وصل سعر كيلو اللحم إلى ما بين 10 و15 دولارا، أي يعادل ما بين 6000 إلى 8000 آلاف ليرة سورية يشكل 15 في المئة من راتب الموظف الحكومي،
ما اضطر الكثيرين إلى اللجوء إلى خيارات بديلة كاللحوم المثلجة المستوردة، المجهولة المصدر والسيئة النوع والكريهة الرائحة، والمعلب منها (المرتديلا).
أجبر الغلاء الناس على تغيير تقاليد الطعام التي تعارفوا عليها، وأسهم في اندثار الكثير من العادات الاجتماعية، كمآدب الأعراس والوفيات والولائم الجماعية التي كانت تقام في الأرياف والمدن في المناسبات الشخصية والعامة.
الحرب تغير العادات..
أم عبد الله (62سنة)، من محافظة حلب المشهورة بأنواع عديدة من الطبخات السورية، اعتادت على اجتماع الأبناء والبنات كل يوم جمعة في منزلها، وكان هذا اليوم يعد يوم الطعام بمختلف أنواعه.
أما الآن فتقول: "كل شيء تغير، ما عاد نجتمع متل قبل، وما عاد أطبخ متل قبل، وبدلنا اللحوم السورية الحمرة بلحوم مثلجة طعمتها غريبة، من كم يوم عملت محشي بلحمة الدجاج لأنها أرخص،
قبل الحرب كان بيتنا عامر بالضيوف، ما بيمر أسبوع بدون ما نعمل عزيمة كبيرة، الآن هذا الشيء أصبح مستحيل فالعائلات السورية أصبح لديها أولويات من حيث مصاريفها فالكثير فقدوا منازلهم وتهجروا لمناطق أمنة فالراتب لا يكفي ما بين أجار منزل ومصاريف أكل
وشرب وكهرباء وماء.
وضع البلد..
اعتاد السوريين بشكل عام، وأهالي الأرياف خصوصاً، على اجتماع أهل القرية في المناسبات، ولا سيما في الأعراس والمآتم التي لا تمر إلا وتطبخ فيها "المناسف".
أما الآن فقد اختفت هذه العادات بسبب غلاء اللحوم وحالة الحرب، ومن يصر على أن يحافظ عليها استبدل بلحم الخراف لحم الدجاج المجمد والمستورد، بكميات قليلة جداً، مع تضييق دائرة المدعوين.
السبب الأبرز لارتفاع أسعار اللحوم هو انخفاض الليرة السورية أمام الدولار، ومما أسهم في ارتفاع أسعار اللحوم خصوصاً سماح وزارة الاقتصاد في حكومة بتصدير الأغنام والماعز إلى الدول المجاورة، بهدف إرضاء التجار والمتنفذين المساندين له في حربه ضد
السوريين ليكونوا المستفيد الأكبر من فارق السعر.
ناهيك عن ارتفاع أسعار مواد الإنتاج من علف ووقود، بالإضافة إلى انتشار تهريب المواشي إلى الدول المجاورة، وانعدام الرقابة في المناطق الواقعة تحت سيطرت العصابات الإرهابية المسلحة المناطق الخارجة عن السيطرة.
يستورد التجار في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة لحوماً لا تخضع للرقابة أو للفحص الصحيح، ولا يلتزمون بطرق صحية للنقل والعرض.
إذ يتم نقل اللحوم بشاحنات مكشوفة (قاطرات) تنتظر التفتيش على المعابر والحواجز لساعات طويلة وربما لأكثر من يوم، وهي عرضة للشمس خلال أيام الصيف، وتخزن في المستودعات لأيام أحياناً، قبل أن تنقل إلى محال البيع حيث تعرض على صناديق خشبية أو
كرتونية، مكشوفة لأشعة الشمس وغبار السيارات، بالإضافة إلى الانقطاع المستمر للكهرباء التي يتم استجرارها من محركات الديزل أو «الأمبيرات» غير المستقرة.
مصطفى الآغا (50 عاماً)، لحام من ريف دمشق، قال: "قبل الحرب كنت أذبح كل يوم بين 8 و10 روس خراف، أما اليوم كل 4 أيام بذبح راس واحد، معظم الناس غير قادرة على شراء اللحوم لذلك قامت باستبدالها باللحوم المجمدة المستوردة فهي بربع قيمة للحوم
الطازجة، وبعض العائلات أصبحت تفضل لحم الدجاج خلال الفترة الراهنة نتيجة انخفاض أسعارها حالياً".