ودعا وهاب إلى الاستفادة من قوة الموقف والدور الروسي في المنطقة لتصحيح المسار نحو مكافحة الإرهاب وتطوير العلاقات مع روسيا العائدة بقوة إلى الساحة العالمية في مواجهة الهيمنة الأمريكية التي حاولت مع حلفائها في استثمار الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط واستخدمته لتحقيق مصالحها والتضييق على روسيا وغيرها من دول العالم.
وجاء نص الحوار كالآتي:
سبوتنيك: بداية دعنا نتحدث عن زيارتكم إلى روسيا، أهداف وأجندة هذه الزيارة؟
الزيارة إلى روسيا ، كعربي معتدل في منطقة المشرق العربي اعتبرها أولا أنها واجب لشكر روسيا على الدور الذي تقوم به في منطقتنا، أنا اعتبر أن المشرق العربي كاد أن يسقط بأكمله في قبضة الإرهاب لولا التدخل الروسي في سوريا، المشرق العربي كان مهدد بكل دوله وبكل طوائفه، وكما تعرفون المشرق العربي هو كناية عن مجموعة من أقليات ليس فيها أكثريات، ولكن كل هذه الأقليات الدينية وكل المعتدلين في هذه المنطقة كانوا ضحايا الإرهاب لولا التدخل الروسي في سوريا لمواجهة الإرهاب، لمواجهة "داعش" و"النصرة" وكل المجموعات الإرهابية التي أتت لتدمير سوريا، لتدمير كل المنطقة فهي انتشرت في لبنان، انتشرت في سوريا، ضربت في تركيا، ضربت في الأردن وفي السعودية وفي أوروبا، ضربت في عدة مناطق من العالم وفي روسيا كذلك، لذا أريد أن أقول إن تدخل روسيا في المنطقة ساهم إلى حد كبير في حماية التنوع في هذه المنطقة، وساهم في حماية الوجود المعتدل، وانتزاع المنطقة من براثن الإرهاب، وقد تمكنت روسيا خلال هذا التدخل أن تحشر الجميع، يعني كانت واشنطن تريد الاستثمار مثلا في "داعش" و"القاعدة" خمسين عاماً لولا التدخل الروسي.
لولا التدخل الروسي كان الأمريكيون يريدون الاستثمار في "داعش" والقاعدة في مواجهة كل دول المنطقة، وكل شعوب المنطقة واستثمارها لعشرات السنوات، التدخل الروسي الجدي والضربات الروسية الجدية التي وجهت للقاعدة فعلا حشرت الجميع، والآن ترى الجميع يتسابق لضرب "داعش" في العراق أو في سوريا، لكن كل ذلك جاء نتيجة التدخل الروسي.
سبوتنيك: دعونا نتابع الحديث بالشأن الخاص بالعلاقة مع روسيا، ومن ثم نعود إلى لبنان والمنطقة، كيف تقرأون التحرك الميداني والسياسي الروسي الحالي في ظل التطورات والمتغيرات الراهنة على الساحة الإقليمية والعالمية مع الأخذ بعين الاعتبار الخلاف
بكل صراحة هناك تناقض روسي أمريكي واضح، ليس في موضوع منطقتنا بل على مستوى العالم، روسيا تطرح نفسها كدولة صديقة لكل شعوب العالم، والولايات المتحدة تطرح نفسها دولة تريد الهيمنة على كل هذا العالم، ربما بما فيه الحديقة الخلفية لروسيا، وقد كنا نتناقش بهذا الحديث في فترات سابقة حتى مع السفراء الروس الذين كانوا في لبنان، وأتذكر أنني كنت أتناقش مع سفير روسيا في لبنان، أعتقد توفي الآن، كان السفير بوكين لروسيا في لبنان، وكان عندي رأي حينها بهذا الشأن، فقلت له إذا لم تواجهوا هذه الهيمنة الأمريكية في منطقتنا أو هذا التدخل السافر الأرعن في منطقتنا فسوف تذهب الولايات المتحدة إليكم، ستأتي إلى الداخل الروسي، هذه هي السياسة الأمريكية كلما أعطيتها أكثر كلما زادت شراسة أكثر، أنا اعتبر أن الرئيس بوتين هو أكثر من عرف كيف يجب التعامل مع هؤلاء، مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة، ونحن يمكن كنا كشعوب ضعيفة، أو نعتبر أنفسنا دولاً ضعيفة في مواجهة آلة القتل والتدمير والدعاية الأمريكية، نقول إن روسيا تمكنت في أكثر من ساحة من مواجهة أمريكا، كما تعرف في الحرب على العراق، فقد أطاحت أمريكا أيام جورج بوش بكل "الفيتوات" التي وضعتها بعض الدول ضد هذه الحرب، في روسيا تمكن الروس من مواجهة الأمريكيين في مجلس الأمن ومنعوهم من استخدام مجلس الأمن، يبقى هناك موضوع حساس تقوم أمريكا بمحاولة الضغط فيه على روسيا وعلى كل دول العالم، هو الدولار، هذه الآلية المالية التي يجب في النهاية أن تقوم دول بريكس بشيء ما لمعالجتها، يعني الأمريكي كان يحكمنا بأداتين اثنتين، الأولى هي مجلس الأمن، ويستعمل مجلس الأمن كعصا ضدنا والدولار كذلك الأمر فالآن مازال الأمريكي يستخدم الدولار كوسيلة للضغط الاقتصادي على كل الدول.
سبوتنيك: ماهو الدور الذي يعول عليه لبنان بناء على تطوير العلاقات الروسية اللبنانية بكافة المجالات وعلى جميع المستويات؟
العلاقة الروسية اللبنانية بحاجة إلى تطوير أكثر، أنا رأي أن هناك أكثر من خلل في هذه العلاقة، ولا أعرف من هو المسؤول عنه! أنا أعتبر أن لبنان بجزء كبير مسؤول عن هذا الخلل نتيجة حساباته مع الأمريكيين، ونتيجة حسابات بعض أركان الدولة مع الأمريكيين أيضا، ورغم أن المساعدات التي تقدمها أمريكا محدودة جدا، أنا أعتقد بكل صراحة أن روسيا بحاجة إلى تطوير دورها في لبنان لأن روسيا أصبحت موجودة في المنطقة، موجودة في سوريا وسيبقى هذا الوجود الروسي إلى فترة طويلة في سورية.
سبوتنيك: إذا زيارتكم تأتي في هذا الإطار، وحبذا لو أجبتم على الجزء الثاني من السؤال الأول كون الواقع السياسي أخذنا…أجندة الزيارة والأهداف المرجوة منها؟
الزيارة لها أكثر من شق، ربما ليست محصورة فقط بالوضع اللبناني، وربما سوف تتعداه إلى وضع المنطقة، أنتم تعرفون أنه يعنينا كثيرا الوضع السوري، ويعنينا كثير أن تكون سوريا مستقرة وأن تكون موحدة، يعنينا كثيرا أن تعود سوريا إلى مسيرة الإعمار وأن تتطور المصالحات القائمة الآن باتجاه العودة إلى حضن الدولة، ونحو إنهاء كل مظاهر الشغب في سوريا وحصر المعركة مع الإرهاب، لذلك هذا موضوع أساسي لأن المواجهة لا تنفصل في المنطقة، لذلك لاتستطيع أن تقول أنا أريد أن أواجه الإرهاب في سوريا ولا أواجهه في العراق وأنا أواجه الإرهاب في سوريا ولا أواجهه في لبنان، المنطقة مفتوحة على بعضها البعض ونحن نرى مايجري في الجرود اللبنانية في المعركة ضد الإرهاب.
سبوتنيك: بالعودة إلى المنطقة أختصر الحديث إليكم بسؤالين:
أولا: أهمية ماحصل في عرسال على المشهد الداخلي اللبناني، وكيف تقيمون تعاطي الفريق المقابل مع إنجازات الجيش والمقاومة في القضاء على جبهة النصرة ودحر ماتبقى منها؟
أنت تعرف أن هناك فريق سياسي في لبنان يمثل "داعش" و"النصرة" سياسيا، ونحن نعتبره الجناح السياسي لـ"داعش" و"النصرة"، هذا الفريق متوهم بشكل تافه وسخيف بأنه يستطيع الاستفادة من الإرهاب، لا أحد يستطيع الاستفادة من الإرهاب، ولا أحد يستطيع الاستفادة من التنظيمات الإرهابية، أنت تتوهم أنك تستفيد من هذه التنظيمات، لكن عملياً هذه التنظيمات في النهاية هي ضد أي أحد إذا كان يعتبر نفسه في موقع الاعتدال، لكن ربما العداوة السياسية تدفع البعض أو يعتقد البعض أنه إذا تمكنت هذه التنظيمات الإرهابية من هزيمة مثلاً المقاومة أو حزب الله أو سوريا يمكن أن يستفيد منها، هذا وهم لا أحد يستطيع أن يستفيد من الإرهاب وهذا ماظهر على أرض الواقع. الآن أنت ترى الأوروبين كيف يتصرفون وهم الذين في بداية الأحداث في سوريا ركبوا أوهامهم وحاولوا الاعتقاد بأنهم قادرون على الاستفادة من الذي يجري في سوريت، مالذي حصل؟ الذي حصل أن المعركة ارتدت عليهم أصبحت داخل أراضيهم وفي شوارعهم.
سبوتنيك: يعتقد البعض أنه في حال استطاعت، هناك ضرورة موضوعية للتنسيق السوري اللبناني أمام هذا الخطر، وكل التجارب تقول إن الدول تتعاون فيما بينها عندما تتعرض لتفس الخطر، لماذا أصبح لبنان استثناء من هذه القاعدة؟
لأن الجانب الأمريكي والسعودي يمنعان لبنان من التنسيق مع الدولة السورية وهذه مشكلة كبيرة.
سبوتنيك: لكن الحكومة الللبنانية كانت مجبرة إن صح التعبير على التنسيق في هذه المرة؟
الآن هناك بعض الوزراء سيقومون بزيارة إلى سوريا، لأن التعاون ضروري الآن، حاليا سوريا تزود لبنان بجزء من حاجته للكهرباء، ولكن هناك بعض الناس الذين يأتمرون بالأوامر الأمريكية والسعودية بالتحديد، هم يرفضون هذا التنسيق، لذلك هذا الأمر يحدث انقساما لبنانياً وهذا خطأ كبير بحق لبنان.
سبوتنيك: معالي الوزير كيف ترون وأنتم رجل له باع سياسي طويل، ونحن نتابع طريقة تعاملكم مع الأحداث الجارية سواء على الساحة اللبنانية أو في المنطقة أو على الساحة العالمية، أنتم من على الضفة اللبنانية كيف ترون الأوضاع في سورية وإلى أين تسير حسب تقديراتكم؟
بصراحة الوضع في سوريا وأنت تعلم بأننا كنا على أبواب كارثة كبيرة قبل التدخل الروسي، كان الضغط كبيرا وكان الإرهاب قد حشد كل قواه من كل أنحاء العالم من أجل إسقاط سوريا ومحاولة إسقاطها، وأنت تعرف أن الضغط كان مناطق أساسية، كان الضغط على اللاذقية وعلى دمشق وعلى حمص، كان هذا الضغط على كل المدن على حلب التي كانت محتلة في بعض أجزاءها، كان جزءاً كبيراً من حلب محتلا، بصراحة الرئيس بوتين أنقذ الموقف، أنا أعتقد بأنه اتخذ قراراً شجاعاً سيجله له التاريخ، بأنه تمكن من إنقاذ ملايين من الناس الذين يؤمونون بالحرية، والحرية الاجتماعية الدينية، ويؤمنون بالعيش مع الآخر.
نحن نتحدث عن الدور الروسي لأن الجيش السوري من الطبيعي أن يقوم بددوره، ونحن من الطبيعي أن نكون مدافعين عن سوريا، والمقاومة من الطبيعي أن تكون مدافعة عن سوريا، سوريا هي التي قدمت للجميع وهي التي حمت الجميع، وسوريا هي التي دعمت الجميع في اللحظات الصعبة وهذا أمر طبيعي، لكن أن تأخذ روسيا هذا الموقف وتتدخل لأول مرة خارج أراضيها فهذا موقف جديد وشجاع، هذا هو الموقف الشجاع الذي أعاد الألق وأعاد الأهمية للدور الروسي على مستوى العالم، أثبت الرئيس بوتين أنه قادر على أن يكون دوراً مهماً لروسيا، التوازن الدولى ضرورة للأمن العالمي، وهذا أمر لا أقوله لوحدي فقط، وأروي لك أمر حصل معي، أتاني في السابق وفدا أمريكيا، طبعاً ليس وفداً رسمياً لأن هناك مقاطعة أمريكية لي وعندي عقوبات، هذا الوفد كان من ضمنه السفير الأمريكي السابق لدى الاتحاد السوفييتي، كان سفير الولايات المتحدة إبان سقوط الاتحاد السوفييتي، وقال لي لقد كان لي دور في سقوط الاتحاد السوفييتي، وفي العمل على غورباتشوف وغيره، وقد ألف كتابا حول ما حصل أثناء سقوط الاتحاد السوفييتي وعن دوره في إسقاطه.
هنا قلت له أنا: هل أنت نادم على إسقاط الاتحاد السوفييتي؟ قال نعم نادم، فقلت له لماذا؟ فأجابني: العالم يكون أفضل بدون أحادية القطب والعالم يكون أفضل بتعدد الأقطاب لأن الأمن يكون أفضل عندما يصبح هناك أكثر من قطب دولي.
نحن عانينا في منطقتنا من رجل مجنون اسمه جورج بوش تسلم قيادة العالم دون منازع، دمر العراق، ونحن نعيش اليوم كلنا نعيش اليوم تحت وطأة الإرهاب، لأن الإرهاب انتشر بعد تدمير العراق.
سبوتنيك: هذا بات أمراً واقعاً لكن الولايات المتحدة لاتريد الاعتراف بذلك وهذا ما يشرح الذي يجري…أليس كذلك ؟
طبعا ستستمر الولايات المتحدة بالسير في هذا الطريق، ستقوم بفرض العقوبات، وستقوم بما تقوم به اليوم، ولكن لا أعتقد بأنه يستطيع أن يغير من صمود روسيا.
أجرى الحوار: نواف إبراهيم