وطالما اجتذبت الدولتان العمال الأجانب بناء على وعود باتباع نمط حياة خال من الضرائب، لكنهما الآن تتجهان لتطبيق ضريبة القيمة المُضافة على مجموعة من المواد كالغذاء، والملابس، والإلكترونيات، والبنزين، والهواتف، وفواتير المياه والكهرباء، وحجوزات الفنادق، بحسب تقرير وكالة "أسوشييتد برس".
وقالت إلدا نغومبي، وهي خريجة جامعية تبلغ 23 عامًا وتبحث عن وظيفة في دبي، إن هناك سلعةً واحدة تحرص على شرائها قبل ارتفاع الأسعار العام المقبل هي "مستحضرات التجميل"، لأنها لا تستطيع العيش دونها، بحسب قولها. وتضيف: "أنا خائفة لأن كل شيء باهظ الثمن بالفعل في دبي، وإضافة ضريبة 5%، أمر جنوني".
ويضيف التقرير أنه سيكون هناك بعض الإعفاءات على البنود ذات التكاليف المرتفعة، مثل الإيجار، والمبيعات العقارية، وبعض الأدوية، وتذاكر الطيران، والرسوم المدرسية، لكن الضريبة ستشمل التعليم العالي في الإمارات، كما ستُفرَض على النفقات الإضافية التي يدفعها الآباء للزي المدرسي، والكتب، ورسوم حافلة المدرسة، والغداء، تماماً كما سيحدث مع نفقات الوسطاء العقاريين بالنسبة للمستأجرين والمشترين.
وتحاول المتاجر والصالات الرياضية ومتاجر التجزئة الأخرى تحقيق أقصى استفادة من الأيام المتبقية قبل فرض الضريبة في السعودية والإمارات، عبر تشجيع المشترين على شراء مخزون من البضائع قبل فرض الضريبة في الأول من يناير/ كانون الثاني 2018، بحسب التقرير.
وتتوقع الحكومة الإماراتية أن تحصد 12 مليار درهم (3.3 مليار دولار) من فرض تلك الضريبة. وتقول صحيفة "ذا ناشيونال" في أبوظبي، إنه من المتوقع أن ترتفع تكلفة العيش في الإمارات بنحو 2.5% العام المقبل، بسبب ضريبة القيمة المضافة، مع بقاء الرواتب كما هي.
وفي هذه الأثناء، كشفت السعودية مؤخرًا عن أكبر ميزانية في تاريخها، تتضمَّن خططاً لإنفاق 978 مليار ريال (261 مليار دولار) العام المالي المقبل، إذ تتوقَّع زيادة في الإيرادات بعد فرض ضريبة القيمة المضافة وتطبيق خطط تقليص الدعم. ومع ذلك، ستواجه السعودية عجزاً في الميزانية حتى عام 2023 على الأقل.
وقد أوصى صندوق النقد الدولي البلدان المُصدِّرة للنفط في الخليج بفرض ضرائب كوسيلة للحصول على عائداتٍ غير نفطية. ويُوصي الصندوق أيضا البلدان الخليجية بفرض أو زيادة الضرائب على الأرباح التجارية.
وقال جهاد عزور مدير الصندوق في الشرق الأوسط، إن ضريبة القيمة المضافة جزء من إصلاح ضريبي طويل الأجل، لمساعدة البلدان الخليجية على تقليص اعتمادها على عائدات النفط.
صرَّح عزور لوكالة "أسوشييتد برس"، على هامش إحدى الفعاليات في دبي، قائلاً: "هذا أمرٌ سيسمح للحكومات بتنويع الإيردات"، مشيرا إلى أن أي تباطؤ حالي في إنفاق المستهلكين سيُعوّض باستثمارات حكومية.
وعقدت شركة كاتربيلار في دبي دورات تدريبية للشركات، من أجل محاولة الاستعداد لقواعد المحاسبة والامتثال الخاصة بضريبة القيمة المضافة. وتقول كاتربيلار إن أكثر من 500 شخص التحقوا بالدورات على مدار الأشهر الثلاثة الماضية. وتبلغ تكلفة الدورة التي تمتد 6 ساعات، 1200 درهم (325 دولارًا).
ويضيف التقرير أنه رغم ارتباط الخليج منذ فترةٍ طويلة بكونه ملاذا خاليا من الضرائب، تدفع الشركات الأجنبية ضريبة دخل على الشركات، عدا التي في البحرين. وفي سلطنة عمان، تدفع الشركات المملوكة محليا الضرائب أيضا. وتُفرَض كذلك رسوم جمركية، على الرغم من أن الغذاء والمواد الخام المُستخدمة في الصناعة كانت مُعفاةً في الماضي.
وتوجد أيضا بعض الرسوم الإضافية المرتبطة بالخدمات الحكومية، والتي لا تُصنف كضرائب، وتتضمَّن فواتير الكهرباء للأجانب في الإمارات على سبيل المثال.
يُشكل الأجانب نحو ثلث السكان في السعودية، ويتجاوز عددهم بكثير عدد السكان المحليين في الإمارات. وفي الوقت الراهن، طمأنت السلطات المُقيمين القلقين بأنه لا توجَد خطط حالية لفرض ضريبة على الأجر، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى رحيل جماعي للعمالة الوافدة ذات المهارات العالية.
وكانت السعودية قد فرضت ضرائب على الدخل الشخصي والأرباح الرأسمالية والشركات لأول مرةٍ في الخمسينيات، لكن في غضون 6 أشهر عُدِّل القانون لاستثناء المواطنين، وذلك وفقاً لمجموعة أكسفورد للأعمال. وبمنتصف السبعينيات، في أثناء ازدهار صناعة النفط وحركة البناء بالسعودية، علَّقت البلاد ضرائب الدخل على الأجانب تماماً؛ بهدف جذب المزيد من العمالة الوافدة للعيش والعمل فيها.
ومع ذلك، يقول الكثير من المقيمين في الخليج إنَّ تكلفة العيش مرتفعة بالفعل؛ إذ يمكن أن يلتهم الإيجار بسهولةٍ ما يصل إلى ثلث الدخل في أماكن مثل دبي. وبالإضافة إلى ذلك، يُرسل ملايين الأجانب في مختلف أنحاء الخليج أجزاءً كبيرة من رواتبهم إلى أقاربهم في الوطن، الأمر الذي قد لا يُبقي معهم سوى ثلث راتبهم أو أقل كي يعيشوا به كل شهر.
وقالت أنا كاريغ، وهي ممرضة فلبينية حامل تعمل في إحدى المدارس، إنَّ "نسبة 5% ستكون كثيرة حين تفرضها على كل شيء. فالرواتب لن تزيد؛ وبالتالي سيتأثر كل شيء بالتأكيد".
وتماشيًا مع توصيات صندوق النقد الدولي، فرضت السعودية والإمارات الصيف الماضي ضريبة تبلغ 100% على منتجات التبغ ومشروبات الطاقة، وضريبة تبلغ 50% على المشروبات الغازية، غير أن ضريبة القيمة المضافة حتى الآن هي الضريبة الأوسع نطاقا في كلا البلدين.