ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين كبار ودبلوماسيين غربيين أن "اللقاءات تمت قبل بضعة أيام من إعلان روسيا والولايات المتحدة الأميركية اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا، في وقت عرضت إسرائيل تحفظاتها على بعض نقاط الاتفاق خاصة أنه لا يؤكد على عدم ضرورة إخراج القوات الإيرانية من الأراضي السورية".
وشارك في هذه المباحثات، بحسب "هآرتس"، دبلوماسيون كبار وجهات أمنية عالية المستوى من الدول الثلاث.
وجاء أن الطاقم الإسرائيلي كان يتألف من مسؤولين في وزارة الخارجية ووزارة الأمن والموساد والجيش، في حين ترأس الطاقم الأميركي مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشؤون سوريا والتحالف الدولي ضد "داعش" مايكل راتني، وبريت ماكغورك. أما الطاقم الروسي فقد كان يترأسه مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشؤون سوريا، ألكسندر لافرينتييف.
ونقلت "هآرتس" عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن الخلافات المركزية في جولات المحادثات بين إسرائيل والولايات المتحدة وروسيا كانت تتصل بالطريقة التي ينظر بها الطرفان إلى المشكلة في سوريا، حيث إن واشنطن وموسكو تنظران إلى وقف إطلاق النار في جنوبي سورية وإقامة منطقة عازلة على أنهما وسيلة عملية وتكتيكية للمدى القصير حتى المتوسط، وذلك بهدف خلق وضع يمكن فيه التركيز على القضاء على تنظيم "داعش" وخفض مستوى القتال في سوريا.
وبالمقابل، وبحسب المسؤولين الإسرائيليين، فإن إسرائيل تعتقد أنه يجب النظر إلى اتفاق وقف إطلاق النار بصورة استراتيجية وبعيدة المدى، والتركيز على مسألة كيف ستكون سوريا بعد انتهاء الحرب، ومدى النفوذ الإيراني فيها.
كما تعتقد إسرائيل أن اتفاق وقف إطلاق النار يجب ألا يوفر الرد على التواجد الإيراني في المنطقة الواقعة على بعد 20 كيلومترا من الخط الحدودي مع إسرائيل فقط، وإنما في باقي سوريا أيضاً. وقال مسؤول إسرائيلي إن الرسالة لموسكو وواشنطن كان مفادها أنه يجب وضع مطلب واضح أمام الإيرانيين وهو أنه "يجب إخراج قوات الحرس الثوري وحزب الله من سوريا"، بحسبه.
وأضاف المسؤول نفسه أن إسرائيل حذرت الروس والأميركيين في لقاءات الأردن وأوروبا من أن عدم مغادرة إيران لسوريا من شأنه أن يحولها إلى قاعدة صواريخ تهدد إسرائيل والأردن، بشكل مماثل للوضع في لبنان وقطاع غزة.
وادعت إسرائيل أيضا أن "تواجد القوات الإيرانية والميليشيات الشيعية في سوريا من شأنه أن يغير الواقع الديموغرافي فيها بما يؤدي إلى الإخلال بالتوازن بين الشيعة والسنة في المنطقة كلها، وزعزعة الاستقرار في الدول السنية المجاورة".
ونقلت "هآرتس" عن مسؤول إسرائيلي قوله إن خيبة الأمل كانت نابعة من حقيقة أن الاتفاق لم يأت على ذكر إيران أو حزب الله، وإنما تطرق بشكل ضبابي إلى الحاجة لمنع دخول جهات مسلحة إلى داخل المنطقة العازلة على الحدود بين سوريا وبين الأردن وإسرائيل. كما لم يتضمن الاتفاق أي تطرق للتواجد الإيراني في باقي أنحاء سوريا.
وكانت تفاصيل مسودة الاتفاق هي التي دفعت رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى مهاجمة الاتفاق بشكل علني خلال زيارته لباريس في 16 تموز/ يوليو الماضي، وادعى أن الاتفاق يديم التواجد الإيراني في سوريا.
يذكر أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر كان قد ناقش الاتفاق للمرة الأولى الأسبوع الماضي، وأبلغ الوزراء بأن الحديث عن "اتفاق سيئ لا يأخذ بالحسبان المصالح الأمنية لإسرائيل".