وأضاف: حروب متسلسلة وصفت أحياناً بالوقائية، واستهدفت أحياناً إعادة ترسيم خطوط الفصل بين المجموعات المتقاتلة، واتخذت على الأغلب شكل المساومات تحت السلاح، أو الصراع الدموي على النفوذ، أو الإلغاء النهائي والكامل، أو محاولات الإدماج بالقوة، أو الصراع على المدنيين بهدف اتخاذهم دروعاً بشرية.
وبيّن أن المسألة لم تقف عند حدود الاستيلاء على الأسلحة والموارد والمرتزقة المأجورين لأهداف تعبوية ولوجستية، بل كان عليها أيضاً أن تخوض معارك ومواجهات متقلّبة ومتناقضة ولا نهائية وصلت في بعض المفاصل إلى حدود التصفية الذاتية، وكانت دائماً، وعلى امتداد محطاتها ومراحلها، "غزوات" بالوكالة رفعت راية "الجهادية" ذاتها.
وأوضح الكاتب أن هذه الحروب لم تكن وليدة الساعة، كما نرى اليوم في إدلب الريف والمدينة، ولم تقتصر على مرحلة محددة. لقد رافقت إعلان الحرب على سوريا منذ البداية، وامتدّت مع مخطط توسيع الحرب إلى مختلف المناطق الحدودية، ومن ثم إلى الداخل، لتشمل أرياف دمشق وحلب وحمص وحماة ودير الزور ومناطق البادية، وليتصاعد الخط البياني لحروب اليوم مع احتدام الصراعات بين الأطراف الخارجية الداعمة والمموّلة في أفق موازين القوى على الأرض.
واعتبر الكاتب أنه في سياق عملية متمادية من التآكل والذوبان، تخوض فصائل الإرهاب الدولي المشغّلة في سوريا اليوم آخر حروب السباق على ما تبقى من حظوة مالية وسياسية للأطراف الداعمة.
وقال: إن واقع الاندحار على الأرض، ومشاعر الإحباط ومرارة الإحساس بالتخلي يعزّز لديها رؤاها القيامية ويجعلها أشد شراسة ودموية وانتحارية. وهاهي، أمام خياراتها الضيّقة والمحدودة، تتخبّط بين محاولات فردية متزايدة باستمرار لحزم الحقائب والهروب بالأرصدة، وبين الإمعان بالغرق في اجترارات سوداوية عن "الفرقة الناجية" بما يقودها إلى المزيد من التقاتل والتحارب، في عودة سافرة واضطرارية، وبلا برباغاندا داعمة هذه المرة، إلى حقيقتها الأولية والأساسية كأدوات للقتل والإجرام وعصابات مستأجرة وحثالات تقتات على العنف والكراهية المتبادلة. ولاشيء جديداً فهذه المجموعات كتائب للموت الأعمى وهي لا تملك أساساً أية قضية.