ويشكل عدم اعتراف فرنسا بما فعلته طوال 132 سنة من استعمار الجزائر، أزمة كبيرة لدى المجتمع الجزائري، ومنظمات "المجاهدين" التي تضم أهالي المقاتلين والشهداء ممن قاوموا الاستعمار.
وقال أستاذ القانون الجزائري عمر سليماني إن الرئيس الفرنسي ماكرون اعترف قبل حملته الانتخابية بما أسماه "جرائم ضد الإنسانية" حدثت ضد الشعب الجزائري، "وذلك في زيارته للجزائر فبراير 2017".
وأضاف سليماني: "لكن ماكرون المترشح ليس هو ماكرون الرئيس، فهو كان يحاول استقطاب الجالية الجزائرية، وهم له نسبة كبيرة من التصويت، وكثيرون منهم ذهبوا للتصويت من أجله".
وأوضح سليماني أن ماكرون الآن يتبع سياسة أخرى، أكثر ليبرالية، بالنسبة للبنوك وحتى في التشريع، فهو يشرع بأوامر أكثر من التشريع من خلال البرلمان، مضيفاً أنه "لا يظن أنه سيكون هناك اعتراف بما تم فعله أثناء الاستعمار الفرنسي للجزائر".
وتابع "أنه حتى لو كان هناك اعتراف، فليس له أي قيمة بالنسبة لي وللجزائريين، على أي شيء ستعوضنا فرنسا، على التفجيرات النووية التي تمت في صحراء الجزائر، والتي يعاني أبناء تلك المناطق من تشوهات حتى الآن، ونسبة السرطان بها عالية جدا".
وأوضح أن القواعد العسكرية لفرنسا ظلت موجودة حتى السبعينيات من القرن الماضي في "وادي الناموس".
وأوضح أن الاعتذار الحقيقي يأتي من "وقف تدخلات باريس في الشؤون الأفريقية".
وأكد سليمان أنه في "حالة إجبار فرنسا على الاعتذار قد تساوم بالأرشيف الجزائري المحتجز لديها"، وجماجم الجزائريين الموجودة في متحف الطبيعة بباريس.
أقيمت الوقفة أمام النصب التذكاري بجسر سان-ميشال بباريس، وحضرتها رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو، وسفير الجزائر بباريس عبد القادر مسدوة، إلى جانب أعضاء من البلديات الفرنسية، وجزائريين عايشوا المجزرة، فضلا عن ذوي الضحايا ومؤرخين وناشطين في المجتمع المدني الفرنسي.
وحسب جريدة المساء الجزائرية، فقد وقف الحضور دقيقة صمت بعد وضع أكاليل من الزهور في جو ساده الخشوع مع إطلاق زغاريد وكلمات "الله يرحم الشهداء".
وذكرت الجريدة أن رئيسة بلدية باريس قالت "أبقى وفية للتاريخ المشترك و لهذا التاريخ الذي أدمى باريس" مضيفة " أن تاريخنا بما فيه من مآسي يجب الاعتراف به وبحقائقه حتى يتسنى لنا التقدم سويا".
وتابعت آن هيدالغو في تصريحها "تتميز اليوم العلاقات بين فرنسا والجزائر بتاريخ يتطلع إلى المستقبل. وأعتقد أنه من المهم الاعتراف بالحقيقة التاريخية قصد التطلع الى المستقبل" مشيرة إلى أنها سعيدة بإجراء محادثات مع سفير الجزائر بفرنسا حول "الالتزامات المشتركة وبين مدينتينا وعاصمتينا".
من جهتها، أشارت النائبة استر بنباسة التي كانت في سنة 2011 وراء مشروع القانون للاعتراف بمسؤولية الجمهورية الفرنسية بأحداث 17 أكتوبر 1961، إلى أنه ما حدث في ذلك اليوم بباريس "يعد فصلا من الفصول السوداء للتاريخ الفرنسي، ويتعين على أطفالنا وأحفادنا التعرف على هذه الفصول المظلمة من تاريخهم لأنها تعد من التاريخ ومن تاريخ فرنسا"، في حين تأسفت لعدم التصويت على مشروع القانون من قبل مجلس الشيوخ.
كما أعرب المناضل المناهض للاستعمار هانري بويوتي —حسب المساء-، عن أمله في أن يتم إقامة "نصب تذكاري كامل لضحايا مجزرة 17 أكتوبر 1961 وجعل اللوحة التذكارية أكثر وضوحا". وتأسف قائلا "من بين كل الجرائم ضد الإنسانية نجد جرائم حرب ارتكبتها فرنسا في الجزائر والتي لم يعترف بها أحد حتى الآن".، مؤكدا في هذا السياق على ضرورة إدانتها والاعتراف بها.


