هزيمة الإرهاب في وسط سوريا وتأمين العاصمة السورية بشكل شبه كامل، وتأمين الحدود السورية اللبنانية، وسير عملية تأمين الحدود العراقية السورية بشكل حثيث بعد تحرير قضاء تلعفر، وصولاً إلى الحدود الأردنية التي أصبح تأمين الحدود فيها تحصيل حاصل، بفعل هذه الانتصارات ومناطق تخفيض التصعيد على هذه الجبهة غيرت الموازين، وبالتالي من وجهة التحول الاستراتيجي العسكري ووفق المتغيرات الميدانية تكون العمليات انحصرت بثلاث مناطق هي درعا، إدلب، دير الزور، ما يعني أن تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة هي الدول المعنية بهذه التطورات والمتغيرات.
ويعني أن تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة هي الدول المعنية، ومن هنا وبناء على ما تقدم تطرح مجموعة من الأسئلة نفسها أهمها:
هل تدخل هذه الدول في حرب أم تسوية وعلى أي أساس؟
هل ستقبل الولايات المتحدة بمثل هذه الهزيمة؟
هل ستذعن تركيا لمقتضيات الحالة التي تجبرها على الذهاب إلى التسوية لضمان ما تبقى من مكاسب مرهونة بالبقاء على الأرض السورية أو الخروج منها وفق الشروط التي تحددها سوريا وحلفاؤها
كيف سترد إسرائيل بعد أن عاد رئيس وزراؤها نتنياهو خاوي الوفاض بعد لقائه مع الرئيس بوتين؟
سوريا وحلفاؤها دفعوا ثمن الحرب باهظاً، هل ستقبل الولايات المتحدة وحلفاؤها بدفع ثمن إنهائها وكيف؟
كيف يمكن أن تؤثر هذه المتغيرات على الجولات القادمة من أستانة وجنيف؟
تركيا بات سلوكها مفهوماً والسلوك الأمريكي بات مرهوناً بالتوافق مع الروسي، لكن الأسرائيلي هو الطرف الذي يستدعي التخوف من سلوكه، فقد هدد روسيا بتخريب وقف إطلاق النار على الجبهة الجنوبية وهدد بقصف الرئيس الأسد، مالذي يمكن أن يقوم به الإسرائيلي استناداً إلى ذلك؟
يقول الخبير العسكري الاستراتيجي العميد على مقصود بهذا الصدد ما يلي:
الاستدلال يبدأ بقراءة النتائج والتحولات التي أنتجت وقائع وحقائق هي من يقودنا إلى أن نوصف هذا الهدف وعلى أي مسارات يتحرك، على المسار العسكري أم على المسار السياسي الدبلوماسي؟ بتقديري أن هذه الحقائق والوقائع وهي انتصارات وإنجازات استراتيجية لا بل وجيواستراتيجية، فعندما يكون هذا القلب من الجيب السوري ممثلاً بالمنطقة الوسطى التي تتصل بلبنان عبر سلسلة جبال القلمون الغربي لتنتهي بالبادية السورية على الحدود السورية العراقية على هذه المنطقة الممتدة من البادية السورية من الجهة الجنوبية على الحدود السورية الأردنية وصولاً إلى الريف الشمالي الشرقي لحلب والجنوبي لمدينة الرقة كل هذه المنطقة أصبحت تحت سيطرة الجيش السوري، هذه المنطقة رسمت خارطتها من قبل الجيش العربي السوري وحلفائه وتطهيرها من الوجود الإرهابي وتحويل ما تبقى من فلول العصابات الإرهابية إلى بؤر مشلولة ومحاصرة، بل أصبحت عبئاً على مشغليها وعلى المناطق التي مازال هناك فيها وجود لهذا الإرهاب، ويمكن أن تشكل قوة محدودة تحتفظ بقدرة على مواجهات محدودة لأيام وقد تتعداها لأسابيع، وبالتالي هذه المعادلة فرضت المسار الذي يمكن أن تستمر عليه هذه المواجهة، وهنا نتحدث عن مواجهة بين مشروعين يعني بين محورين، والمحور الذي انتصر هو محور المقاومة الذي استعاد الجغرافيا وموازين القوى والمعادلات الكاسرة لهذه الموازين، والمشروع الآخر انهزم ليس في الجغرافيا فحسب بل وبالعقيدة.
وأضاف العميد مقصود:
أما عضو المركز الدولي للدراسات الأمنية والجيوسياسية الأستاذ سومر صالح، فيقول:
الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين من جهة في صراع غير عادي في سوريا، وعلينا أن نعترف بهذه الحقيقة، هم في صراع على بنية النظام الدولي وهذا الموضوع له تأثيره بالمحصلة على الأزمة السورية، وكل ما يحصل الآن في الأزمة السورية يمكن أن نسميه على أنه البنية الفوقية للصراع، الشكل المظهر الخارجي للصراع، ولكن حقيقة الصراع هي أمور أعمق، لذلك هذه الأمور تؤثر، والتأثير الأهم هو العلاقة البينية بين البنية التحتية والبنية الفوقية، حالياً هناك تقارب أمريكي روسي أو محاولة احتواء أمريكي، احتواء غربي لروسيا من الناحية الاقتصادية لأجل أن تصبح روسيا في ضمن النظام العالمي المالي الجديد أو أن تتحول إلى قطب جديد ضمن الصيغة الراهنة للنظام الاقتصادي الجديد، هذا الأمر قد يؤدي إلى نتائج إيجابية في الأزمة إن استمر، وإن لم يستمر واستمرت اليوم القناعة في بوتين والقيادة الروسية أن الصين لا يجب أن تستفرد بها الولايات المتحدة يعني أننا نتجه إلى الصدام بين روسيا والصين من جهة وبين النخب والعائلات الدولية الحاكمة والمتحكمة بالنظام المالي العالمي من جهة أخرى، وأستطيع أن أقول إن كل السيناريوهات والمتغيرات جاهزة لأحد الاحتمالين، إما الدفع باتجاه التسويات وإما الدفع باتجاه الصدام.
وأضاف الخبير صالح، قائلاً:
وبخصوص السيناريوهات المتوقعة، وانعكاسها على جنيف، هنا الموضوع مرتبط بالسيناريوهات المتوقعة في المناطق الثلاث في سوريا في إدلب ومنطقة الحدود السورية مع فلسطين المحتلة إضافة إلى ما يسمى المنطقة حوض الفرات، عندما نستطيع ضبط السيناريوهات نستطيع أن نتوقع إلى أين تسير كل هذه السيناريوهات السياسية والعسكرية، والجولات التي سميناها اصطلاحاً دبلوماسية العسكر خلال الشهر الحالي عندما كان هناك تنسيق وزيارات بين رئيس هيئة الأركان الإيراني والتركي من جهة ودخل إنها دبلوماسية العسكر بين قوسين
إلى ماذا ستفضي؟
هل ستفضي إلى اتفاقات عسكرية كما كان في هامبورغ؟
أم أنها ستفضي إلى مواجهات انطلاقا مما تعد له تركيا في إدلب والولايات المتحدة في منطقة حوض الفرات؟
إذاً هناك احتمال الوصول إلى مواجهة، وبالتالي اليوم ما يجري تحت الطاولة وفي الخفاء من المفاوضات لا يمكن أن يؤدي إلا إلى إحدى نتيجتين، إما التصادم على ثلاث جبهات أو التسوية على ثلاث جبهات لا يمكن الفصل بينها لأن الأمريكي موجود في الجبهات الثلاث.
التفاصيل في التسجيل الصوتي المرفق.
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم