عن تلك القضية، قال المحلل السياسي المقيم في لندن، أحمد أبو دوح، في تصريح لـ"سبوتنيك": "نحن أمام قضية معقدة قليلا، بدأت قبل عام 2008، عندما طلب مستثمرون قطريون من بنك "باركليز" البريطاني قرضا بقيمة 3 مليارات جنيه إسترليني، ثم تأثر البنك بالأزمة المالية العالمية في عام 2008، فاحتاج إلى رفع قيمة رأس المال في البنك بمقدار 12 مليار جنيه إسترليني كخطة عاجلة، حتى لا يصل إلى مصير بنك "لويدز" وبنوك أخرى، خضعت للشروط الحكومية لكي تمنحها قروضا لتقف على قدميها مرة أخرى".
وتابع "لجأت إدارة "باركليز" إلى المستثمرين القطريين، الذين سحبوا القرض، لاستعادته مرة أخرى، في عملية احتيال وهمية، هدفها إبراز أن البنك تصرف من تلقاء نفسه خارج بريطانيا، ودعم نفسه بنفسه خارج خطة الحكومة".
وأكد أبو دوح أن "المشكلة هنا في من لعب هذا الدور، فهم مستثمرون قريبون من رئيس الوزراء السابق حمد بن جاسم آل ثاني، الذي كان رئيس الصندوق السيادي القطري، ومازال يملك شركة "تشالنجر" للاستثمارات، وهاتان الشركتان ضختا 5.3 مليار جنيه إسترليني في البنك من أجل إنقاذه، واستثمرت قطر في البنك أسهما بمقدار 6% من مجمل حجمه".
وتابع "المستثمرون القطريون حصلوا على عقد خدمات استشارية، بمقدار 322 مليون جنيه استرليني، وهي لم تحصل على مميزات بنفس المبالغ، فرفعت القضية، التي تسببت في فضيحة كبيرة للبنك وقطر".
وأضاف "المشكلة الآن أن الاستثمارات القطرية أصبحت تحيط بها الشبهات في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة".
وعن تطورات ما بعد الفضيحة القضائية، قال أبو دوح: "بعد الفضيحة أعلنت قطر أنها على استعداد لاستثمار 5 مليار جنيه استرليني جديدة، في السوق البريطانية، وهي محاولة واضحة لإسكاتهم، أو التوصل لتفاهم معين كي تدفن هذه القضية، لكن التحقيقات التي استغرقت سنوات طويلة، بدأت قطر تدفع ثمنها في وقت لا تستطيع تحمل كل هذا الصخب حولها".
وتابع "نظراً للمقاطعة التي تواجهها من دول خليجية ومصر، وإلى تردي سمعة قطر السياسية، المتهمة بدعم الإرهاب، والمتهمة بإقامة علاقات وثيقة مع جماعات متشددة، في سوريا والعراق ومصر وليبيا وتونس وأفغانستان وغيرها".
وعن محاولة القطريين للتسوية المالية، قال أبو دوح: "هذا ما حاول القطريون فعله عبر ضخ مجموعة استثمارات، ودعنا نقف عند حقيقة أن قطر تستثمر في عدد من المؤسسات الكبرى في بريطانيا، مثل المطار الرئيسي "هيثرو" في العاصمة لندن، وبرج داشارد، والمجموعة التجارية هارودز، ومجموعة التجزئة سينسبري، وبنك باركليز، وعدة فنادق فخمة موزعة على الأراضي البريطانية".
وتابع "هذه الدولة تحاول أن تستخدم كل هذه الاستثمارات من أجل تهدئة هذا الوضع، لكن نحن أمام دعوى قضائية، والقضاء هنا مستقل، ولا يتفاهم في مثل هذه الأمور مع القوى السياسية التي قد تعطي وعوداً للقطريين في التفاهم".
وأضاف "أعتقد أن الفضيحة ظهرت على السطح، وصار احتواءها متأخرا جداً، بالنظر إلى الأحكام التي حصل عليها 4 من القيادات التنفيذية في البنك".
وأكد أبو دوح أن "حمد بن جاسم على وجه الخصوص، سيواجه خطرا كبيرا فيما يخص استثماراته العديدة في بريطانيا، وستحوم حوله الشبهات، وسيفقد الكثير من أسهمه التي عكف على بنائها لسنوات طويلة".
ويجري مكتب تحقيقات الفساد، مع هيئة الرقابة المالية في بريطانيا، تحقيقا منذ 5 سنوات في شبهة فساد في صفقة التمويل القطري، وفي قضية أخرى تضمنت حصول البنك على أكثر 7 مليارات جنيه إسترليني خلال الأزمة المالية العالمية في 2008.
والتهمة التي سيحاكم على أساسها الرئيس التنفيذي للبنك وعدد من مديريه تتعلق بدفع مبلغ 322 مليون جنيه إسترليني لمستثمرين قطريين للحصول على قرض بقيمة 3 مليار وتسجيل ذلك "مصروفات استشارية"، وتتضمن القضية أكثر من تهمة أخرى.