وولد أرنستو تشي جيفارا في 14 يونيو/حزيران 1928، في روزاريو (الأرجنتين)، وتوفي قتلا بالرصاص وهو في التاسعة والثلاثين من عمره، في بوليفيا حيث حاول إشعال نار الثورة.
وأجرت "سبوتنيك" حوارا مع شقيقه الأصغر خوان مارتين جيفارا والذي قام بتأليف كتاب "أخي تشي". ودار الحوار على النحو التالي:
سبوتنيك: مَن هو أرنستو جيفارا ومَن هو تشي؟
خوان مارتين جيفارا: أرنستو شقيقي وتشي رفيق الفكر. وكانت عائلتنا تراه كما هو حقيقة. ويصعب علي أن أشرح كيف تحوّل أخي إلى تشي. وكان يكبرني بخمسة عشر عاما. لهذا كان ينظر إلي بأنني طفل صغير. ولكنه لم يضغط علي بل كان يداعبني.
سبوتنيك: متى رأيته للمرة الأخيرة؟
خوان مارتين جيفارا: كان لي أول لقاء مع تشي عندما أكملت سن الخامسة عشر. وتم اللقاء في هافانا في يناير/كانون الثاني 1959 حيث قضينا ثلاثة أشهر. وشهدت تلك الأيام بداية الثورة. وكان تشي غارقا في هذه المرحلة الجديدة من حياته. ومع ذلك وجد وقتا للقاء معي ووالده ووالدته واخته وزوجها.
ثم التقينا في مونتيفيديو عام 1961 وأنا في الثامنة عشر من عمري. ورأيته وقتذاك للمرة الأخيرة.
سبوتنيك: ذكرت في كتاب "أخي تشي" أنه عندما أتيتم إلى هافانا يوم 6 يناير 1959 أمر فيديل (فيديل كاسترو قائد الثورة الكوبية) بالبحث عنكم لأن الجميع احتفلوا بنصر الثورة مع عائلاتهم باستثناء تشي.
خوان مارتين جيفارا: يجدر بالذكر أن الكثيرين اضطروا إلى مغادرة كوبا هربا من حكم الديكتاتور القاسي الدموي باتيستا. وبعد قيام الثورة قرر فيديل إرسال طائرة خاصة إلى أمريكا الجنوبية لإعادة أعضاء "حركة 26 يوليو" إلى الوطن. وقرر كاميلو سينفويغوس، منظّم الرحلة، أن نطير نحن أيضا على تلك الطائرة. ولم يُبلغ قائد الرحلة أرنستو بأننا موجودون على متن الطائرة، ظانا منه أن تشي سيعترض من منطلق أن الطائرة يجب أن تنقل المهجّرين وليس الأقارب. وتم إبلاغ تشي بوجودنا على متن الطائرة في نهاية الرحلة. وأتذكر أن ماما عانقت تشي، وأن العناق استمر بلا نهاية.
سبوتنيك: يقال إن تشي تحلى بالصفات الإنسانية الحميدة…
خوان مارتين جيفارا: هذا صحيح. وأؤكد أن قصد كتابي إظهار تشي إنسانا له أم وأب وإخوان وأخوات وليس كائناً خرافياً. وكان كل من الأم والأب شخصية مرموقة. وكان الأب ممتلئا بالحيوية والنشاط. وكانت الأم ملتزمة بالقيم الأخلاقية. وكان كل منهما يستبق زمانه ولم يتمسك بما ولى زمانه. وتوارث أرنستو صفات الخير تلك.
سبوتنيك: كيف علمت العائلة أن تشي لقي مصرعه؟
خوان مارتين جيفارا: وصلنا نبأ مقتله في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول عندم نُشرت صورة مقتله. ورأى بعض أقربائي أنها صورة مزورة في حين وجدتها حقيقية.
وبعد يومين طار أخي روبرتو إلى فالي غراندي (الأرجنتين) للتعرف على جثته. إلا أنه لم يجد أي جثة هناك. ثم طار روبرتو إلى لاباس (بوليفيا). ولم يجد أي جثة هناك. وعاد أخي في نهاية المطاف إلى بوينس آيرس من دون أن يرى شيئا يدل على موت أرنستو.
— zincirsîz (@zincirsiz_) January 10, 2016
سبوتنيك: عثر على رفاته بعد 30 عاما ودفن في الضريح الذي شيد في مدينة سانتا كلارا (كوبا).
خوان مارتين جيفارا: زرنا هذا المكان عام 1997. ويحتوي الضريح أيضا على قبور رفاقه الذين قتلوا في قرية لاإيجيرا.
سبوتنيك: زرت لاإيجيرا للمرة الثانية بعد انقضاء 47 عاما على وفاة تشي. لماذا؟
خوان مارتين جيفارا: كانت لي زيارتان. ولم أتمكن من الوصول إلى كيبرادا ديل يورو حيث أصيب تشي بالجراح ووقع في الأسر، أثناء الزيارة الأولى، فتوجهت إلى نفس المكان في العام التالي. وتمكنت من الوصول إلى المكان الذي وقع تشي فيه في الأسر. والتقيت هناك ابن إينتي بيريدو أحد رفاق أرنستو المقاتلين. ولا أريد العودة إلى هذا المكان مرة أخرى لأنني أرفض عبادة الموتى وأستنكر مشهد الاتجار بالأكاذيب.
سبوتنيك: ما موقفك من استغلال ذكرى أخيك لجني المال؟
خوان مارتين جيفارا: عندما لم يجد أخي روبرتو أي جثة في بوليفيا بات واضحا أن القصد ليس تصفية تشي جسديا فحسب بل القضاء على كل شيء له صلة به حتى لا يكون له قبر، وتصفية صورته واغتيال أفكاره. غير أن تلك الخطة لم تُحقق، فالناس الذين يعيشون هناك والشباب يحفظون ذكراه الخالدة. والهدف من جعل ما يحمل صورة تشي سلعة تجارية تلويث سمعته ومنع الناس من الاقتداء به. ومع ذلك، تظل صورته التي ظهرت في عام 1960، حية، وهي واحدة من أشهر الصور في العالم وربما تضاهي صورة السيد المسيح في الشهرة.
سبوتنيك: أدخلك الحكم العسكري في الأرجنتين إلى السجن لمدة تقارب 9 أعوام كسجين سياسي. وكيف أثر أرنستو على آرائك السياسية؟
خوان مارتين جيفارا: كان الكثيرون من أبناء جيلي معجبين بالثورة الكوبية. ولم يمكنني أنا أيضا أن أقف موقف المتفرج اللامبالي. فعندما تحوّل أرنستو جيفارا إلى تشي أصبحت أنا أخاً لتشي. ولكن لم يكن هذا ما أدخلني السجن. فقد قادتني روح التمرد إلى السجن. ولم أدخله كأخ لأحد ما.
سبوتنيك: من أجل أي شيء كان تشي سيناضل اليوم؟
خوان مارتين جيفارا: لو كان حياً لكان موجودا في المكان الذي يناضل الشعب فيه من أجل الحرية والاستقلال والاشتراكية. إلا أنني لا أستطيع أن أتخيله موجودا في العالم المعاصر. لقد تغير كل شيء مع أن الأشياء التي كان يناضل ضدها تبقى موجودة وإن تغير مظهرها وهي عدم المساواة والفقر والتمييز والعنف والتكسب غير الشرعي.
وهناك من يسألني بشأن مصير أمريكا اللاتينية لو ظل تشي حياً، هل أصبحت حرة ومستقلة واشتراكية؟ غير أنه لم يعد حياً في حين تتسع الهوّة بين الأثرياء والفقراء. لقد ازداد الوضع سوءا بعد رحيل تشي. ويتعين على الشباب أن يناضلوا من أجل مثلهم العليا بأنفسهم.