إعلاميون عن اعتقال الصحفي الروسي في أوكرانيا: جريمة للتغطية على فضيحة

وكانت عناصر الأمن الأوكراني قد اقتحمت مكتب وكالة "نوفوستي أوكرانيا" في كييف، أول من أمس الثلاثاء، واعتقلت السلطات الصحفي كيريل فيشينسكي مراسل الوكالة في أوكرانيا. وأكد شهود عيان أن أشخاصا يرتدون زيا رسميا عليه شعار جهاز الأمن، دخلوا مبنى الوكالة، وبعدها انقطع التواصل مع الصحفي.

وذكرت أستاذة الإعلام منى عبد الهادي إن الواقعة تشكل سابقة خطيرة ضد الوكالات الدولية، ويجب ألا تمر مرور الكرام، فالضرورة تقتضي فتح تحقيق دولي في الأمر، ومحاسبة من اتخذ قرار اقتحام مكتب الوكالة الروسية في أوكرانيا، حتى وإن كان رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية نفسه.

وأضافت عبدالهادي، في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك"، اليوم الخميس 17 مايو/ أيار، أن السلطات الأوكرانية ارتكبت تجاوزا كبيرا، ولكنه متعمد، بدليل إعلان أجهزة الأمن هناك أنها تحقق في "استخدامها من قبل بلد معتد في سياق حرب المعلومات الهجينة ضد أوكرانيا"، وهي تهمة مطاطة جدا ولا يمكن الإمساك بصورة معقولة لها، وفي الأغلب ستؤدي إلى لا شيء، وستتم تبرئة الصحفي حال اتهامه.

وأكدت عبد الهادي أن الدول المعادية للصحافة، يجب أن تفهم أن الصحفي هو عين المجتمع، وأي أذى أو ضرر يتعرض له، يكون مردوده مرصود في جميع دول العالم. فإذا حاولت السلطات في دولة ما التغطية على جريمة ما باعتقال صحفي أو اتهامه، تكون النتيجة هي فضح القضية التي يحاولون إخفائها، وفضح انتهاك الدولة ضد الصحافة، فمن يعادي الإعلام يخسر كل شيء.

ولفتت عبد الهادي إلى أن وسائل الإعلام الروسية مهددة طوال الوقت في عدد كبير من الدول، لأنها تقدم صورا مختلفة عما يسعى أباطرة الإعلام في العالم زرعه في خيالات المشاهدين والقراء والمتابعين، ولأنها تابعة لأكثر الدول إثارة لقلق الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من قرن.

من جانبه، قال الكاتب الصحفي المصري أحمد أبو الدهب، إن الصادم في حادث اعتقال الصحفي الروسي في أوكرانيا وتوجيه الاتهامات له بهذه الطريقة، هو أن الدولة التي تقوم بهذا الأمر، دائما ما تتحدث عن نفسها باعتبارها واحدة من منابر الحريات في العالم، حتى أن الديمقراطية التي يتحدثون عنها أعادت لهم من أقصوه من الحكم سابقا.

وأوضح أبو الدهب، في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك"، أن الولايات المتحدة الأمريكية، وهي صديقة لأوكرانيا، دائما ما تتدخل في بعض الدول، وتتعلل في تدخلها هذا بأن هناك تعدي على الحريات، ومن بينها حرية الرأي والتعبير، ولكن عندما يكون التجاوز ضد وكالة أنباء روسية، فإنها تتقمص دور الغائب، ولا تعلق إلا بشكل إيجابي لصالح أوكرانيا.

وطالب الكاتب الصحفي المصري، بضرورة توجه روسيا إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وإثارة قضية اعتقال الصحفي كوريل فيشينسكي، واقتحام مقر إحدى وكالاتها الإعلامية، ليتحول الأمر من مجرد إجراء أمني في أوكرانيا، إلى قضية دولية تتعلق بالدفاع عن الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير، ودفاعا عن الصحافة في كافة أنحاء العالم.

وكانت المتحدثة الرسمية لوزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، دعت وزارة الخارجية الأمريكية إلى "عدم الانحناء" أمام السلطات أوكرانيا، بل المطالبة بالإفراج الفوري عن صحفي "ريا نوفوستي-أوكرانيا"، المحتجز من قبل إدارة أمن الدولة يوم الثلاثاء.

وكتبت زاخاروفا على صفحة "فيسبوك": "أناشد الزملاء في وزارة الخارجية: يجب عدم الرضوخ أمام السلطات الأوكرانية، التي فقدت أي تصور عن حقوق الإنسان، بل بصوت حازم، كما تفعلون مع الآخرين، المطالبة بالإفراج الفوري عن ممثلي الصحافة".

وكانت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأمريكية، هيذر نويرت، قد أعلنت في وقت سابق، أن احتجاز صحفي وكالة "ريا نوفوستي- أوكرانيا"، كيريل فيشينسكي، وتفتيش مكتب الوكالة، هي إجراءات جادة ويجب تنفيذها وفقا للقانون.

وأعلن المدير التنفيذي لمؤسسة "روسيا سيغودنيا" دميتري كيسيليوف، أنه يتعين على السلطات الأوكرانية إطلاق سراح فيشينسكي فورا، ووقف اضطهاد وسائل الإعلام.

من جانبها، ذكرت رئيسة تحرير وكالة الأنباء الدولية "روسيا سيغودنيا" وقناة "آر تي"، مارغريتا سيمونيان، أن ما حدث هو انتقام من طرف كييف على جسر القرم، وفي الوقت نفسه، أشارت إلى أن موارد وكالة "نوفوستي" في أوكرانيا غير مرتبطة قانونياً بـ "روسيا سيغودنيا" ، ولكنها [نوفوستي أوكرانيا] شريك معلوماتي للوكالة.

ووصفت الخارجية الروسية إجراءات كييف ضد وكالة "ريا نوفوستي — أوكرانيا" بالتعسفية ـ وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن إجراءات كييف ضد الصحفيين العاملين في "ريا نوفوستي — أوكرانيا" غير مقبولة.