وتهدف حملة الضغط على شركاء كوريا الشمالية التجاريين إلى إجبار بيونغ يانغ في نهاية المطاف على التخلي عن برامجها النووية والصاروخية.
ولكن حسب تقرير لـ"رويترز" فإن الإجراءات الأخيرة لم تعاقب البنوك الصينية التي يقول خبراء ومسؤولون أمريكيون سابقون إنها تمكن كوريا الشمالية من التجارة الدولية ويحدث ذلك عادة من خلال غسل الأموال عبر الولايات المتحدة.
واستهداف تلك البنوك بإجراءات تعرف باسم "العقوبات الثانوية" قد يمنعها فعليا من إجراء معاملات بالدولار الأمريكي أو نقل الأموال من خلال البنوك الأمريكية وهو ما يمثل إعلان وفاة لمعظم المؤسسات المالية أو ما يعرضها لغرامات ضخمة مثل المفروضة على بنوك أوروبية متهمة بالتقاعس عن الالتزام بعقوبات مفروضة على برامج إيران النووية والصاروخية.
وداخل إدارة ترامب هناك من خاب أملهم بسبب ما يرونه تقاعسا من بكين بشأن كوريا الشمالية ويضغط هؤلاء من أجل فرض عقوبات ثانوية.
لكن مجموعة أكثر اعتدالا، تضم وزير الخزانة ستيفن منوتشين وكبير المستشارين الاقتصاديين لترامب جاري كوهين، تخشى تأثير مثل هذه العقوبات على العلاقة الاقتصادية مع بكين.
وقال جوزيف ديتوماس المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية والذي سبق أن عمل على عقوبات إيران وكوريا الشمالية "أنا مندهش أنهم امتنعوا عن معاقبة المؤسسات المالية الصينية" في إشارة إلى عقوبات يوم الثلاثاء.
وأضاف "بمجرد أن تبدأ طريق استهداف بنك صيني مرتبط بشدة بالنظام المالي الأمريكي ستبدأ الأمور تتحرك بسرعة جدا ولا يمكن التنبؤ بها إلى حد كبير".
والصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة من حيث السلع وكسوق كبير للشركات الأمريكية مما يجعل الولايات المتحدة عرضة لخطر الرد الانتقامي من بكين، حسب "رويترز".
ووافقت الصين هذا الشهر على العقوبات الجديدة التي فرضتها الأمم المتحدة على كوريا الشمالية والتي حظرت تصدير الفحم والحديد والمأكولات البحرية والرصاص.
وفي السابق كانت قرارات الأمم المتحدة تقيد بعض هذه الصادرات بدلا من حظرها. ومثل تأييد الصين وروسيا للعقوبات الجديدة انتصارا دبلوماسيا كبيرا لإدارة ترامب.
وقال دان فريد منسق العقوبات بوزارة الخارجية الأمريكية حتى فبراير شباط إنه "كقاعدة عامة" يتعين على واشنطن أن تحذر الصين قبل إدراج بنوك صينية على القائمة السوداء برغم أن ذلك غير ممكن في العادة. ومعاقبة شركات صينية تنتهك عقوبات الأمم المتحدة من خلال التعامل مع شركات كورية شمالية مدرجة على قائمة العقوبات ستكون خطوة جيدة قبل ملاحقة بنوك بصورة عامة.
وقال فريد "الآن صادرات الفحم والمأكولات البحرية محظورة من كوريا الشمالية… لذلك علينا ملاحقة أي شركة وكل الشركات التي تستوردها".
وأشار إلى أن واشنطن عليها أيضا أن تدرس "تسمية وفضح" الشركات، لا سيما في مجال المنسوجات، التي تستخدم العمالة الكورية الشمالية وأضاف أن ذلك قد يشمل شركات صينية وغربية.
لكن ديفيد كوهين نائب المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.أيه) قال إن تطبيق عقوبات الأمم المتحدة لن يواجه على الأرجح جميع العلاقات المالية لشركات الواجهة الكورية الشمالية في هونج كونج أو الصين مع البنوك الصينية والتي "تستخدم لتحويل الأموال إلى النظام لا سيما من المبيعات غير المشروعة".
وقال كوهين "لذلك في هذا مجال قد تفلح العقوبات الثانوية".
وأيضا في يونيو/ حزيران قالت وزارة العدل إن شركة مقرها الصين تغسل دولارات أمريكية عبر بنوك أمريكية لصالح بنك كوري شمالي خاضع للعقوبات. واستهدفت حفنة من الإجراءات الأمريكية في الآونة الأخيرة شبكات تجارية ومالية دولية لكوريا الشمالية.
إلا أن واشنطن لم تستهدف بنوكا صينية تجري معاملات مع كوريا الشمالية بطريقة واسعة ولم يفرض الكونجرس الأمريكي حتى الآن عقوبات ثانوية ملزمة مثل تلك التي عززت موقف المفاوضين الأمريكيين عند التعامل مع إيران.
ويعتقد أنتوني روجيرو وهو مسؤول سابق بوزارة الخزانة الأمريكية ويعمل حاليا لدى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات وهي مؤسسة بحثية أن المخاوف من الرد الصيني على التحرك ضد البنوك الصينية مبالغ فيها.
وقال روجيرو "هناك طريقة للقيام بذلك… لا يتعين تجميد أصولها، لا يتعين قطع صلتهم بالولايات المتحدة. يمكنك بشكل أساسي إعلان أن إجراءاتهم للامتثال غير ملائمة وأنهم يمكن أن يواجهوا غرامات كبيرة".
وأضاف "حينها سيشرعون في طرح الأسئلة الصحيحة".
ومن المقرر أن يدرس الكونغرس مشروع قانون يتطلب إجراءات أمريكية ضد أي بنوك تتعامل مع كوريا الشمالية. ويعتمد مشروع القانون على نفس العقوبات التي فرضها الكونجرس على إيران.
وقال السناتور الديمقراطي كريس فان هولن أحد رعاة مشروع القانون في مقابلة الأسبوع الماضي "شاهدنا سلسلة من الإدارات الجمهورية والديمقراطية التي تعتقد أن الصين ستتعاون عندما يتعلق الأمر بتطبيق الضغط الاقتصادي على كوريا الشمالية".
وأضاف "علينا التحرك من مرحلة الطلبات الهادئة للتعاون إلى الطلبات الواضحة جدا لتطبق الصين هذه العقوبات التي وافقت عليها".