خلال فترة الستينيات وقبلها بسنوات قليلة، ظهر عدد كبير من المطربين السعوديين والمطربات، الذين تركوا بصمة كبيرة في الفنون، حيث كانت الانطلاقة الحقيقية مع إنشاء التلفزيون عام 1965، وتزامن ذلك مع تأسيس فرق الدراما والمسرح والفلكلور والموسيقى والغناء وجمعيات الثقافة والفنون، حيث نظم التلفزيون السعودي الرسمي حفلات لمطربين من مصر والدول العربية، وأمسيات لمطربين سعوديين.
اشتباك السعودية مع الثقافة والفنون كان له ثمن كبير وفادح، حيث كان الدافع الرئيس وراء معركة حامية الوطيس داخل الأسرة الحاكمة في مطلع الستينيات، هو رغبة الملك فيصل، العاهل السعودي وقتها، في إنشاء التلفزيون، ووقتها فتح الطريق أمام حوار مجتمعي لقبول الأمر أو رفضه، وقاد تحركات الرفض شقيقه الأمير مساعد، وابن شقيقه الأمير خالد.
الأمير خالد بن مساعد، قاد مجموعة من الأمراء وذهبوا إلى مقر التلفزيون الرسمي واحتلوه واعتصموا داخله، وعندما حاول الملك التفاوض طالبوا بإلغاء موضوع التلفزيون نهائيا، ما دفعه إلى مطالبة وزير داخليته، الذي أصبح لاحقا ملكا، الأمير فهد بن عبد العزيز، إلى اقتحام التلفزيون وفض الاعتصام بالقوة، وقد كان.
في ذلك الوقت، وفي السنوات التي تلته، وتحديدا في عام 1965، بدأت الأندية الرياضية السعودية تقيم حفلات لكبار النجوم السعوديين والخليجيين والعرب، ومن بينهم طلال مداح ومحمد عبده وفهد بن سعيد وسلامة العبد الله وعبد الحليم حافظ وأم كلثوم وفريد الأطرش، وغيرهم.
ولم يكن الطرب في السعودية قاصرا على المطربين، بل كانت هناك مطربات أيضا، بعضهن حققن نجاحا ساحقا على مستوى الخليج والوطن العربي كله، وفي مقدمتهن صالحة حمدية، وابتسام لطفي حجية المكاوية، وغربية المكاوية، وخميسة المكاوية، وخديجة نوارة، وخديجة عبد الله حماد، وفاطمة إبراهيم، وبنات شافية.
ومن فرط اهتمام المملكة بإنشاء كيان ثقافي كبير، ومعهد للموسيقى، بالإضافة إلى فرق فنية متنوعة الميول والاتجاهات الموسيقية، كانت السعودية تنتدب متخصصين وفنانين مصريين وعرب للعمل على هذا الأمر، مثل عازف الكمان الشهير بفرقة أم كلثوم، أحمد الحفناوي، الذي أسس أول معهد للموسيقى في المملكة.
خلال حوار تلفزيوني له، كشف العازف أحمد الحفناوي، أن الملك فيصل، العاهل السعودي، طلب منه تأسيس فرقة من 80 عازفا، وهو رقم كبير، حسب وصفه، موضحا أنه عمل على تأسيسها، وقام بتدريب عدد كبير من العازفين، واستقدام آخرين، وتأسست فرقة للتلفزيون السعودي وأوركسترا وفرقة للعروض العسكرية.
المثير أن أرشيف التلفزيون السعودي يضم برامج محمد حسين زيدان، ود. عبد الرحمن الشبيلي والشيخ المسند والشيخ الطنطاوي والأيوبي والسباعي ومحمد بن شلاح المطيري، ومسلسلات مثل «رأس غليص، ووضحى وابن عجلان، والدمعة الحمراء، وأصابع الزمن، ومسرح التلفزيون، والليث الأبيض، وسندباد»، إضافة لحفلات عبد الوهاب الدوكالي على المسرح في الرياض، بالإضافة للقاءات مع فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ ومطربين سعوديين وفنانين من مختلف الدول العربية.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)