دمشق — سبوتنيك. وبعد عامين من الدخول الروسي المباشر على خط الحرب في سوريا يقول الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية عمر معربوني في مقابلة مع مراسل "سبوتنيك" إنه "مما لا شك فيه فإن دخول القوات الجو- فضائية الروسية على خط الحرب أثر تأثيراً كبيراً في مسرح العمليات وأعاد تعديل ميزان القوى لمصلحة الجيش السوري وحلفائه وهو ما حصل بالتدريج وبدت ملامحه بوضوح منذ اليوم الأول لبدء القوات الجو — فضائية بتنفيذ مهامها على اغلب الجغرافيا السورية".
ويرى معربوني أن "الملامح الأولى لتغير خرائط السيطرة بدأت بالظهور في أرياف اللاذقية لتنتقل بعدها غلى أرياف حلب وتحديداً منها الريف الجنوبي الغربي وما ترافق معه من عمليات باتجاه الريف الشرقي الجنوبي حيث تم فك الحصار عن مطار كويرس وحاميته".
وأضاف: "أن كنا بصدد تعداد النتائج التي حصلت بعد دخول روسيا الحرب فيجب عدم حصر ذلك في البعد العسكري على أهميته في إحداث المتغيرات، وعليه يجب تحديد النتائج في الأبعاد العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية".
ففي البعد العسكري، يوضح معربوني أن "الدعم الروسي المختلف الأوجه شكل عامل دفع أساسي باتجاه الأمام، حيث ساهمت الطلعات الجوية المتتابعة على مدى سنتين إلى حدوث تغيير جذري في مساحة السيطرة لمصلحة الجيش السوري وحلفائه حيث بتنا الآن أمام مساحة سيطرة تصل إلى نسبة تقارب 50 بالمئة من مساحة سوريا بدون حساب نسبة الـ 22 بالمئة التي تسيطر عليها القوات الكردية والتي ستستعيد الدولة السورية السيطرة عليها على الأرجح عبر المفاوضات مع الأكراد برعاية روسية ما يعني ان الدولة تسيطر على ثلاثة أرباع مساحة سوريا بعد أن تقلصت نسبة السيطرة إلى حوالي 15 بالمئة حتى سنتين مضت قبل الدخول الروسي على خط الحرب، وأهم ما تحقق كان تحرير أرياف اللاذقية بنسبة 93 بالمئة وتحرير مساحات كبيرة من أرياف حلب الشرقية الشمالية منها والجنوبية ومساحات كبيرة من الريف الشمالي وصولا لفك الحصار عن نبل والزهراء اضافة إلى مساحات كبيرة من الريف الغربي والغربي الجنوبي، مع عدم نسيان ما تحقق من تحرير لمناطق عديدة في أرياف دمشق وصولاً حتى خان الشيح وسعسع وغباغب اضافة الى تحرير وادي بردى والزبداني واستكمال تحرير القلمون الغربي في العمليات الأخيرة، ويبقى أن نتائج معارك البادية التي انطلقت بدعم روسي كبير ابتداء من تحرير تدمر وصولاً إلى دير الزور وربط الحدود السورية العراقية كان نقطة التحول التي يمكن اعتبارها نقطة التحول الاستراتيجية في تاريخ الحرب."
البعد السياسي بحسب معربوني "انطلق من انتصار حلب عبر تحرير الأحياء الشرقية وتوحيد المدينة والذي شكل العامل الذي حفر قبر التقسيم حيث كانت توقعاتنا تتجه نحو حدوث تغييرات جيوسياسية كبيرة تمثلت فعلاً بتحرير تدمر ودفع الأمور نحو لقاءات استانا التي كان لها تأثير كبير في وجود مناطق خفض التصعيد وهي الإنجاز الذي ساهم في حصر مساحة الاشتباك والجهد باتجاهات البادية المختلفة اضافة الى متغيرات كبيرة في مواقف الدول والأطراف المختلفة التي وقفت في معسكر أعداء سوريا في قضايا متعددة على رأسها حق الشعب السوري في تقرير مصيره واختيار ما يتناسب مع مستقبله عبر الحوار البناء والموضوعي".
أما عن البعد الاقتصادي للمشاركة الروسية في حرب سوريا ضد الإرهاب فيقول معربوني أن "الأمور بدأت تذهب نحو الإيجابية بعد تحرير حلب وهي تتجه الآن نحو التحسن بعد استعادة كامل مناجم الفوسفات في البادية السورية والكثير من حقول النفط والغاز وهو ما يحتاج بعض الوقت لإعادته الى الدورة الاقتصادية ولكنه بدأ يعكس بعداً ايجابيا في حركة الاقتصاد السوري ناهيك عن تحسن عجلة الصناعة والتجارة الداخلية واستعادة الكثير من الأراضي الصالحة للزراعة والتي نتوقع أن توضع في الإنتاج في الموسم القادم إضافة إلى أن مزيداً من الاستقرار سيعيد تفعيل عجلة الإنتاج بالتدريج".
البعد الاجتماعي للدخول الروسي يأتي كما يرى معربوني "من خلال مركز المصالحة في حميميم في انجاز عشرات المصالحات والتسويات التي أعادت الكثيرين من المهجرين الى قراهم وبلداتهم وهو ما سينعكس إيجابا على اللحمة الوطنية ويخرج سورية بسرعة من اتون الحرب".
ويختم معربوني بالقول "بتنا أمام متغيرات كبيرة يمكن وصفها بالاستراتيجية والتي ستعجل في انتهاء الحرب على سوريا."