"أولاً، انتفاضة عام 1987 قطعها استعداد الكيان الصهيوني لقبول تسوية سياسية للصراع على المسار الفلسطيني قائم على مبدأ حلّ الدولتين.
قد يكون هذا القبول مجرد مناورة سياسية لاحتواء الانتفاضة بعد أن عجزت آلة القمع الصهيوني في القضاء عليها، ولا سيما في قطاع غزة، ولكن العدو كان مستعداً على الأقلّ لإيهام بعض القادة الفلسطينيين بالاستعداد لقبول التسوية، وهذا ما جرى التعبير عنه في اتفاقات أوسلو التي جعلت منظمة التحرير تعترف بالكيان الصهيوني، وبالتالي توقف الانتفاضة الأولى.
ثانياً، الانتفاضة الثانية، أيّ انتفاضة الأقصى والتي جاءت على خلفية تعثر تطبيق اتفاقات أوسلو، ونكوص تل أبيب عن هذه الاتفاقات، قطعها الانسحاب الإسرائيلي الأحادي من قطاع غزة التي لعبت الدور الأساسي في الانتفاضتين الأولى والثانية.
اليوم هذه الانتفاضة لن تقطعها تطوّرات تشبه التطورات التي حصلت في أعقاب الانتفاضتين الأولى والثانية، لأنّ مسار التسوية وصل إلى طريق مسدود، بل أكثر من ذلك يحدث اليوم تطور غير مسبوق منذ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة بعد عدوان عام 1967، أيّ اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، على امتداد أكثر من 50 عاماً لم تجرؤ الولايات المتحدة على الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، اليوم تقدم على هذه الخطوة التي من شأنها أن تخلق واقعاً سياسياً وجماهيرياً غير مسبوق في فلسطين المحتلة وعلى مستوى الوطن العربي والعالم.
ثالثاً: يتزامن ذلك مع خروج منظومة المقاومة أكثر قوة من الحرب التي شنّت عليها ابتداءاً من عام 2011 وحتى الآن، ويرصد انتصار منظومة المقاومة في مصلحة القضية الفلسطينية، وفي مصلحة استمرار خيار المقاومة".
وختم الكاتب: "لا شكّ أنّ هذه العوامل مجتمعة تؤكد أنّ مسار هذه الانتفاضة سيكون مختلفاً عن مسارات الانتفاضات السابقة، ومن شأنه خلق دينامية جديدة للصراع العربي الصهيوني، يصعب التكهّن في ماهيتها".