كان الهدف من هذه التدابير هو تركيع الاقتصاد القطري، ومع ذلك، فإن الخطة لم تنجح كما هو مخطط لها، وفشلت في نهاية المطاف، وفق تقرير موقع "بيزنس إنسايدر" الأمريكي.
الصدمة الأولية
في البداية، بدا أن هذه الإجراءات ستنجح، وسرعان ما ضرب النزاع الدبلوماسي البنوك والتجارة، ومنذ الإعلان السعودي، تم سحب ما يقدر بنحو 30 مليار دولار من البنوك القطرية، وارتفعت أسعار الفائدة، وانخفضت الودائع، وسحب العملاء الأجانب ودائعهم من البنوك القطرية ونقلوها، وانخفض إجمالي الودائع من 184.6 مليار ريال (50.7 مليار دولار) في بداية يونيو إلى 137.7 مليار ريال.
عانت التجارة في البداية أيضا، إذ كان ميناء جبل علي الإماراتي قبل الخلاف الدبلوماسي، ميناء التغذية بالنسبة إلى قطر، ثم بعد المقاطعة لم يعد بإمكان قطر الاستيراد أو التصدير من جبل علي، وكان ذلك ضربة كبيرة لبلد يستورد الغالبية العظمى مما يحتاجه من السلع الاستهلاكية، فالسفن الكبيرة ليست قادرة على الرسو في المياه الضحلة في قطر، ما أوجب على خطوط الشحن أن تستخدم موانئ تغذية بديلة لتسلم وتسليم البضائع والخدمات.
انتعاش سريع
لقد أسعفت مبالغ كبيرة من الأموال والاحتياطيات الحكومية، اقتصاد الدوحة ومكنته من استيعاب الصدمة الأولية. في الواقع، أنفقت الحكومة القطرية حوالي 38.5 مليار دولار لدعم الاقتصاد، بحسب التقرير.
وبلغت احتياطيات وسيولة البنك المركزي 45.8 مليار دولار في مايو/ أيار وأخذت في التراجع خلال شهري يونيو ويوليو، ثم بدأت منذ ذلك الحين في التعافي وأصبحت الآن 36.1 بليون دولار. ومن الأمور الحيوية أيضا صندوق الثروة السيادية الذي تبلغ قيمته 300 بليون دولار (منها 180 بليون دولار سائلة).
لقد تحسنت الأزمة المصرفية في قطر، وساعدت ودائع القطاع العام وحقن البنك المركزي على التخفيف من حدة مشكلات السيولة، وتواصل البنوك إعطاء الأولوية لتأمين تمويل إضافي طويل الأجل للعمليات.
وعادت التجارة بسرعة أيضا، فقد استعانت قطر بميناء صحار العماني كميناء تغذية جديد وبدأت في إنشاء خدمات التخزين والخدمات اللوجستية هناك.
كما سارعت تركيا وإيران بالامدادات الغذائية. وفي الوقت نفسه، أقامت قطر خطوط شحن مباشرة مع موانئ في الهند وإيران وتركيا وعمان والكويت وباكستان وماليزيا وتايوان. ومن المتوقع أن يتم قريبا توجيه المسارات إلى دول شمال أفريقيا مثل تونس والمغرب.
سبب التفاؤل
وعلى الرغم من أن الإجراءات المتخذة ضد قطر ربما لم تحقق ما كان يأمل المؤلفون فيه، فإن المؤسسات المالية، مثل صندوق النقد الدولي، حذرت من أن استمرار الأزمة قد يقوض ثقة المستثمرين في دول مجلس التعاون الخليجي.
وكان اقتصاد قطر يتباطأ حتى قبل أن تقطع المملكة العربية السعودية العلاقات الدبلوماسية، بسبب انخفاض أسعار الطاقة، لكن القطاعات غير النفطية في اقتصاد قطر —مثل البناء والصناعة التحويلية والزراعة والخدمات- من المتوقع أن تنمو بنحو 5٪ في عام 2017، وهو ما يسبب تفاؤل الدوحة.
وتشير الاتفاقات الأخيرة المبرمة مع المملكة المتحدة وفرنسا والتي تتجاوز قيمتها 24 مليار دولار إلى أن بعض البلدان تحافظ على ثقتها في الأعمال التجارية في قطر، بحسب الموقع.
ويضيف التقرير، لقد تمكنت قطر من مقاومة تكتيكات المملكة العربية السعودية. كان لديها ما يكفي من المال للحفاظ على الاقتصاد واقفا على قدميه. ويبدو أيضا أنها نجحت في إعادة توجيه نفسها لاستيعاب الواقع الجديد.
حافز للتفكير
يبدو قرار المقاطعة كما لو كان خدمةً قدمتها الدول الأربع إلى قطر على طبق من ذهب، وهو ما أكده وزير المالية القطري علي شريف العمادي، في مقالة له بمجلة "نيوز ويك" الأمريكية، حين قال إن هذا القرار شكّل حافزا للتفكير بطريقة مغايرة وسببا لفرص تجارية ودبلوماسية جديدة.
وأشار كذلك إلى أن "المقاطعة خلقت فرصا جديدة في مجال السفر الجوي، كما دشنت قطر في ظل قيود المجال الجوي خطوطا تجارية جديدة سجلت كفاءة عالية، مع توسيع نطاق خدماتها في أسواقها الحالية العالية الربحية، وإضافة 24 سوقا جديدة".