الأول تقوده إيران، ويضم حلفاءها في العراق، وسوريا، و"حزب الله" في لبنان، و"أنصار الله" في اليمن. والثاني هو الأنظمة القديمة في ملكيات وإمارات الخليج (المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين)، ويضم أيضاً كلاً من الأردن ومصر. والتكتُّل الثالث تقوده تركيا، وقطر، و"الإخوان المسلمون"، والقوى الفاعلة في الربيع العربي.
ويضيف هيرست في مقاله أنه "في هذه المعركة الثلاثية، يُعد حلفاء الولايات المتحدة مزعزعين لاستقرار المنطقة تماماً كخصومها، والحملة التي شنت ضد قطر مثال جيد على ذلك". ويقول أيضاً: "وقعت السعودية في خطأ استراتيجي بمحاولتها فرض إرادتها على قطر الصغيرة. لأنها إذ فعلت ذلك، فقد أخلت بنظام إقليمي اعتمدت عليه في مواجهة الهيمنة الإيرانية في دول تحيط بالمملكة من كل جانب". ويستطرد: "بعبارة أخرى، إذا كانت الحرب السورية المدعومة إيرانياً قد جمعت السعودية وتركيا معاً، فإن الصراع القطري قد فعل العكس. في الواقع، قد يؤدي ذلك الصراع إلى إيجاد قضية مشتركة بين إيران، وتركيا، وهو أمر غريب تماماً كما قد يبدو".
أما الخطأ الثاني، بحسب ما ذكر هيرست فهو "الافتراض أن ما من دولةٍ أكبر ستقوم بالدفاع عن قطر لأنها دولة صغيرة. ولدى المملكة السعودية والإمارات استثمارات هامة في تركيا. وكلاهما اعتقد أن تركيا يمكن كسب جانبها". ويضيف أن "ما حدث كان العكس، فقد أدرك أردوغان أنه لو سحقت قطر، فلن يبقى في ذاك المعسكر غيره واقفاً".
أما غلطتهم الحسابية الثالثة كما قال هيرست فكانت هي أنهم "كشفوا سبب غضبهم الحقيقي من قطر، فالأمر لا علاقة له أبداً لا بتمويل الإرهاب ولا بالتزلف لإيران، فالإماراتيون أنفسهم لديهم تجارة ضخمة مع إيران فيما يصطفون مع الحلف الذي يتهم قطر بالوقوف بجانب إيران. والسبب الحقيقي هو مطالبهم التي أفضوا بها إلى أمير الكويت، الذي يقوم بدور الوساطة، ألا وهي: إغلاق قناة "الجزيرة"، وقف تمويل كل من موقع "العربي الجديد" وصحيفة "القدس العربي" والنسخة العربية من "هاف بوست"، بالإضافة إلى طرد المفكر الفلسطيني عزمي بشارة".
ويؤكد هيرست في مقاله أن "الغلطة الحسابية الأخيرة هي أن قطر ليست غزة؛ فهي تربطها صداقات بجيوش كبرى، وهي دولة ذات تعداد سكاني أصغر قليلاً من مدينة هيوستن، لكن ثروتها السيادية تعادل 335 مليار دولار، وهي أكبر منتجي الغاز الطبيعي في الشرق الأوسط، وتربطها علاقات بعملاق النفط والغاز الأمريكي إكسون. وأن السعوديين والإماراتيين ليسوا اللاعبين الوحيدين في واشنطن. فحتى غزة صمدت أمام حصارها".
أما فوزا جرجس، رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، فكان له رأي آخر، حيث قال "إن الأزمة التي تشهدها الأجواء الخليجية وإعلان كل من المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين إلى جانب مصر والأردن، قطع العلاقات مع قطر، لن تُحل كما في عام 2014".
وقال جرجس، إن تلك الشروط تتمثل في "وقف دعم الجماعات الإسلامية مثل "الإخوان المسلمين" وغيرها، وقبول طرح أن إيران منافس في المنطقة ولابد من مواجهتها، بالإضافة إلى عدم استخدام "الجزيرة" التي تعتبر إحدى أهم القنوات الفضائية لانتقاد ليس فقط الدول الخليجية بل مصر أيضا، وهذه شروط في غاية الأهمية".