكفي مصروف شهر واحد فقط وتقوم الجمعية حالياً بالصرف من الوفر المتراكم خلال السنوات السابقة، ويقع مقر الجمعية في دمشق كون جميع الأطفال يأتون إلى دمشق لتلقي العلاج فيها، كما تم تأسيس، عام 2007، سكن مؤقت للأهالي في منطقة كفر سوسة يستقبل 44 مواطنا ويتم منح الأهالي الوجبات الغذائية لتخفيف المعاناة عنهم.
وتساهم الجمعية في عمليات نقي العظام بمبلغ 5 ملايين ليرة سورية للعملية من أصل التكلفة الكلية التي تبلغ 30 مليون ليرة سورية ويتم علاج الأطفال القادمين من جميع المناطق والمحافظات ولا يوجد تمييز بين الأطفال.
تقرير: فداء شاهين