"ابن علي هرب" تلك الجملة التي باتت أيقونة من أيقونات الثورة التونسية، ورددها تونسي مساء 14 يناير 2014 بعد الإعلان عن هروب ابن علي وأسرته من تونس إلى المملكة العربية السعودية، ورحب الديوان الملكي السعودي بوصول ابن علي إلى المملكة.
وأصدر الديوان الملكي بيانا يرحب به جاء فيه "انطلاقاً من تقدير حكومة المملكة العربية السعودية للظروف الاستثنائية التي يمر بها الشعب التونسي الشقيق وتمنياتها بأن يسود الأمن والاستقرار في هذا الوطن العزيز على الأمتين العربية والإسلامية جمعاء وتأييدها لكل إجراء يعود بالخير للشعب التونسي الشقيق فقد رحبت حكومة المملكة العربية السعودية بقدوم فخامة الرئيس زين العابدين بن علي وأسرته إلى المملكة. وأن حكومة المملكة العربية السعودية إذ تعلن وقوفها التام إلى جانب الشعب التونسي الشقيق لتأمل ـ بإذن الله ـ في تكاتف كافة أبنائه لتجاوز هذه المرحلة الصعبة من تاريخه."
ومنذ هذا التاريخ وحتى الآن انقطعت الأخبار عن ابن علي سوى الأحكام التي تصدر بشأنه من محاكم تونسية، بتهم عديدة، وكان الخطاب الرسمي الوحيد لابن علي لمحاميه أكرم عازوري. الذي نفى هذا الأخير الاتهامات الموجهة إلى موكله من قبل المحاكم التونسية، والتأكيد على أن الجنرال السابق لم يعط قط "أمر إطلاق الذخيرة الحية على المتظاهرين".
صحيفة "الليموند" الفرنسية نشرت مؤخرا تقريرا يكشف جانبا من الحياة الغامضة لابن علي في المملكة العربية السعودية، ومن بينها أنه يقيم في جدة على ساحل البحر الأحمر، وأن الرئيس السابق وعائلته يعيشون بدون أي قلق، خاصة بعدما رفضت المملكة تسليم ابن علي بعدما أصدرت تونس مذكرة توقيف دولية بحقه، وأكدت المملكة أن ابن علي وعائلته في ضيافة الملك وأنه لا يجوز تسليمهم، وفقا للقوانين والأعراف السعودية التي تنص على أنه لا يجوز تسليم اللاجئين "بشرط التزام الضيف بعدم التصريحات، والزج بالمملكة في صراعات سياسية".
ولذلك يلتزم ابن علي وأسرته بالبعد عن الحياة العامة، وفي 2013 نشر محمد زين العابدين بن علي، صورة لوالده وهو يرتدي "بيجامة" مخططة على حسابه الشخصي في "إنستغرام"، قبل أن يغلق الحساب دون تفسير، وكانت هذه هي الصورة الأولى والأخيرة لابن علي منذ رحيله عن السلطة في 2011، ووفقا لزوجته ليلى طرابلسي فإنه يتمتع بصحة جيدة وفي كامل قواه العقلية.
المرة الوحيدة التي ظهر فيها بن علي منذ هروبه للسعودية pic.twitter.com/qF9qGQBZZV
— sooonews (@sooonews) January 16, 2018
وتنشر الصحافة التونسية كل فترة شائعات حول نشر مذكرات ابن علي، لكن هذا لم يحدث حتى الآن، بينما نشرت ليلى الطرابلسي في 2012، كتاب بعنوان "هذه حقيقتي"، الذي رفضت فيه الاتهامات التي وجهت لها ولنظام ابن علي بالفساد والانحراف الديكتاتوري، وظهرت طرابلسي في عدة مقابلات خلال السكايب.
ووفقا للصحيفة الفرنسية فمن ضمن عائلة ابن علي نسرين بن علي وهي الإبنة الكبرى لابن علي من زواجه الثاني، وزوجها رجل الأعمال صخر الماطري ويقيمان حاليا في جزيرة سيشل، على المحيط الهندي في أفريقيا، وحكم عليهما غيابيا بعدة أحكام بالسجن لفترات طويلة بتهم متعددة، الفساد والاحتيال، وغسل الأموال وحيازة الأراضي بطرق غير مشروعة.
وتشير الصحيفة إلى أن ثلاثة من بنات ابن علي يقيمن حاليا في تونس، ولفتت إلى أن البنات هن من الزوجة الأولى، وهن غزوة ودرصاف وسيرين.
ولفتت الصحيفة إلى أن ابنته الصغرى درصاف هي زوجة رجل الأعمال سليم شيبوب، وكانت قد طلبت من السلطات التونسية السماح لها بالسفر خارج البلاد من أجل تلقي العلاج اللازم والرعاية الصحية نتيجة مرضها الشديد، لكن السلطات رفضت إعادة جوازات السفر التي صادرتها منذ 2011.
كما سجن زوجها والمتابع بتهمة استغلال النفوذ، بعد عودته أواخر 2014 من الإمارات بعد إقامة استمرت 14 شهرا، وأطلق سراحه في آيار/ مايو 2017، وأعيدت أمواله المجمدة في سويسرا لصالح اتفاق التحكيم والتوفيق.
كما أجبرت سيرين بنت علي على البقاء في تونس، حيث تمت محاكمتها في قضية غسل الأموال، وبقيت ابنة ابن علي ممنوعة من السفر حتى فبراير 2015، فيما بقي زوجها رجل الأعمال مروان مبروك مديرا لمجموعات المبروك الكبرى في تونس.
وأكدت الصحيفة على أن ثروة ابن علي التي تم وضعها جزئيا تحت سيطرة الدولة، فإن الكثير من القطاعات الأخرى لا تزال تحت سيطرة العائلة أو الأشخاص المقربين لها.