اعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أن "النزوح السوري يشكل أكبر خطر على لبنان بكيانه وثقافته واقتصاده وأمنه"، وأضاف قائلا: يجب أن نطالب الأسرة الدولية بوقف الحرب، وإذا عجزت عن إيقافها، فلتعمل على نقل النازحين السوريين وإرجاعهم إلى سوريا وإلى المناطق الآمنة التي تزيد مساحتها عن مساحة لبنان 12 مرة، لبنان لم يعد يحتمل.
هل أن تحذير البطريرك الراعي من مخاطر النزوح السوري تعبر عن كل فئات المجتمع اللبناني بعد أن وصل هذا النزوح إلى أعداد كبيرة وهائلة، وهل يلقى تحذيره آذانا صاغية من قبل الأسرة الدولية؟
يقول مدير مركز "دال" للإعلام، فيصل عبد الساتر، في حديث لإذاعتنا بهذا الصدد، دعوة البطريرك الماروني مار بطرس بشارة الراعي، هي رسالة ليست جديدة وليست الأولى، وهي تتطابق مع ما ذهب إليه الكثيرون من اللبنانيين وخصوصا في بدايات النزوح السوري إلى لبنان، بعدما راهن البعض في لبنان على أن هذا العامل ممكن أن يشكل ورقة ضغط أساسية لإسقاط الرئيس السوري والدولة السورية.
الآن، بعد مضي نحو سبع سنوات على الحرب الضروس التي تشن على سوريا، لم يعد هناك ممن بقي على رهانه وبالتالي، ربما بات الآن يتحسر على المواقف التي أطلقها سابقا، وبالتالي ربما هذه الصرخة الآن، تعيد البوصلة إلى الاتجاه الصحيح، وتعيد بعض اللبنانيين إلى أن يقاربوا هذا الموضوع بروح وطنية عالية بعيدا عن لغة عنصرية من هنا أو الرهان السياسي من هناك. وبالتالي يجب المقاربة في إطار وطني من أن لبنان تحمل ما فيه الكفاية، وبالتالي على الحكومة اللبنانية أن تعمل مع المجتمع الدولي إلى إيجاد حل على الأقل لشرائح واسعة من النازحين الذين يمكن أن يعودوا إلى مناطق آمنة في سوريا. تجدر الإشارة إلى أن الحكومة السورية رحبت بهذا الأمر، إلا أن العائق كان دائما من عدم التواصل الرسمي من الحكومة اللبنانية بهذا السياق. هل ستشكل هذه الصرخة خطوة إلى الأمام في هذا الإطار؟ فلننتظر ردود الفعل اللبنانية المسؤولة والمعنية بهذا الملف.
تجدر الإشارة إلى أن الراعي أشار في حديث صحافي إلى أنه "بعدما وصلتنا معلومات تفيد أن السياسيين اختلفوا في جلسة الحوار الأخيرة في بعبدا حول موضوع التواصل مع السلطات السورية من أجل تأمين عودة النازحين إلى بلادهم، نسأل: كيف يمكن لنا أن نعيدهم؟"، مطالبا "الأسرةَ الدولية أولا بالتدخل، وإذا لم تتدخل هل سيبقون في لبنان إلى الأبد؟ عندها هل يبقى أمامنا خيار سوى التحاور مع النظام بغض النظر إذا كنا نوده أو ضده؟"، مشددا على أنه "إذا لم تطالب السلطة اللبنانية، فلن يتدخل أحد، والسلطة الدولية ستبقى على الحياد وإذا لم تطالب دولتنا بحسمِ المسألة والبدء رسمياً بالمفاوضات والحوار مع السلطة السورية وغيرها من الدول المعنية لتبيان الوثائق التي بحوزتها والمخاطر التي يتكبّدها لبنان بسبب هذا النزوح فلن تحل أزمتنا الوجودية". وأكد الراعي أنه "متضامن إنسانياً مع الشعب السوري، إنما استمرار وجودهم يهدد لبنان سياسياً واقتصادياً وأمنياً. كذلك النازحون سيصبحون عرضةً للاستغلال داخل لبنان من قبَل المنظمات الإرهابية، ولبنان سيدفع الثمن.
إعداد وتقديم: عماد الطفيلي