من ناحيتها قالت أسيل مزاحم العيساوي، عضو مركز جنيف للتحكيم الدولي والتجاري، إن الحكومة العراقية لم تكن تضع حسابات الأمر ضمن أولوياتها، وأن كل دولة تبحث عن مصالحها، وهو ما فعلته تركيا، كما عدم حساب الأضرار المستقبلية أدى إلى الوضع الراهن.
وأضافت أن الشعب العراقي لن يصمت على مثل هذا الأمر، خاصة أن الأضرار التي ستقع على العراق ستؤثر بشكل كبير جدا.
وتابعت أن الأمر يتطلب تكوين خلية حل للأزمة تقوم بعملية التفاوض، ويمكن اللجوء للحلول الدبلوماسية، وأخرى تتعلق بالمقاطعة للمنتجات التركية. وأن الشعب العراقي الذي تحمل السنوات الماضية يمكنه أن يجتاز الأزمة وأن يبحث عن حلول جادة وسريعة مع استمرار الضغط على الحكومة.
من ناحيته قال كفاح محمود المحلل السياسي العراقي، إن الأمر لا يتعلق بالعراق وحده وأن مسألة السدود تهدد عدد من الدول في العالم، وأن أزمة السد التركي تعود إلى فترة حكم صدام حسين، وهدد وقتها بقصفه حال بنائه ما آل في النهاية إلى وقف العمل فيه، إلا أن الحكومة التركية بدأت العمل فيه منذ فترة.
وأضاف أنه بدون مباحثات ووضع حلول للأزمة ستكون الأضرار كارثية على العراق، وخاصة القطاع الزراعي الذي سيتأثر بشكل كبير، حيث يهدد جفاف نهر دجلة ونقص منسوبه إلى 50% يمكن أن يحول بعض المناطق إلى حقول قاحلة.
واستبعد تطور الخلاف بين الدولتين إلى التصعيد العسكري، وأن التفاهم والتفاوض الدبلوماسي سيسيطر على المشهد خلال الفترة المقبلة.
تهديدات بالقصف
في سبعينيات القرن الماضي بدأت تركيا العمل بخطة مشاريع الري وإنتاج الطاقة الهيدروليكية على دجلة والفرات فيما عرف لاحقا باسم "مشروع جنوب شرق الأناضول".
وفي الثمانينيات وسعت تركيا خطة المشروع ليتكون من 22 سدا و19 محطة لتوليد الطاقة، منها 14 سدا في حوض الفرات، وأهمها سد أتاتورك، و8 سدود في حوض دجلة وأهمها سد إليسو، ويمتد المشروع لمساحة تقدر بـ300 ألف ميل مربع عبر حوضي دجلة والفرات، إلا أن معظمها توقف في تلك الفترة.
في عهد صدام حسين هدد بقصف سد أتاتورك عام 1991 بعد الاحتجاجات العراقية والسورية الشديدة، حينما انتهت المرحلة الأولى من السد على نهر الفرات، وأغلقت تركيا النهر لمدة شهر لملء خزان السد، وأدى العمل بسد أتاتورك ومشاريع الري المنبثقة عنه إلى خفض تدفق نهر الفرات بمقدار الثلث تقريبا.
اتفاقيات دولية
في عام 1966، أقر مؤتمر هلسنكي، مبدأ ينفي الانتفاع بمياه الأنهار الدولية من قبل دولة واحدة، ما لم يكن هناك اتفاق بين دول الحوض النهري المعني في هذا الشأن.
أما لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة، فقد ذكرت، في العام، 1973 ما نصه أن "الدول المتشاطئة على النهر الدولي تستطيع استعمال المياه طبقا لحاجاتها شرط ألا يسبب هذا الاستعمال ضرراً للدول الأخرى المشتركة معها في هذا النهر".
وبالانتقال إلى توصيات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والذي عقد سنة 1992 الواردة في ما سمي إعلان "ريو"، فقد اعتمدت المبادئ الخاصة بالاتفاقيات الثنائية بخصوص الأنهار والمجاري المائية الدولية، وطالبت بأنْ يوضع في الاعتبار قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 49/52، المؤرخ في 1994، وهذه القوانين تماثل القواعد الاسترشادية التي وضعها اتحاد القانون الدولي من حيث توفير مبادئ أساسية يمكن تطبيقها على بعض أحواض النهر، وتمنح مجموعة القوانين الحديثة أفضلية واضحة لمبدأ الاستخدام "العادل والمنصف" على مبدأ الضرر الملموس.
وفي عام 1997، أعلنت واعتمدت اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية وصادقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1997 بتأييد 104 دولة، وعارضتها ثلاث دول هي تركيا والصين وبوروندي، وامتناع 26 دولة عن التصويت.
وتجدر الإشارة إلى أن سد إليسو تم افتتاحه في يناير/شباط 2018 وبدأ ملء خزانه المائي في 1يونيو/حزيران 2018، وأقيم السد على نهر دجلة بالقرب من قرية إليسو وعلى طول الحدود من محافظة ماردين وشرناق في تركيا.