إعداد وتقديم ضياء إبراهيم حسون
استعادت القوات العراقية المشتركة الجمعة قضاء راوة بالكامل من قبضة داعش، بعد ساعات من بدء عملية اقتحام المنطقة، ما يعني أن التنظيم انتهى عسكريا في هذا البلد.
وبارك رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي هذا الانتصار وأكد أن "تحرير قضاء راوة خلال ساعات يعكس القوة والقدرة الكبيرة للقوات العراقية المسلحة والخطط الناجحة المتبعة في المعارك". وبينما عد وزير الدفاع عرفان الحيالي تحرير راوة بمثابة نقطة تحول جديدة لاستقرار العراق، أكد وزير الداخلية قاسم الأعرجي أنه "بتحرير راوة فإن داعش انتهى عسكريا".
ومع تحرير آخر معاقل "داعش" في العراق، فان الاخير يبقى في دائرة التحديات الكبيرة التي تواجهه. أهم هذه التحديات ستكون على الساحتين السياسية عبر إجراء مصالحة وطنية شاملة بالبلاد بما يضمن مشاركة مختلف القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وعلى الساحة الاقتصادية عبر القضاء على الفساد وتحسين الوضع الاقتصادي والخدمي.
الكثير من المراقبين يرى أن مهمة العبادي القادمة ستكون صعبة جدا في ظل محاولاته القضاء على الفساد المستشري في البلد، والذي يتهم به العديد من الشخصيات السياسية الفاعلة و المتنفذة في الساحة العراقية… فإلى أي مدى سينجح العبادي في مهمته، بعد النجاح الكبير الذي حققه في القضاء على تنظيم داعش، وكذلك نجاحه في وأد الأزمة الكردية بطريقة وصفها المراقبون بـ الحكيمة.
عن هذا الموضوع يقول هادي جلو مرعي في معرض حديثه مع برنامج الحقيقة:
"إن الحديث عن نهاية تنظيم داعش بالكامل فيه نوع من المبالغة أو أمر سابق لأوانه، بل يمكن القول إن التنظيم قد انتهى رسميا، لكنه لم ينتهي وجوديا، حيث لديه إمكانيات كبيرة وربما يتعامل مع أجهزة مخابرات دولية، وبالتالي لا يزال هذا التنظيم قابلا للاستخدام من قبل أي منظومة مخابراتية، لذلك فإن الفترة المقبلة ستشهد نوع من التعامل غير المباشر مع هذا التنظيم ليس باعتباره قوة عسكرية منتشرة على الأرض وتحتل مدن، حيث هناك مخاوف عبر عنها رئيس البرلمان العراقي، مفادها الخشية من عودة التنظيم لاستراتيجيته القديمة، وهي ما تسمى بـ استراتيجية الذئاب المنفردة، التي تقوم بعمليات تفجير هنا وهناك.
العبادي سوف يواجه في مرحلة ما بعد داعش قوى الفساد في العراق، حيث أن أغلب الكتل السياسية متهمة بالفساد، وكذلك يوجد هناك احتقان طائفي وشعور بالمظلومية، كون أغلب الطيف السني يتكون من سكان نازحين من مناطق مختلفة من العراق، وقد عبر رئيس البرلمان عن مخاوف من أن يقوم التنظيم باستغلال النازحين الذين وصلوا إلى حالة من اليأس في العودة إلى مناطقهم بسبب المشاكل الكثيرة التي تعانيها المناطق المحررة.
هناك منافسة سياسية محتدمة، فما تزال التدخلات الخارجية مستمرة، فالمملكة السعودية تحاول التواصل مع المنظومة السنية، كما أن إيران تحاول الاستمرار في التواصل مع المنظومة الشيعية، وأعتقد أن السياسة العراقية ماتزال مرهونة بالتدخلات الخارجية، لذلك لا نعول على تحقيق استقرار سياسي كبير مستقبلا، فالتحديات التي سوف يواجهها العبادي ستكون أكبر، مع ضغوط أمريكية في محاولة حل المجموعات الشيعية المسلحة.
أعتقد أن الفساد أخطر من الإرهاب في العراق، ذلك أن الإرهاب يوجد في مناطق معروفة، ولكن الفساد يرتبط بالدولة العراقية، بل أصبح اليوم ثقافة شائعة، فالكتل السياسية فاسدة وكذلك الكثير من الموظفين فاسدين، والعراق أصبح دولة فاسدة، وبالتالي يصعب على السيد العبادي خوض غمار هذا البحر المتلاطم في الفساد، وأعتقد أن مهمة العبادي في محاربة الفساد أصعب من محاربته للإرهاب".