ولفت الكاتب سالم إلى أنه لذلك تصر واشنطن على بقاء قوات لها في الشمال السوري للإيحاء بأنها قادرة على استكمال مخططها، وأنه لا يزال بيدها أوراق يمكن المراهنة عليها في تحقيق مكاسب في السياسة عجزت عن تحقيقها خلال سنوات الحرب، متكئة في ذلك على أذرعها الطويلة في المنظمات الدولية، وإطلاق تصريحات عنترية من ترامب "الثور الهائج في معمل خزف"، وإلى وزير دفاعه جيمس ماتيس، اللذين يحاولان بغوغائيتهما إيهام العالم بقدرتهما على الإتيان بخطوة مجنونة تضع العالم على فوهة بركان في حال أصرت الدول الصاعدة على تقليم أظافر واشنطن وإيقافها عن ممارساتها العبثية. على حد وصف سالم.
وأضاف الكاتب السوري أنه لا يمكن لترامب وبعض أركان إدارته التصرف وفق أمزجتهم، وأن تصريحاتهم المنفصلة عن الواقع تتبخر أمام إصرار الدول المناهضة لسياساتهم في تغيير الخارطة الجيوسياسية والهيمنة على القرار العالمي.
وقال:
هذا ما لمسناه ميدانيا في معركة البوكمال، حيث تم تجاوز كل الخطوط الحمر التي رسمتها أمريكا، وفي السياسة بقمة سوتشي بين الرئيسين الأسد وبوتين، والتي وضعت الترتيبات لحل الأزمة في سوريا على قاعدة الحفاظ على وحدة التراب والسيادة واستقلالية القرار والاحتكام للشعب في تقرير المصير بعيدا عن التدخلات الخارجية.
وأكد سالم أن الخطوط العريضة لشكل العالم الجديد بدأت تتضح، والذي سيكون فيه للدول المنتصرة في الحرب اليد الطولى في وضع الحلول بعيدا عن التدخلات والإملاءات، وتشكيل محور جديد ينهي الهيمنة والصلف الأمريكي على القرار الدولي، وعليه فإن العالم ما قبل الحرب على سوريا ليس كما بعدها.
وخلص الكاتب إلى أن الانتصار الذي تحقق سيعيد ترتيب العالم وفق شروط المنتصر وتصميمه على خوض المعركة حتى نهايتها، ليس عسكريا وسياسيا فحسب وإنما فكريا وعقائديا على المستويين الإقليمي والدولي، ما يعني إعادة الألق للعروبة وللقومية العربية وإعادة تصويب البوصلة نحو القضية المركزية فلسطين.
وختم بالقول: نعم سوريا انتصرت بصمود شعبها وبسالة جيشها وحكمة قيادتها ودماء شهدائها، وتستحق أن تكون قائدة لمشروع ينهض بالأمة من جديد بعد القضاء على الإرهاب وتبعاته، ففي النهاية لا يمكن "لثور هائج" وبعض عروش مهترئة أن تكسر إرادة شعب كالشعب السوري، الذي لم يرض بوجود محتل ولم يرضخ يوما مهما اشتدت العاصفة.. والتاريخ خير برهان على ذلك.