في مثل هذا اليوم، 23 يناير/ كانون الثاني الذي وافق 1846، قبل 172 عاما، أقر أحمد باشا باي، إلغاء الرقّ والعبودية في تونس، ما مثل خطوة فارقة في التاريخ الحديث، وأصبحت تونس من أولى الدول التي سارعت نحو الخطوة، التي كانت سباقة بـ 100 عام على عدد من الدول العربية، وبعشرات السنين على دول العالم الكبرى، حتى أنها سبقت الولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت تشهد نزاعات أهلية بين ولايات الشمال بقيادة الرئيس أبراهام لينكولن، وولايات الجنوب الخمس، بقيادة جيفرسون ديفيس، التي عارضت حملة لينكولن الساعية إلى تحرير "العبيد"، وتمت استشارة بعض المسؤولين في تونس من أجل معرفة المنافع الناتجة عن إلغاء الرق أو العبودية.
في نفس الشهر، سنة 1861 صدر دستور عهد الأمان في تونس، الذي سوى جميع التونسيين أمام الضرائب، وفي نفس هذا الشهر لعام 1947 تأسس الاتحاد العام التونسي للشغل وفي 1978اندلع أول اضراب عام بعد الاستقلال، كما شهد عام 1984 في ذات الشهر انتفاضة الخبز الشهيرة، وتواصلت خلاله أحداث الحوض المنجمي 2008، ممهدة لخلع بن علي من الحكم يوم 14 يناير 2011.
في هذا الإطار، قال النائب البرلماني محمد الراشدي إن البرلمان التونسي يحتفل بهذه المناسبة كما تحتفل مؤسسات المجتمع المدني في مناطق عدة وقطاعات مختلفة، خاصة أن شهر يناير يحمل ذكرى خالدة لكل التونسيين الذي سبقوا العالم في إلغاء الرق والعبودية، كما كان لهم السبق دائما ف السعي نحو الحرية والديمقراطية وكرامة الانسان.
تعريف الرق
"العبودية" أو"الرِّقُ"، هي نوع من الأشغال الشاقة الجبرية، التي تقع على البشر، الذين تعود ملكيتهم للأشخاص، الذين يستعبدونهم، وكانوا يباعون بأسواق النخاسة أو يشترون في تجارة الرقيق، بعد اختطافهم من مواطنهم، أو يهدي بهم مالكوهم أو يأسرون في الحروب، وكانت النساء تهدى، أو تباع ويطلق عليهن جاريات.
كانت تجارة العرب في الرقية واسعة النطاق منذ أن بدأت في القرن السابع، وبدأت من نقلهم من غرب أفريقيا إلى شبه الجزيرة العربية.
وحسب الدراسات، يشار إلى ان البرتغاليون أول من أدخل تجارة الرقيق في محيط الأطلسي بالقرن السادس عشر على مدار أربعة قرون كاملة، حتى تم إلغاؤها في القرن التاسع عشر، كما أنه بحلول عام 1825، ارتفع معدل العبيد في الولايات المتحدة الأمريكية إلى ما يقرب من ربع جميع السود في العالم، وحظر كل من البرلمان البريطاني والكونغرس الأمريكي استيراد العبيد في عام 1807، و كانت مزارع السكر السبب في جلب نحو 84٪ من العبيد إلى العالم الجديد، والتي انتهت الغالبية العظمى منها في البرازيل.
كما تشير العديد من الدراسات إلى أن أول من امتلك العبيد في الولايات المتحدة الأميركية، كان رجلا من أصول أفريقية، واسمه أنتوني جونسون.
العبودية الحديثة
وفقا لمنظمة العمل الدولية، فإن أكثر من 40 مليون شخص في جميع أنحاء العالم هم ضحايا للرق الحديث، وعلى الرغم من أن الاسترقاق ألغي قانونيا، إلا أنه يمارس على العديد من الفئات المجتمعية في أشكال عدة منها العمل الجبري، واستعباد المدين، والزواج القسري، والاتجار بالبشر.
وحسب احصائيات المنظمة فإن أكثر من 150 مليون طفل يتعرضون لعمل الأطفال، وهو ما يمثل قرابة واحد من كل عشرة أطفال في جميع أنحاء العالم.
ويقدر عدد الأشخاص الذين يعيشون في الرق الحديث بنحو 40.3 مليون شخص، منهم 24.9 في السخرة و 15.4 مليون في الزواج القسري.
ورصدت المنظمة أنه من بين ال 24.9 مليون شخص المحاصرين في العمل الجبري، يتم استغلال 16 مليون شخص في القطاع الخاص مثل العمل المنزلي أو البناء أو الزراعة، و 4.8 مليون شخص في الاستغلال الجنسي القسري، و4 ملايين شخص في السخرة التي تفرضها سلطات الدولة.
فيما يمثلن النساء نسبة 99% من الضحايا في صناعة الجنس التجاري، و 58% في القطاعات الأخرى.
ووفقا لمؤشر العبودية للعام 2014، في تقريره الثاني، الصادر عن منظمة "ووك فري" ومقرها أستراليا، عن وجود حوالي 36 مليون شخص يواجهون حاليا شكلا من أشكال العبودية الحديثة.
بينما تم العثور على حالات عبودية في كل واحدة من الدول 167 التي شملها التقرير، ضمت خمس دول وهي الهند، والصين، وباكستان، وأوزباكستان، وروسيا، حوالي 22 مليون شخص يعانون من العبودية الحديثة، أي بنسبة 61% من الذين يعانون تلك الحالة على مستوى العالم.
يصادف يوم 2 من ديسمبر/كانون الأول من كل عام اليوم الدولي لإلغاء الرق، وهو اليوم الذي يذكر باتفاقية الأمم المتحدة بشأن قمع الإتجار بالأشخاص واستغلال الغير في البغاء ذو الرقم 317 IV والذي صدر في 2 ديسمبر 1949.
وفي عام 1906، عقدت عصبة الامم مؤتمر العبودية الدولي حيث قرر منع تجارة العبيد وإلغاء العبودية بشتى أشكالها، وتأكدت هذه القرارات بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ونصت مادته الأولى على أنه يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق وقد وهبوا عقلا وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء.
كما أنه لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه، كما لا يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص ويحظر استرقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعها.
