لم ينته العرس والضجيج الأمريكي بشأن الحملة العسكرية ضد سوريا من خلال اتهام الأخيرة بالهجوم الكيميائي كذريعة لم تحاول واشنطن حتى تغييرها بعد أن ولى عليها الزمن من كثر استعمالها في حرب اجتياح العراق والكذب الأمريكي المتواصل للوصول الى أهدافها بشكل اعتدنا عليه في السنوات الأخيرة.
لا شك أن هذه التصريحات والأفعال تعطي المحلل والقارئ خلاصة مفادها أن الغباء الأمريكي هو حال ما تعيشه القيادات والانتلجنسيا الأمريكية، لكن ما هو حاضر اليوم ليس غباء بقدر الفشل وانعدام الرؤية الواقعية للأمور على الأرض خصوصا في الشرق الأوسط حيث أن أراضيها وشعوبها تختلف عن أراضي وشعوب أمريكا الواقعة في الأقاصي.
لكن ما يلفت للنظر هو العرس الذي تصل أصداؤه إلى الدول العربية التي تلعب دور المطبل على طبول الحرب ضد سوريا والمقاومة في المنطقة، حيث عبرت السعودية عن استعدادها للمشاركة في الحملة العسكرية ضد سوريا الى جانب الولايات المتحدة، متناسية الانغماس السعودي في حرب اليمن والفشل الذريع الذي تحصده.
ودول عربية أخرى تنتظر الضربة الأمريكية كحلم للنيل من سوريا ورئيسها وشعبها الذي وقف على مدى طيلة هذه السنوات بوجه الإرهاب الممول منهم، واليوم هم ينتظرون الأمل الأخير "ضربة ترامب" لشفي غليلهم وتنفيس الحقد المتراكم من جراء الإنجازات التي حققها الجيش السوري والمقاومة اللبنانية في الميدان السوري…. إذًا المحور المقاوم يتقدم….يتقدم.
تعلم الولايات المتحدة جيدا حلفاءها، لكن المطبلين للضربة الامريكية هم مجرد أدوات لمراحل معينة، ولا شك ان من يحكم بلاد العم سام اليوم يدرك جيدا مخاطر الضربة ونتائجها الكارثية ليس على الشرق الأوسط بل العالم كله، حيث أن ترامب الذي يؤدي دور الرئيس فقط تديره اللوبيات الصهيونية والأمن القومي الأمريكي الذي يعد صاحب القرار النهائي و يتحرك وفق المصالح الأميركية العليا.
من جهة أخرى تحاول الولايات المتحدة من خلال الجوقة والطبول الضغط على روسيا لتقديم تنازلات على الساحة السورية ومنها تقليص دور إيران و"حزب الله" اللبناني الذي يهدد إسرائيل بالدرجة الأولى، بالإضافة الى نية أمريكية باختبار أسلحة نوعية جديدة تكون فيها سوريا مسرحا لها.
أخيرا، لا يسعنا الانتظار سوى الجنون الأمريكي المحتمل عبر تهور الانتلجنسيا الأمريكية الواقعة في حالة من التجبر والعظمة غير المحدودة بوجه رئيس يعتبر أن العالم الذي يعيش فيه شبيه به وبمفاهيمه، والعرب الذين ينتظرون الحلم العربي الجديد الذي ستحطمه جدران وأسوار دمشق الواقعية…. ويبقى الحلم العربي فلسطين التي يجب أن تكون محطة آمال العرب الوحيدة في هذا الصراع الدائر اليوم.