وكشف الشاهد عيان، أبو مصطفى وهو من جنوب الموصل، في الجزء الثاني من حديثه لنا، عن أمكان تجمع صهاريج النفط الخام الذي كان تنظيم "داعش" الإرهابي يسرقه من الحقول النفطية في علاس وعجيل، شمال محافظة صلاح الدين، شمالي بغداد، وهي طوابير قرب ساحة المدرج بناحية القيارة.
ويقول أبو مصطفى، وهو من قرية زهيليلة قرب قاعدة القيارة، إن الصهاريج كانت محملة بالنفط الخام فقط، وبعد اكتمال حمولاتها تخرج من القيارة نحو سوريا وتركيا.
وأفاد أبو مصطفى، تأكيدات عن أقوال سائقي الصهاريج والـ"تريلات" الحمل الكبيرة، بأن الصهاريج كانت تتجه للبيع في تركيا دائماً، وأغلبها يشتريها تجار ومافيات أتراك، ويبلغ سعر الصهريج الواحد سعة 36 ألف لتر، أكثر من 10 آلاف دولار أمريكي.
وأضاف أبو مصطفى، أيضا عن سائق أخر أخبروه أن تنظيم "داعش" كان يرفض التعامل بالعملة المحلية الدينار العراقي أو الليرة السورية، ويطلب الدولار فقط مقابل البيع، مشيرا ً إلى أن ما يصل لحراقات الوقود في القيارة من الصهاريج ما نسبته 1 % منها، أي ما يقارب نحو ثلاثة صهاريج لا أكثر، تبيع الخام على مالكي الحراقات لتحويله إلى مشتقات نفطية.
وأجرى تنظيم "داعش" الإرهابي، عمليات تبادل تجارية مع مجموعات تركية، صهريج خام مقابل نفط أبيض، وغيره من المشتقات التي كان يحتاجها التنظيم في أسواقه السوداء المخصصة لبيع ما يُسمى بالغنائم، والأملاك والمسروقات المنهوبة من كل مناطق سيطرته في شمال العراق قبل أن يخسر سطوته فيها.
ويقول أبو مصطفى "إن تنظيم "داعش" الإرهابي، لم يستخدم أبار وحقول القيارة ولا تلك الموجودة في قضاء الشرقاط في صلاح الدين أيضا ً، بل انصب تركيزه فقط على علاس وعجيل، وبعدها من مصفى بيجي، لأنها كانت الأقرب للتحرير منه في منتصف عام 2015، وقبلها كان يسرق النفط من حقول قضاء الدبس في كركوك، شمالي بغداد.
وأضاف، عندما وصلت القوات العراقية الى قضاء بيجي الذي يضم أكبر مصفاة لتكرير النفط في العراق والشرق الأوسط، شمال صلاح الدين، و بعد تحريره من قبضة التنظيم، اتجه عناصر "داعش" نحو نفط الشرقاط، ثم نحو القيارة في 2015.
وكان يوميا يخرج 100 صهريج من منطقة التحميل، وفي الفترة الأخيرة قبل تحرير القيارة في أواخر أغسطس 2016، كانت حتى السيارات السورية تأتي إلى الساحة لتحميل النفط — تقف في طابور طويل تتراوح فيه أعداد الصهاريج ما بين مئة و300، وفي أحد المرات وصل العدد لأكثر من 400 صهريج في الساحة.
كان هناك "كرفان" للإدارة خاص بتنظيم "داعش" قرب جامع النوراس، قريب على جسر القيارة، من داخل الكرفان يقتطع سائق الصهريج "وصل" ويدفع المبلغ الخاص "بالحمل"، وقد قام طيران التحالف الدولي ضد الإرهاب قصف التجمع في ساحة التحميل مرتين.
وتابع، صحيح أن العدد في الطابور بالمئات، لكن من يحملون في اليوم الواحد ويخرجون نحو البيع، تتراوح أعدادهم ما بين (100-80)، ويبقى السائق في الطابور ينتظر أن يأتيه الدور، ليومين أو ثلاثة وأكثر.
ولفت أبو مصطفى، إلى أن تنظيم "داعش" استخدم أكثر من أربعة أبار نفطية من ناحية القيارة، وكذلك تلك الموجودة في منطقة الدكازل الواقعة في الجهة الغربية من الناحية.
وذكر أبو مصطفى عن شهود عيان، أنهم كانوا يرون سيارات "البيك اب" و"المونيكا" اللتان خصصهما تنظيم "داعش" الإرهابي لاستلام أموال الصهاريج ما بين 36 ألف لتر، وهناك السورية من 14 أو 24 ألف لتر وهي على شكل "تنكر"، بإنها كانت تمتلئ تماما ً بحزم من الدولارات وغالبا ً تكون في اليوم الواحد 100 "شدة" — "الشدة الواحدة 10 آلاف دولار أمريكي".
الجدير بالذكر، أن القوات العراقية، تمكنت من تحرير القيارة، وقبلها بيجي، وعلاس وعجيل، وأجزاء واسعة من نينوى ومركزها الموصل، بالكامل من قبضة تنظيم "داعش" الإرهابي الذي تبكد خسائر بشرية فادحة.
ولا يخفى أن تنظيم "داعش" نهب كل ما وقع تحت بطشه في محافظات نينوى، وصلاح الدين، والأنبار، شمال وغرب البلاد، ومول نفسه من مبيعات النفط والأثار التي سرقها وهربها إلى الخارج، وجنا منها أموال طائلة.
وخسر تنظيم "داعش" الإرهابي الكثير من موارد السرقة، مع تفاقم خسائره وسقوط خلافته في الساحل الأيمن من الموصل، وتحررها منه في العاشر من يوليو الماضي، وما تبقى له سوى عدد قليل من الأقضية وهي تلعفر في نينوى، والحويجة في كركوك، والقائم وعانة ورواة غربي الأنبار.