ولفت أوزرجان إلى أن الهدف الرئيسي كان تنظيم الفصائل العسكرية في الميدان، وإنشاء قدرات جديدة لها، وإضفاء هوية إيديولوجية عليها. وفي هذا الإطار أنفقت الولايات المتحدة على المعارضة الصديقة لها بسخاء، وقدمت لها الأموال وزودتها بالسلاح، ووفرت لها التدريب العسكري، والأنشطة الدعائية، وأقامت الاجتماعات لها في فنادق خمس نجوم. بحسب ما ذكره الكاتب ونقله عنه "ترك برس".
وقال اوزرجان:
مع استمرار الحرب فترة طويلة زاد عدد اللاعبين في الساحة، وبعد مدة تغيرت طبيعة الحرب. وقفت روسيا وإيران وحزب الله بقوة إلى جانب الأسد. واتضح بعد فترة أن "الجيش السوري الحر"، الذي انقسم وتكاثرت فصائله، لن يتمكن من الإطاحة بالأسد. أظهر "صعود الراديكاليين" أن طبيعة العملية في سوريا تغيرت بالنسبة للولايات المتحدة.
وأوضح أن التطور الأبرز، الذي وسم التغير في الحرب السورية، كان حملة تنظيم "داعش" الإرهابي في العراق وسوريا. ليتضح بعدها أن المشكلة تجاوزت الحد الذي يمكن لجهاز استخبارات أن يحلها، وخرجت من قائمة الأمور التي يمكن التعامل معها عن طريق عمليات سرية. طبيعة العنف وشدته وحجمه والحسابات السياسية، كل ذلك أبرز الصفة العسكرية للأزمة. بحسب تعبير الكاتب أوزرجان.
ودفع فشل القوات المحلية في إخراج "داعش" من عين العرب والموصل وتزايد الهجمات الإرهابية في الغرب، بوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" إلى الواجهة، بينما تراجع دور وكالة الاستخبارات المركزية. وأكسب مجيء إدارة ترامب والتقدم العسكري على الأرض المشروعية والزخم للبنتاغون.
وأكد أوزرجان أن الجيش الأمريكي هو من يدير الملفين السوري والعراقي اليوم. "بطبيعة الحال هذا لا يعني أن وكالة الاستخبارات أوقفت عملياتها، لكن الأفكار والتطلعات والأهداف والحلفاء والمؤسسات والأساليب والوسائل في السنوات الأولى من الحرب السورية تعرضت لتغير كبير". وتحول التدخل من "عملية سرية" تديرها أجهزة الاستخبارات إلى حرب مفتوحة يخوضها الجنرالات.
وذكر الكاتب في مقالته أن صحيفة واشنطن بوست أوردت خبرا في عددها الصادر بتاريخ 19 تموز/يوليو الجاري، يشير إلى مدى التغير. وقالت الصحيفة إن ترامب أوقف برنامج تسليح المعارضة السورية المعتدلة، الذي تشرف عليه وكالة الاستخبارات. وبينما انقطع دعم وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" للمعارضة المعتدلة، عمّقت البنتاغون علاقتها بحزب الاتحاد الديمقراطي من خلال تدريب وتسليح عناصره.
وخلص الكاتب أوزرجان في مقالته إلى أن الدول والتنظيمات في المنطقة ستقرأ المشهد الجديد في سوريا بطرق مختلفة. وعند النظر من جانب تركيا يمكننا القول إن الولايات المتحدة وروسيا تقاسمتا سوريا جغرافيّا وسياسيا وإيديولوجيا، على حد وصفه.
وختم بالقول: هذا الوضع الراهن لن يتغير على مدى سنين طوال. وهو يحتم على تركيا الإسراع في مراجعة مشكلة حزب العمال الكردستاني، وعلاقاتها مع الولايات المتحدة وروسيا وإيران، وقضية اللاجئين، وأمن الحدود.