لاجئو مخيم كترمايا قليلو الكلام، كما أنهم حريصون على اختيار المفردات المناسبة قبل التفوه بها، لا سيما بعد ارتفاع لغة التحريض العنصري من قبل فئة في لبنان ضد اللاجئين السوريين.
وتشكو أم محمد لـ"سبوتنيك" كيف اختلفت الأوضاع والظروف المعيشية مع قدوم عائلتها إلى لبنان قبل خمس سنوات، لا سيما مع اقتراب فصل الشتاء ومرحلة التحضير لهذا الفصل، وتقول: "في سوريا كنا نحضر جميع أنواع المؤن، نكبس زيتون وباذنجان ومخلل، ونعد
الكشك على إيدنا، أما اليوم فلا نقوم بإعداد أي شيء هنا، بالكاد نستطيع أن نشتري كيلو زيتون، والآن قامت الأمم المتحدة بإيقاف المساعدات الغذائية عن اللاجئين، ونحن حزينون جدا، هذه المساعدات كانت تساعدنا في شراء بعض المأكولات والمؤن، أما اليوم فالسوريون
بحالة سيئة".
وتتمنى "أم محمد" من الأمم المتحدة أن ترسل لهم شوادر جديدة بعد أن تلفت الشوادر الموجودة في المخيم، وتقول: "بالأمس دخلت الأمطار على خيمنا وجميع ممرات المخيم، نحن اليوم مقيمين في هذا المخيم لكننا لسنا مبسوطين، ونقول دائما الحمد لله، حتى المدارس كان
من الصعب على أطفالنا دخولها لولا مساعدة الأمم المتحدة، علما أنهم التحقوا بالمدارس في لبنان قبل عامين فقط".
وبالنسبة إلى مطالبات بعض المسؤولين اللبنانيين بعودة اللاجئين السوريين إلى سوريا، تقول "أم محمد": "نحن نطلب من الأمم المتحدة أن تساعدنا للبقاء حاليا في لبنان ريثما تهدأ الأوضاع بشكل نهائي في سوريا، وبمجرد من أن تهدأ هذه الأوضاع سنعود فورا، أما الآن
فيوجد ضرب وحرب ومنازلنا مدمرة، كيف سنعيش هناك، سكان المخيم حزيني من مطالبات بعض اللبنانيين لهم بمغادرة لبنان، نحن نتمنى من الشعب اللبناني أن يتحملنا قليلا بعد ونحن نتشكرهم جزيل الشكر لأنهم احترمونا وقدموا لنا كافة المساعدات اللازمة".
في المقابل، يحمل الطفل السوري، علاء، شنطته المدرسية صباح كل يوم ويتجول فيها داخل المخيم، من دون أن تحوي الشنطة بداخلها أي كتب مدرسية، ويقول لـ"سبوتنيك" إنه لم يتسجل في المدرسة منذ أن لجأ مع عائلته إلى لبنان: "لا يوجد مدارس صباحية لنا في البلدة،
دوام المدرسة لأطفال اللاجئين السوريين بعد الظهر ولا أستطيع الذهاب في هذا الوقت، فأنا أساعد أبي في العمل، أبي مزارع ونقوم كل يوم بقطف محاصيل الأراضي الزراعية في البلدة، وفي الصباح أساعد أمي في الأعمال المنزلية وأنتبه لإخوتي الصغار عندما تكون أمي
خارج المخيم، أنا أتمنى أن أعود إلى سوريا غدا لكي أرجع إلى مدرستي وأصدقائي، في سوريا لدي العديد من الأصدقاء أما في لبنان فألعب فقط مع بعض الأصدقاء داخل المخيم".
وكبادرة إيجابية من قبل القيمين على مخيم كترمايا، تم إنشاء مدرسة صغيرة داخل المخيم عبارة عن غرفتين أو فصلين، ويرتادها أطفال المخيم كل يوم للاستفادة من الدروس التي يتناوب على تقديمها كل يوم عدد من أبناء المخيم ممن أكملوا دراستهم المتوسطة أو الثانوية.
وتقول سلوى دحبول لـ"سبوتنيك"، وهي مدرسة رياضيات داخل المخيم: "إن المدرسة أنشئت قبل أقل من ثلاث سنوات وكان يوجد فيها أساتذة متخصصون في السابق، أما اليوم فأتناوب أنا وزميلة لي داخل المخيم على تدريس الأطفال كافة المواد العلمية والأدبية، كل يوم
تقريبا يرتاد المدرسة حوالي العشرين طالبا وطالبة، ودوام المدرسة من التاسعة صباحا حتى الثانية عشرة ظهرا، وبالنسبة للكتب التعليمية التي بين أيدينا فهي وفق منهج التدريس اللبناني، كما أننا نحاول إبقاء الطلاب في أجواء الدراسة من خلال الامتحانات التي نعدها لهم في
نصف العام الدراسي وفي آخره، والعام الدراسي يستمر طوال أشهر فصل الشتاء ولتسعة أشهر"، وتختم سلوى قائلة: "إن بعض الأطفال في المخيم يرتادون بعد الظهر إحدى المدارس الرسمية في البلدة، وبالتالي تعتبر مدرسة المخيم بمثابة دروس خصوصية لهم ودروس
تقوية".
ولا تختلف كثيرا ظروف اللاجئين السوريين في لبنان عن الظروف الصعبة التي يعيشها لاجئو مخيم كترمايا، لا سيما بعد بروز أعمال عنصرية بحق عدد من اللاجئين السوريين في أكثر من منطقة لبنانية، وبعد أن أوقفت الأمم المتحدة في وقت سابق المساعدات المالية
والغذائية لأكثر من عشرين ألف عائلة سورية لاجئة في لبنان بسبب عدم توفر التمويل اللازم من قبل المجتمع الدولي، الأمر الذي يضع اللاجئين السوريين في لبنان أمام تحديات صعبة.