وقد تم تأجيل هذه الزيارة بسبب مرض ألم بالأمير فيصل خلال وجوده في باريس، حسب التصريحات الرسمية، لكن على الأرجح أن هذا الإلغاء تم بسبب العقد بين نجد وبريطانيا العظمى، حيث تم إبرام اتفاق "أنجلو — نجد" في مايو/أيار من العام ذاته، وتم التصديق عليه في سبتمبر/ أيلول 1927، وهذا ما جعل واضحا السبب الحقيقي وراء إلغاء الزيارة.
وفي اجتماع المكتب السياسي في 8 أبريل/ نيسان 1932، تقرر عدم الاعتراض على زيارة الأمير فيصل مع الوفد إلى موسكو، وكانت الزيارة الرسمية بعد شهرين فقط، وكان حينها عمر الأمير 26 عاما بالكاد.
وخلال الزيارة التي استغرقت 10 أيام من 29 مايو/ أيار إلى 7 يونيو/ حزيران، رافق فيصل حاكيموف، الذي كان مطلعا على عمل الأمير في الجزيرة العربية، وتمت مقابلة فيصل من قبل كالينين والمفوض الشعبي للشؤون العسكرية والبحرية، ونظمت الفعاليات الثقافية وزيارة إلى لينينغراد، كما شملت الزيارة زيارة لمؤسسات صناعية.
وكانت إحدى المهام المكلف بها فيصل عند وصوله إلى الاتحاد السوفييتي هي الحصول على قرض تجاري بقيمة مليون جنيه استرليني، ورفض طلب فيصل، وكان من بين أسباب الرفض مديونية نجد وفقا لاتفاقية توريد منتجات نفطية في 2 أغسطس/ آب 1931، بما في ذلك توريد البنزين والكيروسين بقيمة 150 ألف دولار.
الجدير بالذكر أن الشركاء الرأسماليين لابن سعود في ذلك الوقت وجدوا أنفسهم أيضا في نفس الوضع، حيث دفعت الأزمة الاقتصادية العالمية حينذاك شركات النفط الأنجلو — أمريكية إلى مطالبة حكوماتها بالضغط على الملك عبد العزيز بسبب عدم سداد ديونه، وقد حاول الأخير اللعب "بالورقة الروسية" والسماح باستيراد السلع الروسية إلى أسواق جدة، ما يظهر لخصومه ان لديه البديل.
وفشل الطرفان خلال تلك الزيارة في تحقيق انفراج في جميع القضايا المثيرة للجدل وإحداث مزيد من التقارب بينهما، ومع ذلك تم الحفاظ على علاقات ودية جيدة وتعزيزها، وبعد بضعة أشهر من تلك الزيارة، رد الأمير فيصل على طلب الحكومة السوفييتية بإبلاغ السفير تيورياكولوف أنه من هذه اللحظة فصاعدا سيتم إلغاء القيود المتعلقة بالتجارة السوفييتية في المملكة العربية السعودية.
وكان أحد أسباب رفع السعوية القيود المذكورة عن التجارة السوفييتية هو رفض الائتمان الذي تلقاه من لندن في يونيو/ حزيران 1933، ولم يتجاهل تيورياكولوف حقيقة إلغاء القيود المفروضة على التجارة السوفييتية بعد زيارة فيصل للاتحاد السوفييتي، وأشار إلى أنه إذا كانت هذه القيود قد ألغيت قبل الزيارة، فإن أمر القرض كان سيأخذ منحى مختلف.
وبعد زيارة الأمير فيصل إلى لينينغراد زار مصنع الهواتف "كراسنايا زاريا"، تم تركيب محطة للتليفون الآلي في الطائف في 1934، وأرسل المهندس السوفييتي في. شيتوف إلى المملكة العربية السعودية في رحلة عمل للقيام بهذا الأمر.
وكانت أول مكالمة عبر هذا الهاتف بين ملك السعودية وممثلي الاتحاد السوفييتي، لتصبح هذه المكالمة البداية التنفيذية لعمل هذه المحطة.