واعتبر نصار أن الأندلس كانت بمثابة شهادة ميلاد حقيقة وبلا مبالغة لليهود، حيث كانت اللغة العبرية منقرضة، غير مستخدمة سوى عند بعض اليهود وفي عبادتهم، حتى جاء العرب والمسلمون بحضاراتهم في الأندلس وراحت تظلهم وتمنحهم الحرية الكاملة في عبادتهم وبناء معابدهم ومدارسهم، وكيف عين من اليهود مستشارين ووزراء للخلفاء والحكام العرب والمسلمين.
وتساءل نصار في كتابه من أين جاء اليهود بأن الإسلام والعرب يصدرون الإرهاب، وهم عندما كانوا يتربعون على العرش لأكثر من 8 قرون لم ير اليهود سوى حسن المعاملة، لافتا إلى دائرة المعارف اليهودية أقرت واعترفت أن العصر الذهبي لليهود على الإطلاق كان في الأندلس تحت ظل وتسامج ومجد الحضارة العربية الإسلامية.
كما سلط المؤلف الضوء على تأثر الفكر اليهودي بشكل عام بالفكر العربي والإسلامي، وكيف أن موسى بن ميمون، وهو أحد أهم الرموز عند اليهود حتى أنهم يطلقون عليه موسى الثاني بعد النبي موسى عليه السلام تأثر بشكل كبير بفكر الفارابي وابن رشد، وكيف تأثرت اللغة العبرية التي كانت أوشكت على الانقراض لولا وجود الحضارة الإسلامية والعربية في الأندلس.
وأوضح أن اليهود لم يعيشوا في أحياء خاصة بهم "الجيتو" مثل إخوانهم في أوروبا، ولم يكن لهم زي خاص بهم، يتميزون به عن سواهم خلال القرون الأولى من حكم المسلمين والعرب في الأندلس والمغرب على الأقل.
كما يعرض نصار الأمثلة التاريخية الدامغة إلى تجليات التلاقح الحضاري بين العرب واليهود، بدءاً من التأثيرات الدينية من حيث تأثر طائفة "القرائين" بالعقيدة الإسلامية.
وتأثر السامريون بالفكر الإسلامي، ناهيك عن التأثيرات الإسلامية في التفاسير الدينية اليهودية، ومرورا بالتأثيرات اللغوية من حيث تأثر اللغة العبرية باللغة العربية، وقواعدها. وعروجا على التأثيرات الأدبية، من حيث بصمات الشعر العربي المميزة التي خلفها في نظيره العبري، وانتهاء بالتأثيرات الاجتماعية والثقافية من حيث تقليد اليهود للمسلمين في حياتهم الاجتماعية والثقافية، وتأثر اليهود الذين عاشوا في ظلال الحضارة الإسلامية والعربية بطرق وأنماط التعليم العربي والإسلامي، وتأثرهم بالأساطير والأمثال العربية.
وفي تصريح خاص لـ"سبوتنيك"، قال المؤلف أحمد بدر نصار إن
الكتاب جاء ردا على الهجمات، التي تشن ضد العرب والمسلمين عبر بعض الوسائل الغربية منذ زمن بعيد مما خلقت صورة مشوهة عن العرب والمسلمين.
وأشار إلى أن العرب والمسلمين لم يعرفوا الإرهاب يوم ما، والدليل أن اليهود عاشوا في كنف الحضارة الإسلامية والعربية أزهى عصورهم بداية من الحرية في ممارسة عبادتهم وأحوالهم الاجتماعية.
وأكد نصار أن الملفت في الوقت نفسه أن اليهود رغم اعترافهم أن عصرهم الذهبي كان تحت ظل الحضارة العربية والإسلامية في الأندلس، إلا أنهم لم يحفظا الجميل وراحوا يشوهون صورتنا بشكل غريب ومثير.