سبوتنيك: نبدأ من آخر تصريحاتكم حول وقف الرحلات الجوية إلى أربيل من جانب العراق وبعض الدول العربية الأخرى، والتي قلتم أنها ستضر بغداد أكثر من الإقليم، ماذا تقصد بذلك؟
بكل تأكيد أي عمل أو إجراء سيتم إتخاذه من طرف واحد، أو من جانب بغداد فقط سيكون له ضرر على الطرفين، وفي هذه الحالة ستكون بغداد الأكثر تضرراً، فمثلاً أكثر من 45% من قدرة مطار أربيل والسليمانية تعمل لصالح السلطة المركزية في بغداد، وهناك نسبة عالية من الجزء المتبقي الـ 55% تعمل لصالح الجيش العراقي والتحالف الدولي، لأننا لا نزال في حرب مع تنظيم "داعش"، والنسبة المتبقية لا تتجاوز الـ 20%، وهذا سيترك ظلاله على جميع الأطراف، وفي اعتقادي أن مثل هذه الإجراءات سيبطيء عملية الحوار التي ينادي بها الإقليم ويصر عليها.
سبوتنيك: إذا أنتم ترون أن الحوار يجب أن يسود خلال المرحلة القادمة مع بغداد؟
كما قلت إن الإقليم على قناعة تامة بأن أي إشكالية أو خلاف سيحل في النهاية على طاولة الحوار والتفاوض، وأمامنا شواهد كثيرة وفي مقدمتها الصراع العربي الإسرائيلي والذي كان الأكثر تعقيداً في المنطقة، وبعد حروب عديدة، رضخ الجميع في النهاية إلى لغة الحوار والتفاوض فيما بينهم وأنتجوا سلاماً، وإن لم يكن بالشكل المطلوب، لكن في النهاية يعلم الجميع أن الحرب لا تنتج إلا مزيدا من الدماء والخراب ومزيدا من الثكالى والأيتام.
سبوتنيك: عملية وقف رحلات الطيران إلى إربيل، هى خطوة تصعيدية من جانب بغداد، قد تليها خطوات تصعيدية أخرى، ما تأثير ذلك على الحرب ضد "داعش"؟
الجميع يعلم بما فيها بغداد أن مطاري إربيل والسليمانية هما أفضل المطارات ويتفوقان حتى على مطار بغداد، في خدماتهما وفي الكثير من الأمور الفنية واللوجستية، وتلك الحقيقة يعرفها الكثير من المسؤولين والسياسيين في بغداد، وبالنسبة لتأثير هذا الإجراء على قتال "داعش"، مطار أربيل أقرب من مطار بغداد للكثير من جبهات القتال مع "داعش"، وبصفة خاصة في الموصل وفي أطراف كركوك، وغالبية طيران التحالف الدولي والجيش العراقي يستخدم مطار أربيل في عملياته العسكرية.
سبوتنيك: ما الذي تتوقعونه من ردود أفعال أخرى على الاستفتاء، من بغداد ودول الجوار؟
القيادة السياسية والمجلس الأعلى للانتخابات والاستفتاء وضعوا نصب أعينهم ما سيحدث كردود أفعال على الاستفتاء، ويجب أن يعلم الجميع أن هناك الكثير من المبالغات والتهويل الإعلامي، مثل التوترات على الحدود مع إيران وتركيا وإغلاق الحدود مع طهران، وهذا غير صحيح فالمعابر والحدود مع إيران مفتوحة على طبيعتها، فالتهويل الإعلامي هو السائد في هذه المرحلة.
سبوتنيك: ولماذا سارع البرلمان العراقي برفض الاستفتاء ونتائجه قبل حدوثه؟
يتحكم في مجلس النواب العراقي في بغداد كتلة ما يعرف بـ"دولة القانون"، وهي كتلة ذات توجه طائفي، وتعمل على فرض سياسة الأغلبية السياسية في البرلمان وبالتالي ستصبح السلطة بيدها ذات مكون عراقي واحد وستلغي كافة المكونات الأخرى، حتى وإن ادعوا أن هناك توافق مع مكونات أخرى، فتلك القوى تردد نفس الأغنية التي يرددها نوري المالكي وجماعته.
سبوتنيك: ما حقيقة ما يجري على الأرض في الإقليم وعلى الحدود بعد إجراء الاستفتاء؟
كما قلنا هناك عمليات تهويل للأوضاع سواء بالنسبة للداخل أو على الحدود مع تركيا، فالمناطق التي يجري فيها الجيش التركي تحركات أو حشود، هى مناطق معروفة بأنها مناطق "عنف"، ويجري بها الجيش التركي عملياته ما بين الحين والآخر وعلى مدار فترات طويلة، ومن خلال جغرافية العراق فإنه ليس هناك منفذ للعراق للدخول إلى الأراضي التركية إلا من خلال الطيران، والمناورات "التركية- العراقية"، والتي تم الإعلان عنها خلال اليومين الماضيين لا يتعدى المشاركين فيها من الجيش العراقي العشرات.
سبوتنيك: هل هذا يعني أنه لا توجد أي تغيرات في علاقاتكم مع طهران أو أنقرة، بعد إجراء الاستفتاء؟
الإيرانيون يعلمون جيداً بعد ربع قرن من قيام الكيان الكردستاني وكذلك الأتراك أن إقليم كردستان، هو كيان إيجابي لا يتدخل في شؤون الآخرين، واستطاع من خلال سياسته المتوازنة إلى أن يدفع الإيرانيين والأتراك إلى استثمار عشرات المليارات من الدولارات داخل كردستان، وتوقيع اتفاقيات أمنية واقتصادية وكذا اتفاقات الطاقة، وهذا بمجمله يجعلنا أكثر اطمئناناً بأنه لا الأتراك ولا الإيرانيون سيقومون بأي تدخل عسكري، لأن إقليم كردستان لم يقترف من الناحية القانونية ومن الناحية العرفية أو من الناحية الجغرافية والإنسانية شيء مخالف لقوانين الطبيعة والعهود والمواثيق الدولية، وأن ما قام به هو استفتاء شعبه وأخذ رأيه في طبيعة العلاقة بينه وبين الحكومة في بغداد.
سبوتنيك: سؤالي الأخير لكم، هل مازالت هناك قنوات مفتوحة للتفاوض مع الحكومة المركزية في بغداد؟
سيقوم وفد رفيع المستوى من الإقليم بالذهاب إلى بغداد "إذا استقبلته"، لبدء التفاوض والحوار، كما ستذهب وفود أخرى للتفاوض مع تركيا وإيران.
أجري الحوار: أحمد عبد الوهاب