لقد دونت ستالينغراد اسمها كأكثر المعارك دموية في التاريخ الحديث، فبعد ستة أشهر من المعارك تحولت المدينة إلى ركام على ركام، وفاقت الخسائر كل التوقعات، إلى أكثر من مليوني قتيل، ومئات آلاف الجرحى والمفقودين، واستسلام مئتين وأربعين ألف جندي وضابط نازي.
في إطار إحياء الذكرى الـ75 لانتهاء معركة ستالينغراد التاريخية قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بزيارة نصب ماماييف الواقع على هضبة ماماييف كورغان.
ووضع الرئيس الروسي إكليلاً من الزهور على الشعلة الأبدية في قاعة المجد، ووقف دقيقة صمت تكريما لذكرى الجنود السوفييت الذين قضوا في هذه المعركة.
وفي هذه المناسبة نشرت وزارة الدفاع الروسية على موقعها مجموعة من الوثائق الأرشيفية الفريدة، وتتضمن المجموعة التي نُشرت تحت عنوان "ملحمة ستالينغراد: أبطال ومآثر" وثائق تُظهر بسالة المدافعين عن ستالينغراد في إحدى أعظم معارك الحرب وأشرسها، حيث بلغت خسائر الجيش الأحمر خلال الدفاع عن المدينة وتحريرها أكثر من مليون جندي، في حين خسرت القوات الألمانية وحلفاؤها أكثر من 1,5 مليون عسكري.
ومن بين هؤلاء الأبطال، على سبيل المثال لا الحصر، العريف ياكوف بافلوف الذي صمد مع بضعة جنود لمدة شهرين أمام هجمات شرسة لم تتوقف، في مبنى عرف لاحقا بـ"بيت بافلوف"، وهو موقع عسكري هام منع تقدم القوات النازية نحو النهر؛ وهناك أيضا وثيقة تخص القناص الملازم فاسيلي زايتسيف، الذي قضى على 225 نازيا خلال شهرين ونيف من قتال الشوارع في ستالينغراد.
كما نشرت الدفاع الروسية النص الخطي للبلاغ الذي أرسله الجنرال قنسطنطين روكوسوفيكي، قائد جبهة دونسكوي، للقوات السوفيتية في ستالينغراد، إلى مقر القيادة العامة، يفيد بأسر قائد الجيش السادس الألماني المهزوم المشير فريدريخ باولوس.
روسيا في قلب العقيدة النووية الأمريكية الجديدة
روسيا لن تقبل أبداً أن يتم محاورتها من موقع القوة. هذا هو عنوان الرد الأولي على اعتماد العقيدة النووية الأمريكية الجديدة. فبالنسبة للمتخصصين الروس الذين عملوا لفترة طويلة في مجال نزع السلاح وعدم انتشار النووي، فقد اعتبروا ما تم الاعلان عنه دون الخوض في التفاصيل مثيراً للقلق، أو على أقل تقدير مثيراً للتساؤلات.
موسكو رفضت ما ورد في العقيدة الأمريكية من اتهامات لروسيا بخرق معاهدات خاصة بضبط الأسلحة النووية وغير ذلك من التزاماتها الدولية، إضافة إلى التهديد الروسي المزعوم بالمبادرة في توجيه ضربة نووية محدودة.
المؤسسة العسكرية الروسية كانت قد أكدت أن موسكو تتعامل بجدية ومسؤولية مع التزاماتها في مجال نزع السلاح وتنفذ المعاهدات المبرمة بدقة، مشيرة إلى أن الادعاء الوارد في الوثيقة، بأن موسكو رفضت أو ترفض اقتراحات أمريكية بشأن مواصلة تقليص الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، يدعو للسخرية.
موسكو حذرت مراراً وبشكل رسمي، أن موافقتها على معاهدة الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، كانت مرهونة بمستوى الدفاع الصاروخي القائم وقت التوقيع عليها، ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار ما حدث في مجال الدفاع الصاروخي في وقت لاحق، بعد أن قررت واشنطن الانسحاب من معاهدة الصواريخ المضادة للباليستية عام 2001.
الولايات المتحدة اخترعت "فزاعة" متمثلة بروسيا، من أجل تبرير نمو الإنفاق العسكري وزيادة القدرات النووية الأمريكية. ومع ذلك، من الضروري مواصلة التعاون بين موسكو وواشنطن في مجال نزع السلاح.
الولايات المتحدة مصرة على إن ما تقوم به روسيا من تحديث لترسانتها النووية، يدل على أن موسكو مصممة على العودة إلى وضعية القوة العظمى وسباق التسلح.
وتؤكد الوثيقة أن هذه الوقائع، إلى جانب استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم والتهديدات النووية لحلفاء الولايات المتحدة تؤكد عزم موسكو على العودة إلى مجابهة القوى العظمى.
غصن الزيتون شجرة عفرين وعظمة في حلق أنقرة
عملية غصن الزيتون مستمرة في أسبوعها الثاني، ولا يبدو أنها ستنتهي قريبا. فكيف ستواجه أنقره الأكراد المتمرسين بالقتال على الأرض؟
فقدان عفرين، يمكن أن يشكل هزيمة أيديولوجية كبيرة للأكراد. ولكن، أمام ضربات المدفعية والطيران التركيين، فإن الدفاع عنها سيكون مكلفا للغاية. خاصة وأن المهاجمين لا يأخذون بالحسبان حماية المدنيين. لذلك، سيتعين على الأكراد قريبا حل مهمة صعبة، إما مغادرة عفرين أو عدم تسليمها بأي ثمن.
الجيش التركي يتصرف ببطء على المستوى التكتيكي. فقبل الهجوم، يتم التعامل مع المواقع الكردية بالمدفعية والطائرات. وبعدها فقط تدخل الدبابات والمشاة الخضراء الممثلة بالجيش الحر، إلى المعركة. وبالطبع فإن هذا التكتيك لا يأتي صدفة. فالمواقع الكردية مدججة بالأسلحة المضادة للدبابات.
وهنا يتساءل الخبراء العسكريون لماذا يتصرف الجيش التركي ببطء؟
أنقرة تدرك جيدا أن احتلال المواقع السكنية في عفرين، لن يؤدي إلى هزيمة وحدات حماية الشعب. نعم، سيتم تخفيض نشاط العدو، ولكن الأكراد والأسلحة المضادة للدبابات لن تذهب بعيدا. ولإبقاء المدن والبلدات تحت السيطرة، ستكون هناك حاجة لحاميات، ما يعني ضرورة مراقبة الطرق، ودوريات مستمرة. ولا يجوز تسليم ذلك كله للجيش الحر. فمستوى تدريبه وانضباطه منخفضان جدا. ولذلك، سوف تضطر أنقرة في عفرين إلى إبقاء وحدة تركية. ولكن، مثل هذا التطور للأحداث لا يناسب القيادة التركية.
السلاح النووي والحرب في سوريا
في سوريا، حارب ائتلافان. وقد اتفق المشاركون في أحدهما على هدف استراتيجي هو الإطاحة بالسلطة الحالية في الجمهورية العربية السورية. أما الطرف الآخر ففعل كل شيء للحفاظ على سلامة البلد وسيادته.
شكّل تحالف المعتدين بنية معقدة للغاية. لديها مكونان أساسيان. الأول هو اتحاد الدول والتشكيلات المسلحة غير المشروعة. ووقع على عاتقها الجزء الأكبر من القتال، حيث وفرت لها الولايات المتحدة وتركيا والمملكة العربية السعودية وقطر الدعم اللوجستي والمالي والإعلامي والسياسي. وقد أيدت إسرائيل هذا التحالف، ولم تتدخل مباشرة في الصراع. والمكون الثاني، هو "داعش" و"جبهة النصرة" والجيش الحر.
وأما اتحاد المدافعين عن الدولة السورية فتكوّن من روسيا، وإيران، وحزب الله. ولكن كان لكل من مكوناته أهدافه الخاصة. فلإيران مصلحة حيوية بالحفاظ على سوريا باعتبارها الحليف الإقليمي الرئيسي الذي يتيح الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط. ودعم طهران لـ "حزب الله" مسألة حياة أو موت. وروسيا، مع سقوط الحكومة السورية الحالية ستجد نفسها حتما أمام حرب قريبة في القوقاز وآسيا الوسطى، وعلى المدى المتوسط، فقدان سوق الطاقة الأوروبية، حيث الغاز القطري سوف يتدفق عبر الموانئ السورية.
في الحرب السورية، استخدمت جميع أنواع الأسلحة والمعدات العسكرية، بما في ذلك أسلحة الدمار الشامل. ومع ذلك ولحسن الحظ، فإن المسألة لم تصل إلى الأسلحة النووية. على الرغم من أنه يمكن افتراض أن وجودها أثر بشكل غير مباشر على مسار ونتائج الحرب في سوريا. فالتوازن النووي بين روسيا والولايات المتحدة، مع ضمان التدمير المتبادل، حال دون مواجهة مباشرة بينهما في سوريا. ولو حدث ذلك، لكانت الحرب العالمية الثالثة حتمية.
إعداد وتقديم: نوفل كلثوم
