ويرى الكاتب ألكسندر فيردوسوف في مقال له نشرته صحيفة "إزفيستيا"، أنه بالأمس لم يكن ممكناً تصور أن روسيا ستشعر بهذا النوع من الثقة بنفسها في المنطقة التي كانت منطقة "غير ودية" معها من قبل. وتسعى كل من روسيا ودول الخليج إلى بناء علاقات موضوعية، بدءاً من آليات التنسيق وصولاً إلى التعاون الاستراتيجي.
وأضاف الكاتب أن روسيا لا تريد إسقاط الأنظمة، لا تريد نفطهم ولا تعتزم قصف المدن بحجة عدم تطابق هذه الدول مع أي معايير "ديمقراطية". فقد تعلمت روسيا الحفاظ على الحياد. وتريد أولا توفير أمنها على الحدود البعيدة، وثانيا، بناء العلاقات التجارية الاقتصادية طويلة الأمد. ونتيجة لذلك، تتعامل دول المنطقة مع تعهداتها وضماناتها باهتمام. على عكس الأمريكيين والأوروبيين الذين يستخدمون قواتهم ضد حلفائهم مثل ما حصل مع الليبيين.
حيث يعرض التاريخ كثيراً من الأمثلة التي تحوّل فيها الحلفاء إلى أعداء بشكل سريع. ولذلك نهج روسيا ثمين. مثلا، الأمريكيون يخدعون حلفاءهم لسبب بسيط — المنفعة. في حين كان المثال الروسي في سوريا مخالفاً، روسيا لا تتخلى عن حلفائها حتى في حال انتقاد المجتمع الدولي.
ووصفت وكالة "بلومبيرغ" الدولية روسيا كـ"مالكة الشرق الأوسط". هذا دليل على أن روسيا أعادت من جديد وضعها كلاعب دولي كما في عهد الاتحاد السوفيتي السابق.
ويرى كاتب المقال أن قوة روسيا في أنها لا تلعب على الساحة العالمية على حساب الآخرين. نهج روسيا بسيط للغاية — هذه هي مصالحنا ودعونا ننظر كيف يمكننا أن نربطها بمصالحكم عبر بناء التعاون المتبادل؟ دون أي تهديدات وإنذارات. وهذا المنهج يثير الاحترام ويعود بالفائدة.
ويرى كاتب المقال أنه بفضل ذلك تمكنت كل من روسيا والسعودية (أحد أكبر وأهم اللاعبين في الشرق الأوسط وسوق النفط) من التوصل لاتفاق حول إجراءات منسقة لمنع تراجع أسعار النفط الذي يعد من المصادر الأساسية للأموال في ميزانية الدولتين. وبفضل هذا التعاون البراغماتي، حصلت موسكو والرياض على أرباح إضافية وأدركتا في الواقع أن هذا الشكل من التعاون يعمل بشكل صحيح ويعني ذلك أنه من الممكن استخدامه في المستقبل.
والأكثر من ذلك، أظهرت الزيارة التاريخية للملك السعودي إلى موسكو النقلة النوعية في مواقف الرياض لحل القضية السورية. خاصة بعد تحرير حوالي 90% من الأراضي السورية بدعم القوات الجوية الروسية، وهو الأمر الذي اعترف به وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون.
ويقوم وزير الدفاع سيرغي شويغو بزيارة إلى قطر. ويمكن تقدير الزيارة بمثابة حجرة في "حديقة الرياض" مع الأخذ بالاعتبار الأزمة بين قطر والسعودية. ولكن في الواقع، تواصل روسيا نهجها على مدى السنوات الأخيرة — المباحثات مع الدول جميعها. وهذا الأمر يعود بفائدة، حيث تم التوقيع على اتفاقيات كبيرة مع السعوديين، وتخطط قطر لشراء منظومات "إس 400".
واستخلص الكاتب بأن الشرق الأوسط- شأن حساس وغير مستقر، مثل رمال الصحراء العربية. ولا توجد ضمانات من الأخطاء ولكن اللعبة تستحق ذلك.