التساؤلات التي يمكن أن نطرحها هنا جداً كثيرة وبعضها معقد لايمكن تحليله وإنما التكهن به في مثل هذه الظروف وأهمها:
المعاني السياسية العسكرية لهذه الزيارة في ظل المتغيرات الحالية على الساحة السورية وفي المنطقة ككل؟
كيف يقرأ الخبراء العسكريون الإستراتيجيون هذه الزيارة ومضامينها ورسائلها الباطن منها والظاهر؟
إعلان الرئيس بوتين البدء بسحب الجزء الأكبر من القوات الجوية الفضائية العاملة في سورية هل هو فعلاً إعلان سياسي وفق بعض الخبراء ومالذي يقدمه هذا الإعلان لروسيا أو للرئيس بوتين شخصياً في حال صحت التوقعات؟
هل هي إشارة من الرئيس بوتين نحو قطع الطريق على كل من يدعي أن حرباً مافي المنطقة على الأبواب؟
هل يمكن أن تكون توجيهات الرئيس بوتين رسائل لطمئنة الولايات المتحدة التي إتهمتها روسيا مؤخراً بعدم شرعية وجودها على الأراضي السورية وفي أجوائها؟
هل باتت قاعدة حميميم مسار و مُرْتَكَز لإنطلاق السياسة الروسية الجديدة في المنطقة؟
إعلان النصر ترتب على نتائج ماهي نتائج العمليات العسكرية الروسية السورية المشتركة مع الحفاء الآخرين؟
البنتاغون رداً على تصريحات الرئيس بوتين: التصريحات الروسية حول سحب القوات المسلحة من سوريا لا تؤثر على مجرى العمليات الأمريكية وأولوياتها ، كيف نفهم هذا الرد هل هو تعنت أم تحدي أم مكر جديد ، ماهو الفهم المنطقي لهذا الرد ؟
يقول الخبير بالشأن السياسي تيمور دويدار:
قاعدة حميميم أصبحت بمثابة رمز ربما ليس فقط في المنطقة وإنما على مستوى العالم بدليل أن موسكو لاتتخلى عن حلفائها في الظروف الصعبة وفي المحن وتقدم كل الطاقات والدعم للوقوف إلى جانب حلفائها. الرسائل التي توجه بها الرئيس بوتين كانت واضحة جداً للإرهاب ولأسياده ، في أنه بحال حاولت قوى الإرهاب الظهور مرة أخرى فإنها لن تتحمل الرد الروسي وسيواجهون بضربات قوية وصارمة.
ومن يروج ويقول أن هذه التصريحات تأتي في إطار دعم حملة الرئيس بوتين الإنتخابية ، فأنا لا أوافق على هذا الرأي أبداً لأن الرئيس بوتين بشعبيته الكبيرة لايحتاج إلى ذلك ولايوجد أي شخص في روسيا يمكن أن يصل إلى مستواه في الوقت الحالي. الرسالة الأهم تكمن في أن روسيا أتمت مهمتها في محاربة الإرهاب والرئيس الروسي أثبت صدق الكلمة والموقف في سياسته تجاه سورية ، والأكثر من ذلك هو أن القوات الروسية في حال إستدعى الأمر يمكنها العودة إلى سورية بظرف 24 ساعة ويمكن بقوة أكبر وبعديد وعتاد أكثر ، ونحن رأينا ردة الفعل الشعبية والمشاعر التي جذبها الرئيس بوتين في الشارع العربي ونتج عنها ترحيب حار في المنطقة فهو وصل إلى مصر وكأنه مصري.
أما عضو مجلس الشعب السوري وقائد الكتيبة الأولى في لواء البعث إقتحام مهند علي الحاج فيقول:
زيارة الرئيس بوتين إلى قاعدة حميميم ولقائه مع الرئيس الأسد كانت ذات رسائل واضحة من الناحية السياسية والعسكرية ، من الناحية السياسية هي رسائل قوية تقطع الطريق على كل من يروج لحرب قادمة في المنطقة ، ومن جانب أخر مهم هي مناورة سياسية نحوالأمام موجهة نحو الولايات المتحدة الأمريكية التي تراوغ وتناور في سحب قواتها من بعض المناطق الموجودة في سورية سواء في التنف أو شرق الفرات ، وهذه رسالة واضحة للولايات المتحدة في أن هناك دولة عظمى مثل روسيا سوف تسحب جزء من قواتها في سورية بموجب الإتفاق مع سورية منذ عامين ونصف وأنها أنهت مهمتا ونحن ننتظر ماذا ستفعل الولايات المتحدة،وماهي الخطوة السياسية القادمة التي ستقدم عليها. ومن الجانب العسكري هذا اللقاء جاء بمثابة إعلان النصر على تنظيم داعش الإرهابي وعلى الإرهاب في سورية ، وعندما يلتقي هذان الرئيسان في أكبر وأهم قاعدة روسيا في منطقة الشرق الأوسط ، يعني أن هناك رسائل بأن روسيا لم ولن تترك سورية في حال تعرضت لأي خطر.
الدكتور أكرم الشلّي الخبير في إدارة الأزمات والحروب الإستباقية وأستاذ محاضر في علم الإجتماع السياسي
عندما إستشعر الجانب الروسي والحلفاء الخطر الداهم الذي كان من الممكن أن يصل إلى حدود موسكو قاموا بعملية إستباقية في أن يشاركوا هذا الخط المقاوم بعملية محاربة الإرهاب الدولي المدعوم من كل قوى الشر العالمي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية ، وشاركوا القوات السورية بعملية دحر هذا الإرهاب.
من نتائج هذه الحرب هي أن الجغرافيا السورية سوف يتم تنظيفها من باقي البؤر الإرهابية المتبقية سواء النائمة منها أو التي لازالت تقاتل على الأرض على إمتداد الجغرافيا السورية ، وبالتالي لها نتائج على الصعيد الداخلي السوري والإقليمي وعلى الصعيد العالمي أيضاً ، بحيث أن كل الدول التي شاركت في الإنتهاء من هؤلاء الإرهابيين على الجغرافيا السورية والعراقية سيكونون شركاء في مواجهة الإرهاب على الساحة العالمية أيضاً.
ومن نتائج هذه العملية أيضاً هو أنه تم كسر الأحادية العالمية التي لم تسطيع الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الأذناب التابعة إلها أن يصدقوا بأنهم ليسوا وحدهم من يقرروا مصير هذا العالم. دحضت هذه العملية مزاعم الحلف الدولي في مكافحة الإرهاب ، ونتائج الميدان كان لها دور كبير في تدعيم مسار العملية السياسية وخاصة في ظل وجود معارضة لاتريد أي حل سياسي وإنما تقوم تنفيذ ما تؤتمر به.
الميدان هو من سيقرر ويفرض الشروط بخصوص الحل السياسي مهما وضعوا من العراقيل أمام الحل السياسي. نظرية نزع الذرائع يعمل بها الجانب الروسي لأن الولايات المتحدة لاتريد أن تعترف بأن مخططها لم يتحقق ولم تفهم الدرس ، وروسيا أفهمت الولايات المتحدة أنها أزالت الذريعة التي تتذرع بها الولايات المتحدة بوجود قوات روسية على الجغرافيا السورية أو في المنطقة للإبقاء علة قواتها فيها ، روسيا قامت بذلك حتى حتى تعظي الولايات المتحدة فرصة لتسحب قواتها من سورية ، لكنيتضح أن الأمريكيين سيبقون يعملون على إعاقة العملية السياسية في سورية وفق شروط لم تعلن عنها الولايات المتحدة حتى اللحظة وأبقتها خفية، وقد يتم الإعلان عنها في وقت لاحق.
التفاصيل في التسجيل الصوتي المرفق
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم