الموصل — سبوتنيك. هذه الوثائق تعطي لمحة عن نمط حياة فرضه التنظيم الإرهابي في الموصل على أفراده كما على أهل المدينة.
تتراوح الوثائق من إدارية إلى تعليمية، إلى حياتية، ابتداء من وثيقة الانتساب والتي تسمى عندهم "استمارة استقبال الوافدين الجدد"، تكثر فيها الاسئلة، وأكثرها إثارة من ناحية الفضول، سؤال عن المنتسب إذا ما كان لديه "أقارب مرتدون" حسب تعابير التنظيم الإرهابي، وبعد الإجابة على 29 سؤالا يوقع المنتسب على تعهد بالسمع والطاعة والعمل في المكان الذي يحدده "الأمير لخدمة الدين".
هذه الاستمارة تركز وبشكل أساسي على علاقة المنتسب بالدين الإسلامي وعما يعرفه من الشريعة والقرآن، أول ما يطلب في هذه الاستمارة وجود كفيل للمنتسب في صفوف التنظيم الإرهابي، ما يؤكد من جديد، أن شبكة "الدولة الإسلامية، تعمل على جذب المعارف من المحيط قبل كل شيء، تكفلهم وتعزز وجودهم في عداد المقاتلين.
من الوثائق الأخرى التي وجدت في الموصل بعد طرد الإرهابيين منها، وثائق تابعة لما يعرف بـ"ديوان الحسبة"، وعدد المخالفات والمحاكمة عليها، ما يوضح فيها عدد القضايا التي تعامل معها "الديوان" والتي بلغت، حسب الوثيقة الموجودة، 12300 قضية وزعت كالتالي "31 بالمائة منكرات في العبادة مثال البيع والشراء وقت الصلاة، 13 بالمائة قضايا دخان ومخدرات (المتاجرة والمشاهرة)، 56 بالمائة منكرات متنوعة مثال "الأسبال — التبرج".
وتبرز هذه الوثيقة عدد المضبوطات والتي كانت كالتالي "55876 كروز دخان، 1850 حبة مخدرة، 315 أدوات معازف (موسيقية)"، كما تحدد الوثيقة أماكن المخالفات وتوزعها في ولايات الخلافة التي كان للرقة الحصة الأكبر منها.
ومن الوثائق الإدارية التي تنظم عمل التنظيم الإرهابي على الصعيد اليومي، تنتقل الأنظار في حزمة الأوراق التي تركها الفارون من الإرهابيين في المدينة، إلى وثائق تعليمية، تشريعية، تحرم هذا وتسمح بذاك: في منشورات وكتبيات صغيرة يحرم المقاتلون على سكان المدينة "مشاهدة المحطات الفضائية لأنها من عمل الشيطان"، يمنع "المتاجرة بالدخان لأنه فساد"، تليها منشورة تعاقب المدخن وتفصل أساليب العقاب، كتيبات تدعو إلى إطلاق اللحية، ووجد المقاتلون وقتا طويلا يفضلون فيه أهمية اللحية على صفحات عدة في كتيبات مطبوعة ومختومة بالألوان، ومنشورات أخرى تنظم حياة المنتسبين إلى هذا التنظيم الإرهابي، لا يمكن معرفة ما إذا كانت توزع بشكل عشوائي على كل بلدة تقع تحت قبضة هذا التنظيم الإرهابي أم أنها كانت تدرس في حلقات ما خاصة لهذا الشأن.
ولكن اللافت هو أنه بين الأوراق التي وجدت في المدينة بعد تحريرها كتاب مدرسي للصفوف الابتدائية لتدريس الصغار في السن "عقيدة المسلم"، كتاب مدرسي بطبعة ملونة ما وجد منه صفحات عدة، ربما كان أكبر من هذا الحجم أم اقتصر على عملية غسل أذهان صغيرة بريئة لتصبح يوما ما ذراعا يقاتل إلى جانب الإرهاب.
ما يمكن قوله، الموصل تحررت وانتصر الجيش على ما يسمى دولة، سمحت لنفسها أن تعيش وهم التوسع، دولة على الرغم مما تكلفته من عناء الطبع والتنظيم والإدارة تبقى دولة من رمال تنفخها أول نسمة لتسقط بلا عودة.