إعداد وتقديم نزار بوش
يتابع الجيش السوري بشكل متسارع مدعوما من القوات الجوية الفضائية الروسية التقدم في ريف حماه وإدلب في حربه ضد المجموعات الإرهابية التي بدأت بالصراخ ومناشدة الدول الداعمة لها، بينما بدأت تركيا هي الأخرى بالشكوى والاتصال بالطرف الروسي والإيراني من أجل وقف تقدم الجيش السوري على محور إدلب، في حين هاجمت المجموعات الإرهابية بطائرات مسيرة قاعدتي حميميم وطرطوس الروسيتين ولكنها فشلت.
وقد أفادت صحيفة "النجم الأحمر" الناطقة باسم وزارة الدفاع الروسية، بأن الدرونات التي هاجمت قاعدة حميميم انطلقت من جنوب غرب منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب من مناطق خاضعة لتشكيلات مسلحة تابعة لما يسمى بالمعارضة السورية "المعتدلة".
وتابعت الصحيفة أن وزارة الدفاع الروسية بعثت رسالة إلى رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة التركية، الجنرال أكار هولوسي، وأخرى لرئيس جهاز الاستخبارات التركية هاكان فيدان.
وجاء في الرسالتين أن أنقرة يجب أن تنفذ الالتزامات التي تعهدت بها في مجال ضمان مراعاة نظام وقف العمليات القتالية من جانب الفصائل المسلحة الموالية لها في المنطقة، وتنشيط العمل في مجال نشر نقاط مراقبة في منطقة تخفيض التصعيد "إدلب" بهدف منع مثل هذه الهجمات بواسطة الدرونات ضد أية منشآت ومواقع".
وقد قال لإذاعتنا المحلل السياسي الدكتور كمال جفا حول ما يحصل في ريف إدلب وما هو سر الانهيار السريع للجماعات المسلحة الإرهابية وعلى رأسها "جبهة النصرة أمام الجيش السوري والحلفاء ما يلي: ما يحدث في هو مفاجئة، لم يتوقع أكثر المتفائلين من قادة عسكريين أو مخططين أن يتم كسر العمود الفقري لهذه الفصائل الإرهابية في أقصى الجبهات وأكثرها قوة وتنظيم، خاصة أننا نتكلم عن جبهة النصرة قطاع البادية الذي يضم مقاتلين محليين وعرب وأجانب وهم من أشرس المقاتلين الذين سيطروا على هذه المنطقة خلال سنوات، أيضا انضم الحزب الإسلامي التركستاني بشكل مباشر إلى هذه المجموعات، أيضا طلبت جبهة النصرة المؤازرة من أجناد القوقاز، وهذه الثلاث تنظيمات تعتبر الأقوى في إدلب، وهذه الفصائل تعرف أنها في حال سقوط أي موقع لها في إدلب، يعني بدء تساقط لمناطق محافظة إدلب، لذلك دجت بكل القوة والمقاتلين على هذه الجبهة، والجيش السوري الآن في أفضلية قتالية ضد جبهة النصرة، حيث يستهدف أرتال النصرة بشكل ممنهج، كما استطاع الجيش السوري تحييد السلاح الأساسي لجبهة النصرة وهو صواريخ التاو الأمريكي من الجيل الثالث الذي سلم للمعارضات المسلحة المتشددة، وأيضا سلاح المفخخات والانغماسيين بسبب بعد المسافة على جبهات القتال وهي حوالي من 2 إلى 3 كلم، وهذا ما أعطى الأفضلية للجيش السوري بتدمير خطوط النار الأولى والثانية في محور شرق خناصر إثريا امتدادا إلى السلمية والشيخ هلال، وبعد أن انهارت الخطوط الأولى والثانية لهذه الفصائل وتردد بعض الفصائل الأخرى عن إرسال أبنائهم إلى جبهات القتال، إضافة إلى الخلافات بين هذه الفصائل، وعدم قدرة الإرهابي عبد الله المحيسني والمؤسسة الدينية الوهابية على جمع مزيد من المقاتلين لإرسالهم إلى هذه الجبهات، كل ذلك أدى إلى انهيار في صفوف جبهة النصرة والفصائل المرتبطة بها.
ويتابع الدكتور كمال جفا: جملة من التطورات الميدانية السياسية داخليا وخارجيا رافقت العمليات العسكرية في ريف ادلب الشرقي استطاعت القيادة السورية الاستفادة منها بحنكة وتوظيفها بالشكل الأمثل لبدء عملياتها العسكرية على نطاق واسع في أصعب المحاور وأشرسها وهو قطاع البادية التابع لجبهة النصرة يضاف اليهم دخول الحزب الإسلامي التركستاني مع بعض كتائب الاقتحام من خيرة مقاتلي اجناد القوقاز.
— عمليات الاشغال التي استمرت اكثر من شهر والقتال التصادمي التراجعي الذي اتبعه الجيش وعملية الاستنزاف المدروسة للخصم ومحاولة سحب النصرة الى مناطق مفتوحة وجبهات قتالية تسمح للطيران الحربي بالعمل في وضعية رؤية مكشوفة للأهداف مع ضعف التحصينات المتواجدة في قوى ضعيفة التسليح في البنيان وتحييد نوعا ما أهم ميزة تتمتع فيها هذه التنظيمات وهي صواريخ التاو التي تعرقل تقدم أي اليات او عناصر مشاة كما تسمح بكشف السلاح المحبب لهذه المجموعات وهو العمليات الانتحارية والسيارات المفخخة.
— أيضا وجود جيب "داعش" في غرب الشيخ هلال والقتال الدامي الذي خاضته مع جبهة النصرة وحلفائها اوجد متسع للمناورة للجيش السوري بتوسيع مروحة الأستهدافات وتعريض الجبهات القتالية وهو لايناسب هذه المجموعات التي تعودت على كسب حروبها بالعمليات العسكرية الخاطفة التي تزج فيها قوة نارية هائلة تسلط على أضعف جبهة محصنه للجيش السوري وحلفائه مع دفع أعداد ضخمة من المشاة وبأمواج بشرية ترهق الخصم وتؤدي الى افقاد القوات المدافعة عن الموقع قدرتها على المجابهة وبالتالي اما الأنسحاب أو خسارة الموقع واستشهاد العناصر أو استسلامهم وهذا ما اعتادت عليه هذه الفصائل في معظم معاركها خلال السنوات الثلاث في ادلب.
— الخلافات التي عصفت مابين هيئة تحرير الشام وأحرار الشام وباقي الفصائل المحلية وعمليات الأغتيال المتبادلة وضعف البيئة الحاضنة وتلاشيها في بعض القرى وحملات التخوين أفرزت دافعا بعيدا عن الأيديولوجيات الدينية المتشددة وضعف قدرة المؤسسة الدينية للجبهة التي يترأسها شرعيون سعوديون على التحشيد او اقناع البيئات المحلية على التعاون ودفع أبنائهم الى هذه المحرقة والتي يعرف معظم السوريين المقيمين في هذه المناطق انها خاسرة خاصة بعد الأنجازات الكبيرة للجيش السوري في الصحراء السورية والشرق السوري وتفريغ ونقل قوات ضخمة من الجيش وحلفائه الى هذه الجبهة.
— أما إمكانية الوصول الى إدلب سيعتمد على التعنت التركي والإصرار السوري مع حلفائه على إيجاد حل مشرف لقضية المحاصرين في كفريا والفوعة فالوصول الى مداخل سراقب لن يثني القوات على ترك هذا الملف الإنساني مفتوحا وأعتقد أن بعد كل انكسار لحلفاء تركيا تساعد الى حفظ ماء وجهها بعقد تسوية ما مع الجانب الروسي.
وعن عملية الهجوم الفاشل للإرهابيين على قاعدتي حميميم وطرطوس بواسطة "درونات" طائرات بدون طيار وهي تقنيات لا تملكها إلا دول حسب بيان وزارة الدفاع الروسية، وقد تم تحديد مصدر إطلاق هذه الدرونات، وهي من جنوب غرب محافظة إدلب وهي مناطق حدودية مع تركيا والجماعات التي أطلقتها تخضع للدولة التركية، يقول المحلل السياسي أندريه أونتيكوف: في الحقيقة هذه التصرفات التركية هي غير مقبولة، وهنا نسأل من هي جبهة النصرة هل هي معارضة معتدلة كما تقول بعض الدول ومنها تركيا أو جماعة إرهابية، على تركيا الاعتراف بأن جبهة النصرة هي مشكلة من الإرهابيين، بدون أدنى شك هم مجرمون إرهابيون، ولكن حينما نشاهد تقدم الجيش السوري وبدعم من القوات الجوية الفضائية الروسية، هذا يؤدي إلى غضب القيادة التركية، ولكن أقول إنه على أنقرة التنازل عن مواقفها غير البناءة الحالية. عندما يجري الحديث عن المجموعات التي ترفض أي اتفاق وأي هدنة أو أي مشاركة في إيجاد الحل السياسي للأزمة السورية وهذا لا يعطي خيارا آخرا لروسيا ولسوريا إلا ضرب تلك المجموعات المسلحة الإرهابية، وهذه حقيقة بسيطة ويجب على تركيا الاعتراف بهذه الحقيقة.
وتابع أونتيكوف يقول: أريد أن أشير إلى أنه هناك اتفاق في أستانا حول مناطق خفض التوتر بما فيها منطقة إدلب التي تحتوي جبهة النصرة وفصائل مسلحة أخرى، وروسيا طلبت سابقا من الولايات المتحدة بفصل المجموعات الإرهابية عن المعتدلة ولكن دون جدوى، ونفس الأمر تطلب روسيا من تركيا ولكن أيضا بدون جدوى، لذلك روسيا مستمرة بتوجيه ضرباتها ضد المجموعات المسلحة الإرهابية التي ترفض أي هدنة، وهناك بعض الدول تزود الجماعات الإرهابية بتقنيات الطائرات بدون طيار، وهذا شيء مؤسف جدا، لأن مصارد في الدبلوماسية الروسية تقول بأن الولايات المتحدة تقدم الدعم المباشر وغير المباشر لجبهة النصرة التي ترفض رفضا قاطعا أي تعاون أو أي تقدم في إيجاد حل سياسي لإيقاف الحرب في سوريا، هذا يصب في مصلحة الولايات المتحدة، وللأسف الشديد حاليا تركيا تتمسك بهذه السياسة الأمريكية، وهذه السياسة خاطئة، وهذا التصعيد في المجال السياسي والعسكري خطير ويأتي قبل أسبوعين من مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي، رغم أنه الآن هناك حاجة لإقناع القوى السورية التي ترفض المشاركة في هذا المؤتمر، والتوجه إلى سوتشي والبدء في حوار سوري سوري حول الدستور الجديد وهذا ما لا نراه اليوم وهو مؤسف جدا.