الحريري فرنسي
هذا الحماس الفرنسي الشديد تجاه أزمة الحريري عزته مصادر لجريدة "الجمهورية" اللبنانية، إلى عدة أسباب، أولها أنّ الحريري يحمل الجنسية الفرنسية، ما يفرض على الدولة التدخل كونه مواطنًا فرنسيا، فضلا عن العلاقة العميقة بين آل الحريري وفرنسا، وهي العلاقة التي بناها الرئيس الراحل رفيق الحريري مع السلطة الفرنسية.
انفلات الأوضاع
قوات اليونيفيل
يبرز السبب الثالث في أن قسماً كبيراً من قوات "اليونيفيل" العاملة في جنوب لبنان هم من الفرنسيين، وهم نحو 800 جندي من قوة الأمم المتحدة المؤقتة التي تنتشر في جنوب هذا البلد منذ 1978 وتضم نحو عشرة آلاف و500 جندي مهمتهم السهر على تنفيذ القرار 1701 إثر حرب بين إسرائيل و"حزب الله" في صيف 2006 ومساعدة الحكومة اللبنانية في بسط سلطتها.
النازحون السوريون
علاقات تاريخية
ويقول عضو "كتلة التغيير والإصلاح" النائب سيمون أبي رميا، لـ"ليبانون ديبايت"، إن العلاقات التاريخية بين لبنان وفرنسا هي الدافع دائمًا وراء اهتمام باريس أكثر من دول أخرى بشؤون لبنان وملفاته وسيادته، في ضوء العلاقة الوثيقة بين الرئيسين عون وماكرون بعد الزيارة التي قام بها عون إلى فرنسا، إضافة إلى إرادة وتصميم الفرنسيين على أن يكون لبنان من أولوياتهم في المنطقة.
قوة التأثير
ويضيف أبي رميا أن فرنسا تمتلك قوة التأثير، أولاً بحكم موقعها على صعيد المجتمع الدولي، وثانيا بحكم العلاقات بينها وبين السعودية ما تترجَم دوراً فاعلاً لها في هذا الإطار، لكن المختص في شؤون لبنان، الأستاذ في معهد العلوم السياسية في باريس، ستيفان مالسانيه، يرى أن الدبلوماسية الفرنسية لها "وزن ضعيف في اللعبة السياسية اللبنانية التي يتم توجيهها كليا في الوقت الحاضر من طهران والرياض"، بحسب قوله لوكالة "فرانس برس". ويرى مالسانيه، أن الأدوات التي تمتلكها فرنسا للضغط على الرياض محدودة إذ أن باريس "تراجعت كثيرا في سوق الأسلحة السعودية" وهي على صعيد آخر تنتظر من الرياض دعما ماليا للقوة العسكرية الإقليمية التي شكلتها مجموعة دول الساحل الخمس.
استعادة المكانة
موافقة السعودية
ويرى مراقبون أن الدبلوماسية الفرنسية استطاعت إقناع الرياض بخطورة التلويح اللبناني باللجوء إلى مجلس الأمن وتبعات تدويل المسألة على المملكة، ما غير أداء السعودية في التعاطي مع الأزمة، في الوقت الذي صرّح فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه سيستقبل الحريري كرئيس لوزراء لبنان، وليس كمنفيٍّ سياسي، ما يعني أن الأمور قد تشهد تطورات جديدة في ظل الحديث عن عودة الحريري من فرنسا إلى لبنان ثم تشكيل حكومة توافقية جديدة.
وقال ماكرون خلال القمة الاجتماعية للاتحاد الأوروبي، المنعقدة في السويد، اليوم الجمعة: "صحيح أن الحريري استقال لكن استقالته لم يتم الموافقة عليها في بلده بعد؛ ولهذا السبب سأستقبله كرئيس لوزراء لبنان"، متابعا "الحريري سيعود إلى لبنان خلال أيام أو أسابيع".
وشدد ماكرون على أن "فرنسا لديها خط واضح وهو العمل على السلام والابتعاد عن الانشقاقات وعدم التحيز لطرف دون آخر"، لافتا إلى أن "الكثيرين يريدون استدراج القوى الغربية للوقوع بالخلاف الحاصل بين السنة والشيعة".